في السفحِ نجومٌ خابية .. وهناكَ نجومٌ في القمة تتلألأ في أفقِ الدنيا.. وتجددُ أمجادَ الأمة، المرأةْ .. صناعُ الخيرِ .. صناعُ الفنِ .. ذوي الهمة الفكرةْ .. صناعُ الشرِ .. الحدثُ المشرقُ في الظلمة.. الحربُ.. التاريخُ.. الإنسان من كل أولئك ما يعلو ليُخلَد نجماً في القمة.
مقدمة برنامج نجوم القمة، إذاعة الكويت الكاتب: السيد عامر، العملية الإستشهادية تصنع نجماً...
في التاسع من هذا الشهر أبريل/ نيسان حلّت الذكرى الثانية والثلاثون للعملية الاستشهادية التي نفذتها الفتاة العربية سناء محيدلي، وهى ضمن سلسلة عمليات استشهادية إبان فترة الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في الفترة من يونيو/ حزيران 1982 حتى التحرير في مايو/ أيار 2000. الشهيدة سناء يوسف محيدلي من مواليد 14 أغسطس 1968، بلدة عنقون بقضاء صيدا في جنوب لبنان، ومن كوادر الحزب السوري القومي الإجتماعي، وهى أول فتاة استشهادية في لبنان.
نعود بالذاكرة اثنين وثلاثين عاماً للوراء، ففي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلثاء 9 أبريل 1985، انطلقت الفتاة سناء ذات السبعة عشر ربيعاً بسيارتها بمنطقة باتر- جزين بجنوب لبنان، باتجاه قافلة من جنود الإحتلال الإسرائيلي، واجتازت حاجزاً حديدياً وفجّرت السيارة بالقافلة. الناطق العسكري الإسرائيلي اعترف بالعملية وقال إن ضابطين من الجيش الإسرائيلي قُتلا من جراء العملية، إضافةً إلى جرح جنديين. من جهتها جبهة المقاومة الوطنية، إحدى المنظمات المقاومة للإحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، أصدرت بياناً قالت فيه إن إحدى مناضلاتنا الشهيدة سناء محيدلي قامت بعملية استشهادية استهدفت تجمعاً لقوات العدو على طريق باتر- جزين، وقد أوقعت العملية خسائر في صفوف العدو تُقدر بنحو 50 بين قتيل وجريح.
في وصيتها التي بُثت عبر تلفزيون لبنان مساء اليوم الذي نفذت فيه سناء عمليتها الاستشهادية، قالت سناء: «أنا الشهيدة سناء يوسف محيدلي عمري 17 سنة، من جنوب لبنان المحتل، لبنان المحتل المقهور، من الجنوب المقاوم الثائر، أنا من جنوب الشهداء... جنوب عبدالله الجيزي، حسن درويش، نزيه القبرصلي، من جنوب بلال فحص وأخيراً وليس آخراً جنوب الشهيد وجدي الصائغ». وفي وصيتها التي كتبتها بخط يدها جاء فيها: «أحبائي إن الحياة وقفة عز، أنا لم أمت بل حية بينكم... أنتقل... أغني...». وأضافت: «أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيها من دمي وحبي لها».
وتختتم الشهيدة سناء محيدلي وصيتها: «وصيتي تسميتي عروس الجنوب». ونقول للشهيدة سناء: ناميِ بسلام. لكِ المجد والخلود، فأنتِ فعلاً مزروعة في تراب الجنوب ومعكِ كوكبة من الشهداء، فأنتم من رددتم مع الفنانة جوليا بطرس: «نرفض نحنه نموت»، واليوم الجنوب ينعم بالهدوء بفضل تضحياتكم، والمواطن ينعم بالأمان في أرضه وفي حقله، بعد أن كان ولفترات طويلة، مسرحاً لإعتداءات جنود الجيش الاِحتلال الإسرائيلي وكل ذلك بفضل دماء الشهداء وصمود الأهالي في أرضهم. ومن يزور جنوب لبنان اليوم يلحظ الفرح في عيون الناس والإمتنان للشهداء وكل من ضحى من أجل الكرامة، ممن أعطوا الدرس لمن يريد أن يستوعب الدرس، أن إسرائيل ممكن أن تُهزم متى ما وُجِدت الإرادة.
إقرأ أيضا لـ "مهدي مطر"العدد 5332 - الأربعاء 12 أبريل 2017م الموافق 15 رجب 1438هـ