قال أحد الزملاء العرب بأنه قلَّما استفزَّه قلم أو رأي من الخليج، وأنه يرى في بلد صغير مثل البحرين نقطة ضوء في خليج قاتم لا يهتم سوى بالرفاهية والاستهلاك وشراء الذمم. هذه إحدى الصور النمطية التي قد تكون ظالمة في جوانب منها.
نرى أيضاً صورة نمطية أخرى، ذكرها زميل آخر عندما وصف - مع صديقه - بلداناً عربية أخرى، بأوصاف لا تخلو من العنصرية والوصف البذيء الذي يطعن في العرض والأخلاق، كما وصف آخرين بالاحتيال وغيرهم بالتخلف.
مناسبة هذا الحديث أنه مازالت للأسف هذه الأوصاف تقال بين وقت لآخر، وهي تعكس حجم النظرة العنصرية بين عربي لآخر، من حيث إطلاق المسميات التي تقلل من شأن الشخص؛ بل وفي كثير من الأحيان تكون جارحة سواء لعربي قادم من المشرق وآخر من المغرب.
وقد كتب الكاتب اللبناني أسعد خليل في صحيفة الأخبار اللبنانية (8 أبريل/ نيسان 2017) مقالاً يعكس هذا الكلام، معلقاً: «التواصل بين أهل المشرق وأهل الخليج لم يكن يوماً سويّاً أو رائقاً. والمشرق العربي عموماً عانى ويعاني من عقدة تفوّق ضد العرب في الخليج والمغرب: فأهل الخليج متهمون بسلالاتهم وبداوتهم (المزعومة) وأهل المغرب متهمون بقلّة عروبتهم. وحتى الزمن القومي العربي لم يُنصف أهل «الخليج أو المحيط «على رغم الشعارات الرنّانة».
وأضاف الكاتب اللبناني «التواصل مع أهل الخليج صعبٌ بصورة خاصّة؛ لأن هناك تنميطات قبيحة وتعميمات غير علميّة يحملها أهل المشرق العربي عن أهل الخليج». وقد ذكر في هذا السياق كيفية التعامل مع صورة نشرت لدبلوماسي وهو يفرك أصابع قدمه بيديه. وهي للأسف عادة تثير الاشمئزاز، وقد تم استغلال هذه الصورة في تنميط وتعميم أهل الخليج بهذه الخاصية.
ولأن الحديث في هذا الجانب هو حديث حساس؛ لكنه واقع ماثل في المشهد العربي ولا يمكن إنكاره. وهو ما جعل البعض يضرب مثلاً في العربي في ضعفه وتحقيره لنفسه. إلا أن هذا العربي قد فاجأ نفسه والعالم في نهاية العام 2010 مع ثورة تونس، وثورة مصر مع بداية العام 2011، إذ فاجأت الثورة التونسية الناس بمن فيهم العرب أنفسهم، وتبيَّن أن العرب لا يختلفون عن الشعوب الأخرى. على رغم أنه وعبر السنوات تطورت صورة نمطية عن العرب خاصة على المستوى العالمي، وهي صورة قبيحة إجمالاً مليئة بالاستهزاء.
صحيح أن هناك من تحدث عن العرب بروح المودة، لكن أغلب المهتمين بشأن المنطقة العربية انطلقوا من صورة بشعة لا تحتوي على احترام للعرب، حتى تكرست صور التذمر والشكوى الدائمة أمام الآخر، والبحث عن حلول واهية لا تقدم ولا تؤخر، فيعرف العربي بأنه انتهازي، خائن، مبذر للأموال، يبحث عن النساء وأخيراً إرهابي قاتل لا يحب أحداً.
واليوم لم تعد التحليلات والتعليقات الإعلامية ذات سمة استهزائية مثلما كانت، بل انقلبت إلى عكس ذلك، وأخذ المعنيون يهتمون بالانعكاسات المستقبلية على دول المنطقة العربية، وبقي الاستهزاء يدور في دائرة العرب بينهم وبين بعضهم من دون اكتراث.
ولعل الوسيلة الوحيدة لمحو هذه الصور النمطية هي انفتاح العرب على بعضهم البعض، والتعلم على احترام التنوع الثقافي والنظر إلى الآخر بناء على ثقافته واحترامها.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 5335 - السبت 15 أبريل 2017م الموافق 18 رجب 1438هـ
يمكن نتقارب بس بعد خمسين سنة
هذه النظرة بين العرب لايمكن ان تتلاشى بين ليلة وضحاها وماهذه النظرات المتعاكسة بين المشرق والمغرب الا حقيقة في بعض من حيثياتها ولايمكن انكارها.وقد كتب الكثير عن هذه الظاهرة منهم الدكتور القصيبي في كتابه ازمة الخليج-....