أصدرت المحكمة الدستورية بمملكة البحرين يوم الأربعاء (25 يناير/ كانون الثاني 2017) حكمها في الدعوى الدستورية رقم (د/2016/1) بشأن الطعن بعدم دستورية المادة (36) من لائحة إجراءات التحكيم لدى مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية - دار القرار - والذي انتهت فيه إلى رفض تلك الدعوى مؤسسة حكمها على السلامة الإجرائية والصواب الموضوعي للنص الطعين من قواعد المركز، وما ارتبط به من نصوص أخرى وعدم مخالفتها لأي من قواعد دستور مملكة البحرين.
وإنه لمن المعلوم أن للقضاء الدستوري في أية دولة حجية مطلقة على جميع السلطات وعلى الكافة، فأحكامه ذات يقين قانوني تام ودائم لا تقبل التفسير أو التأويل من أية جهة كانت، كما تمتنع المجادلة فيها أو إعادة طرحها على القضاء الدستوري من جديد لمراجعتها، ولذا تنشر أحكامه في الجريدة الرسمية. وقد أكد موقف القضاء الدستوري بمملكة البحرين مجموعة من المبادئ أوجزها على النحو التالي:
1.أن المركز هو منظمة دولية إقليمية متخصصة نشأ مستقلاً عن دول مجلس التعاون الست.
2.أن نظام المركز يعتبر معاهدة دولية، وأن المعاهدات الدولية بعد استيفاء الإجراءات الدستورية المتطلبة لإبرامها والتصديق عليها ونشرها تكون لها قوة القانون.
3.أن إجراءات التحكيم أمام المركز يصح أن تصدر بلائحة عن الجهة التي حدّدتها المادة (28) من نظام المركز، وهي لجنة التعاون التجاري بمجلس التعاون لدول الخليج العربية والمشكلة من وزراء التجارة.
4.أن المركز لا تخضع أحكامه أو أي من إجراءاته للرقابة، لا بطريق الطعن ولا بطريق رفع دعوى مبتدأة بطلب بطلانه بمعرفة أية جهة قضائية في أية دولة من دول مجلس التعاون الست.
5.أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعني أن تعامل كافة الفئات على ما بينها من تمايز في المراكز القانونية معاملة متكافئة، فإذا كان ذلك، وكان المتحاكمون - أخذاً بالأصل في التحكيم - يتجهون بملء إرادتهم ومحض اختيارهم إلى اعتماد نظام خاص لفض ما بينهم من نزاعات خارج دائرة المحاكم، ووفقاً لشروط تكون محلاً لاتفاقهم، فإن مركزهم القانوني يضحى بالتالي مختلفاً عمن يلجأون إلى المحاكم.
6.يجوز للمشرع أن يغاير في التنظيم التشريعي لحق التقاضي، وتبني ما يراه مناسباً من تنظيمات بالنسبة إلى صنوف بعينها من المنازعات، وفقاً لما تتطلبه طبيعتها، من دون أن يكون في ذلك إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، طالما التزم المشرع بالضوابط الدستورية لمباشرة الحق في التقاضي.
وبذلك يتضح أن لقواعد التحكيم (النظام واللائحة) لدى المركز -دار القرار- وضعيتها الذاتية باعتبارها قواعد تطبقها منظمة دولية إقليمية متخصصة، وهي على هذا النحو قواعد خاصة واجبة الاحترام والنفاذ في النظام القانوني الوطني لكل دولة من الدول الست وفقاً للنصوص الدستورية الخاصة بكل منها، بل إن منها دولاً مثل مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، قرنت تطبيق نصوصها الدستورية ذاتها بعدم إخلال تلك النصوص الدستورية بما ارتبطت به الدولة مع الدول والهيئات والمنظمات الدولية من معاهدات واتفاقات.
كما أنها كذلك قواعد واجبة الإعمال والنفاذ بموجب ما صدر من أدوات تشريعية سيادية في كل دولة من الدول الست بالموافقة على نظام المركز. لتأتي والحال كذلك نصوص النظام الأساسي للمركز ولائحة الإجراءات الصادرة وفقاً له ذات وضعية شديدة التفرد وذات مجال إعمال خاص دونما ثمة تعارض أو تزاحم من أية قواعد محلية للتحكيم في أي دولة من الدول الست المتعاهدة، بالنظر إلى أن العمل بهذه القواعد المحلية في أي دولة منها مربوط من الناحية الدولية ورهين من الوجهة الدستورية ومقيد من الجانب القانوني بعدم الإخلال بأحكام ذلك النظام الأساسي.
إقرأ أيضا لـ "أحمد نجم النجم"العدد 5343 - الأحد 23 أبريل 2017م الموافق 26 رجب 1438هـ