سؤال قصير طرحه أحد موظفي القطاع الخاص على مسئوله المباشر في المؤسسة التي يعمل فيها، متطلعا إلى الجواب.
وطبيعي أن يجيب المسئول على هذا السؤال بأن «المصارحة» أفضل من «المجاملة»، على رغم أن «المصارحة» مُرة المذاق في كثير من الأحيان... ما أتاح الفرصة للموظف لابداء رأيه «الصريح» بالنسبة لعدة أمور، من أهمها وأبرزها وجود شيء لا يستهان به من «التفضيل» الذي قد يصل إلى درجة «التحيز» و«التمييز» الذي يتحتم علاجه قدر الامكان، وبأسرع ما يمكن.
فهو يعرف جيدا أن «التمييز» من ألد أعداء المسئول الأول في تلك المؤسسة، وأن «العدالة» لديه «مبدأ» لا يمكن التراجع عنه مهما كلف الأمر، هذا بالنسبة للحياة عامة، على اتساع رقعتها، فكيف إذا كان الأمر متعلقا بمؤسسته التي هي أغلى عنده من كل شيء، والتي عمل من أجلها حتى صارت واقعا ملموسا تؤتي أكلها وتؤدي دورها على أكمل وجه.
إنه يعلم أن «التمييز» يقتل الطموح...
و«التمييز» يقضي على التنافس المحمود...
و«التمييز» يشل الإرادة...
و«التمييز» يقزِّم العطاء في مجال العمل وغيره...
و«التمييز» يؤغر الصدور، صدور الموظفين فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين مؤسستهم من جهة أخرى...
و«التمييز» فوق ذلك يهدم جدار المودة والحب، ليحل محله جدار الشحناء والبغض...
هذا ما يتعلق بمؤسسات المجتمع، صغرت أو كبرت، فما بالك بالمؤسسة الكبرى التي ينتمي إليها الفرد وأعني بها (الوطن) حين يكون «التمييز» فيه هو القاعدة و«العدل» هو الاستثناء.
أليس متوقعا إزاء هذه الظاهرة الخطيرة أن ينقلب الإخوة إلى أعداء؟
ويستحيل الوطن إلى «غابة»؟
ويتحول بعض البشر إلى وحوش كاسرة؟
فهل يعي المسئولون في وطني خطورة ذلك على المدى البعيد؟
ما أروع أن نأخذ الدرس من قرآننا الكريم الذي خاطب الجميع قائلا: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان...» (النحل: 90)
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 533 - الجمعة 20 فبراير 2004م الموافق 28 ذي الحجة 1424هـ