عبّر مدير المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي عضو مجلس الشورى منصور محمد سرحان عن سعادته البالغة بافتتاح المكتبة الخليفية بالمحرق بعد إعادة تجديدها وتحديثها من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار، مؤكدا " أن قرار إعادة إحياء المكتبة الخليفية الضاربة في عمق التاريخ، يمثل نقلة نوعية في المشهد الثقافي، والابداعي في البحرين، حيث قدمت هذه المكتبة خدمات ثقافية على مدى تسع سنوات متواصلة، أي في الفترة من عام 1954 وحتى 1962م".
واستعرض سرحان التحول الزمني والتاريخي لمكتبة الخليفية بين عامي 1954 و2017 ، مؤكدا ان المكتبة الخليفية كانت موجودة حتى عام 1962، وربما أغلقت بعد ذلك العام أما كتبها فكان مصيرها الضياع على الرغم من تحويل بعضها إلى رعاية الطفولة والأمومة.
وفي معرض عرضه التاريخي قال سرحان "اجتمع في بداية عام 1954م مجموعة من شباب آل خليفة الذين كانوا يقطنون مدينة المحرق آنذاك، وكان من بينهم سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، والشيخ دعيج بن علي آل خليفة، والشيخ عمر بن عبدالعزيز آل خليفة وغيرهم من شباب آل خليفة الذين نالوا قسطا من العلم والمعرفة، وقرروا أثناء اجتماعهم تأسيس ناد بالمحرق يجمعهم ويكون مفتوحا لجميع الأهالي، حيث تقدمت تلك المجموعة من الشباب بطلب تأسيس النادي إلى صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وقابلته بخصوص أخذ موافقته على تأسيس النادي إلا أن عظمته أشار عليهم تبني تأسيس مكتبة تقدم خدمات ثقافية لجميع سكان جزيرة المحرق وبقية المواطنين الذين يرغبون في زيارتها من مختلف مناطق البحرين، وأبلغهم بأن هناك ناد بالمحرق وأن الحاجة إلى وجود مكتبة أصبح أمرا ضروريا ليقضي الأهالي أوقات فراغهم فيها، بما يعود عليهم بالنفع من خلال القراءة والاطلاع، وتصفح الجرائد المحلية أو تلك التي يتم جلبها من الخارج".
وتابع منصور سرحان سرده التاريخي للوقائع بقوله " أدركت تلك المجموعة المثقفة من شباب آل خليفة أهمية ووجاهة اقتراح صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البلاد، ووجدوا أن الاهتمام بالثقافة ونشرها ينطلق من المكتبة وليس النادي، بخاصة وأنهم شاهدوا افتتاح مكتبة عامة بمدينة المنامة في عام 1946م، وكان أهالي المحرق يترددون عليها على الرغم من صعوبة المواصلات في تلك الفترة".
وأضاف " وجد صاحب العظمة حاكم البلاد تفهم المجموعة وتحمسهم لفكرة افتتاح مكتبة بالمحرق، فتبرع في الحال بمقر المكتبة وهو عبارة عن مبنى مكون من غرفتين متلاصقتين ترتبطان برواق مفتوح، ويقع المبنى مقابل مسجد الشيخ حمد بسوق المحرق. كما ساهم بالمال لشراء طاولات وكراسي وخزائن لعرض الكتب عليها، وخصصت إحدى الغرف للكتب والغرفة الأخرى للدوريات والصحف وجهاز التلفاز الذي كان يستقبل محطة أرامكو بالظهران من المملكة العربية السعودية، حيث كان المترددون على المكتبة يقضون جل وقتهم في هذه الغرفة، وعهد إلى سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئاسة المكتبة، وعين الشيخ عمر بن عبدالعزيز آل خليفة سكرتيرا. ومن أعضاء إدارة المكتبة الخليفية الشيخ دعيج بن علي آل خليفة والشيخ سلمان بن علي آل خليفة".
وتحدث سرحان عن أهمية المكتبة بقوله " نظرا لكونها مكتبة فتية فقد تبرع الأعضاء بالكتب وأدى ذلك إلى ملء رفوف الغرفة المخصصة للكتب، ومنذ افتتاحها أخذ أهالي المحرق بالتردد عليها وكان لقربها من مسجد الشيخ حمد أثره الكبير في زيادة الإقبال على استخدامها خاصة قبل وبعد صلاة العصر وحتى المساء. وفي عام 1960 نقل الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المكتبة ومؤسسها للعمل بالبلدية فتأثرت المكتبة وقل نشاطها، ويبدو أن المكتبة الخليفية قد أغلقت بعد عام 1962م، حيث يذكر الشاعر أحمد محمد آل خليفة في ديوانه (هجير وسراب) في قصيدته (شروق المجد) عبارة تؤرخ إلقاء تلك القصيدة، وتقدم لنا معلومة موثقة عن المكتبة الخليفية وذلك وفق النص التالي الذي كتبه في مقدمة القصيدة "ألقيت في الحفلة التكريمية التي أقامها اتحاد الأندية الوطنية بالاشتراك مع المكتبة الخليفية في اليوم الثالث بعيد الجلوس الأول لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عام 1962م، يتضح لنا من هذه العبارة الموثقة أن المكتبة الخليفية كانت موجودة حتى عام 1962م، وربما أغلقت بعد ذلك العام أما كتبها فكان مصيرها الضياع على الرغم من تحويل بعضها إلى رعاية الطفولة والأمومة".
ومن منحى آخرا أشاد مدير المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي عضو مجلس الشورى منصور محمد سرحان بإعادة المكتبة لحيث الوجود قائلاً " لقد أحسنت حكومتنا الرشيدة صنعا بإعادة إحياء هذه المكتبة من جديد باعتبارها معلما من معالم البحرين الثقافية، فقد قدمت هذه المكتبة خدمات ثقافية على مدى تسع سنوات متواصلة، أي في الفترة من عام 1954م وحتى نهاية عام 1962م. وها هي اليوم يعاد افتتاحها في موقعها من جديد بعد تغيب استمر 55 سنة ، وفق خطة هيئة البحرين للثقافة والآثار والتي تولي المباني القديمة ذات البعد الثقافي اهتمامها الخاص. فقد تمت إعادة تشييد المبنى من جديد وفق تصميم هندسي يجسد الطابع القديم، ويتكون من ثلاثة أدوار مع وجود شرفات أعطت المظهر الخارجي للمكتبة بعدا هندسيا رائعا، إذ كان دور سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة في تأسيس المكتبة الخليفية في عام 1954م واضحا من خلال ترأسه المكتبة والإشراف على خدماتها . وكذلك كان دوره في إعادة تأسيسها من جديد في غاية الأهمية".
وتابع "وهنا لابد لي من أن أذكر بعد نظر سمو الشيخ عبدالله حول المكتبة الخليفية باعتباري شاهد على عصره. ففي 18 ديسمبر من عام 2008م تم افتتاح مركز عيسى الثقافي ومكتبته الوطنية من قبل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وحدث أن قام سمو الشيخ عبدالله قبل افتتاح المكتبة ببضعة أشهر بإهداء المكتبة الوطنية مكتبته الخاصة التي ضمت آلاف الكتب والمراجع والدوريات. وقد أبلغت سموه بأن هناك الكثير من النسخ المكررة والتي تبلغ زهاء ألفي مجلد، وأنني أرى عرضها جميعا في المكان المخصص لمكتبة الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بالمكتبة الوطنية نظرا لأهميتها وندرتها، كان جواب سموه مغاير لما كنت أظنه حيث قال "احتفظ بالنسخ المكررة في مخازن المكتبة الوطنية، وإنني متأكد طال الزمان أم قصر أن المكتبة الخليفية سيعاد تأسيسها من جديد باعتبارها من معالم البحرين الثقافية العريقة، وحينها يتوجب عليكم نقلها إلى المكتبة الخليفية".
لقد تحققت رؤيته بإعادة افتتاحها من جديد، وستكون إضافة نوعية تساهم في نشر الوعي الثقافي في مملكة البحرين العزيزة.