تظاهر خمسون ألف شخص بمدينة كولونيا الألمانية أمس (السبت) احتجاجاً على انعقاد مؤتمر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المناهض للمهاجرين. وتمكن المتظاهرون من اليساريين وحزب الخضر ومنظمات مدنية من كسر الطوق الذي فرضته الشرطة على الطريق المؤدي إلى المؤتمر، كما حاول محتجون عرقلة وصول الساسة اليمينيين المتطرفين إلى المؤتمر، مما أدى إلى وقوع أعمال شغب مع الشرطة وإصابة فردين من قوات الأمن.
هذه التظاهرات لم تخرج من فراغ، ولكنها تعكس مشهداً متنامياً في أوروبا التي بدأت ترتفع فيها أصوات مناهضة للمهاجرين والإسلام وأصوات أخرى تريد أن تبقى أوروبا مدافعة عن قضايا حقوق الإنسان والتعددية تحت مظلة العدالة الاجتماعية.
أصوات اليمين في أوروبا بدأت تحث الناخبين على حذو الأميركيين والبريطانيين وأن يستيقظوا من سبات حكاية «حقوق الإنسان» في العام 2017، لأن الخطر يحدق بمصير الشعوب الأوروبية، ولذا فإن موضوع الاتحاد الأوروبي مع بريطانيا انتهى بخروجها مع العام الماضي. أيضاً بحسب - زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان - وصفت تأثير خروج بريطانيا بـ «الدومينو».
وفي قراءة لكل ما يطرح اليوم في المشهد الأوروبي فهو من دون شك كلام يناقض المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي، فهناك اليمين المتطرف والرموز الشعوبية مثل الهولندي خيرت فيلدرس وزعماء آخرون من النمسا وبولندا والتشيك وألمانيا، جميعهم يجتمعون تحت شعار «الحرية لأوروبا» بهدف تعزيز العلاقات بين أحزابهم التي أعاقت نزعاتها القومية التعاون الوثيق بينها في الماضي. كما بدا العالم الغربي بأنظمته ومؤسساته على شفير الانهيار نتيجة عوامل عديدة كشف عنها تقرير لمؤتمر ميونيخ الدولي للأمن (فبراير/ شباط 2017)، من بينها ضعف تماسك الاتحاد الأوروبي، وخروج بريطانيا، وصعود القوى الشعبوية، وتداعيات انتخاب ترامب، والفشل بحل الأزمة السورية، وصعود روسيا.
لقد حذر التقرير الذي تم الإعلان عنه في موازة الدورة السنوية الـ 53 لمؤتمر ميونيخ في فبراير الماضي، بحضور ثلاثين دولة، من انهيار أوروبا والولايات المتحدة تأثراً بظهور أنظمة معادية للديمقراطية، وحملات المعلومات الزائفة، وانتشار التيارات اليمينية الشعبوية.
وقال التقرير الذي أعدته مجموعة من المراكز الاستراتيجية الغربية المؤثرة، إن الغرب الممثل بمؤسساته العالمية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأنظمته الديمقراطية، والتجارة الحرة، والتصورات الليبرالية المنفتحة لشعوبه بات بمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية الراهنة مهدداً في وجوده وعلى شفير الانهيار.
وقد يكون العام 2017 مماثلاً للعام 1989 عندما سقط جدار برلين، والعام 1945 الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية. كما أن هشاشة الأمن الدولي بشكل غير مسبوق قد يدفع العالم بالخطوة السابقة لانهيار النظام الديمقراطي في الغرب، وهو ما قد يثلج صدر الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية التي تكتظ بها الحروب والنزاعات العرقية والطائفية وصولاً الى انتهاكات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب. وقد يكون نذير شؤم حول القيم الليبرالية في العالم وتعزيز محلها ممارسات العنصرية وثقافة الكراهية، وخاصة بعد فشل الغرب في سورية وغض الطرف عن الأزمة الإنسانية التي صاحبت الملف السوري من قتل وتشريد.
أيضاً حالة السخط المنتشرة في المنطقة العربية وتحوُّل الكثير إلى العنف المسلح وتنامي الراديكالية في أوساط الشباب العاطل جميعها تشكل تحديات لأوروبا وقلقاً لشعوبها مع تفاقم الأزمات في ظل غياب الحلول، قد أدى إلى تنامي حالة انعدام الثقة في داخل أوروبا واستغلال مخاوف الشعوب الغربية من الهجرة والإسلام لتحقيق مكاسب سياسية جديدة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 5342 - السبت 22 أبريل 2017م الموافق 25 رجب 1438هـ
لان المهاجرين سببو الكثير من المشاكل في اوربا
لكن اوربا لا زالت تستقبلهم بدواعي حقوق الانسان