تطرقنا في مقال السبت 14 فبراير/ شباط الجاري وتحت عنوان «أين المشاركة الشعبية في مقترح الإسكان لتنفيذ مكرمة البيوت الآيلة إلى السقوط» وتناولنا المبادئ الرئيسية للبرنامج، الذي تم عرضه من قبل وزارة الأشغال والإسكان، وكذلك عن ماهية اللجنة التي أشير إليها باسم (لجنة تأهيل المساكن القديمة والبيوت الآيلة إلى السقوط) ومخالفتها سياسات الدولة العامة وخطابات جلالة الملك حفظه الله ومخالفتها لدستور 2002م وقانون البلديات رقم (35) لسنة 2001م.
وكذلك تطرقنا إلى رئاسة اللجنة من الناحية البروتوكولية وعدد أعضاء اللجنة، وكذلك آلية اتخاذ القرار في اللجنة... وخلصنا إلى القول بأنه وبحسب مقترح وزارة الأشغال والإسكان فإن المجالس البلدية دورها استشاري، أو تستخدم هذه المجالس بمثابة بوابة للعبور إلى المشروع الذي يدار من قبل وزارة الأشغال والإسكان (وهي الكل في الكل) والجالسة في الظل في حين تواجه المجالس البلدية أشعة الشمس، من نقد جماهيري وصحافي وسخط شعبي! وفي هذا المقال نحاول تسليط الضوء على أجزاء أخرى من (المقترح) المقدم من وزارة الأشغال والإسكان لا تقل أهمية عما تناولناه في المقال السابق، وهذه المهمات هي: مهمات المجالس البلدية ومهمات فريق تأهيل المساكن (وزارة الأشغال والإسكان) والمقسمة على مرحلتين الأولى الإعداد والثانية التنفيذ.
مهمات فريق تأهيل المساكن (وزارة الأشغال والإسكان)
مهمات مرحلة الإعداد
1- إعداد الهيكل التنفيذي وخطة عمل البرنامج. وكان من المفترض - على أقل التقدير - أن تكون الجهة المشرفة على المشروع (المجالس البلدية) هي من تضع الهيكل التنفيذي وخطة عمل البرنامج أو تساهم في ذلك. فالمادة (19) الفقرة (ن) من قانون البلديات رقم (35) لسنة 2001م والتي نصت على: «الاشتراك مع الجهات المختصة في دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة ومخططات المناطق التفصيلية» وكذلك اللائحة التنفيذية لقانون البلديات المادة (13)/(ح) تؤكد ذلك؛ وبما أن المجالس البلدية تشرف على المشروع وتتحمل تبعاته وبالتالي فلا يعقل أنها لا تشارك في إعداد البرنامج مع وزارة الأشغال والإسكان! وبما أنها ذات علاقة وثيقة بالمشروع -من حيث توجيه جلالة الملك - وكما رسم لها المشرع اختصاصا أصيلا تنفرد به وحدهـــا وذلك في المـادة (19)/(ك) التي نصت على: «تقرير المنفعة العامة في مجال المشروعات البلدية وفقا للأوضاع التي يقررها قانون استملاك الأراضي للمنفعة العامة» وذلك على اعتبار أن مكرمة البيوت الآيلة إلى السقوط من مشروعات البلدية، بحسب الأمر السامي، فتدخل في نطاق المادة المذكورة... وجاءت اللائحة التنفيذية مؤكدة وموضحة هذا الأمر في المادة (13)/(ز) والمادة (18) من اللائحة نصت على ذلك، وفي المادة (34) من اللائحة التنفيذية، والخاصة بمهمات واختصاصات مدير عام البلدية، وفي الفقرة (و) «اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على صحة السكان وسلامتهم في حدود اختصاصات البلدية بعد موافقة المجلس البلدي وعليه بوجه خاص القيام بما يأتي:
«متابعة التفتيش على المباني القديمة واصدار ما يلزم من قرارات بشأن ما يكون آيلا إلى السقوط منها أو ترميمها وإصلاحها طبقا للقوانين واللوائح المعمول بها» هذه المادة تبين بجلاء عمل مديري الأجهزة التنفيذية في البلديات، فلماذا استثنتهم وزارة الأشغال والإسكان؟!
2- إعداد المعايير الفنية للمساكن. نصت المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات على: «يتولى المجلس البلدي في كل بلدية، ووفقا لأحكام قانون البلديات، إصدار اللوائح والقرارات والأوامر والتوصيات اللازمة لحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي الواقعة في نطاق اختصاص البلدية... كما يتولى المجلس البلدي الرقابة على المرافق العامة سالفة الذكر والإشراف على مختلف الأعمال المرتبطة بها والتي تدخل في اختصاصه». لا تعليق. وأيضا نصت المادة (30) من اللائحة التنفيذية على: «يجوز دعوة مديري الإدارات البلدية أو الجهات الحكومية المختصة أو رؤساء الهيئات والمؤسسات العامة أو غيرها من الجهات ذات الشأن في المسائل المعروضة على المجلس أو لجانه حضور اجتماعات المجلس أو لجانه لتقديم المعلومات اللازمة أو للإدلاء بآرائهم الفنية من دون أن يكون لهم صوت معدود في حساب نصاب الحضور أو في المداولات». وعلى ذلك، فالطلب يقدم من المجالس البلدية إلى الجهات التي عليها واجب التنفيذ، فتطلب المجالس البلدية المستشارين القانونيين والمهندسين الفنيين والباحثين الاجتماعيين من وزارات وإدارات وأجهزة الدولة المختلفة.
3 - المساهمة في إعداد: معايير استحقاق الأسر، قائمة البيانات الخاصة بالأسر المستحقة، تصميم قاعدة بيانات الأسر المستحقة والمساكن التابعة للمجالس البلدية. والسؤال إذا كان فريق الإسكان هو من سيقوم بتلك المهمات. فالمشروع من الإسكان ولا دخل للمجالس فيه! وإذا كان فريق الإسكان من سيقوم بهذه الأعمال، فلماذا تقوم المجالس البلدية بالعمل ذاته مرة أخرى؟!
مهمات المجالس البلدية
ثم نأتي إلى المهمات المقترحة من الإسكان لعمل المجالس البلدية... وهل تبقى لها من مهمات يا سعادة الوكيل؟ يجيب سعادته بنعم! انظروا ما هي تلك المهمات، مكررة وتقوم بها أكثر من جهة والأدهى من ذلك أن وزارة الأشغال والإسكان (قلبت الآية) بحيث أصبحت هي من تراقب المجالس البلدية وليس العكس!!
والمهمات هي:إعداد معايير الاستحقاق المبدئية... المبدئية فقط، القيام بمسوحات التقييم العاجلة والشاملة، إعداد وتحديث قاعدة البيانات المسحية، توفير قائمة الأسر المستحقة وبياناتها، بحسب حاجة لجنة تأهيل المساكن والبيوت الآيلة إلى السقوط، نكرر بحسب حاجة اللجنة التي يرأسها سعادة الوكيل المساعد للإسكان والرؤساء الخمسة مجرد أعضاء فيها! ولحد الآن لا أحد يعلم كم عدد الأعضاء الآخرين؟ أو كيفية اتخاذ اللجنة قراراتها؟ وهل أصوات بقية أعضاء اللجنة معدودة في التصويت أم لا؟ كل ذلك يعتبر من أسرار الدولة العليا؟!وباقي المهمات لا تعليق عليها!
إن إعطاء المجالس البلدية الدور الرئيسي في المكرمة الملكية إنما تأكيد من جلالة الملك لثقته في إدارة المجالس لهذه المكرمة الكبيرة، وكذلك لتأكيد اهتمامه الشخصي بمشروعه الخاص، مشروع المجالس البلدية... ولذلك يبقى على المسئولين في كل الوزارات والجهات التعاون التام مع المجالس البلدية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى على المجالس البلدية أن تتعامل مع من لا يتعاون معها بالوسائل المختلفة، فالقانون حدد آلية الفصل في أية واقعة، فهناك نزاع إداري يفصل فيه القضاء الإداري ونزاع دستوري تفصل فيه المحكمة الدستورية، وكذلك على المجالس البلدية أن تعي دورها وخطورة المرحلة الحالية من حيث تأسيس أعراف جيدة وأرضية صلبة للعمل البلدي، وإثبات الوجود للمجالس البلدية الشعبية المنتخبة، وما دام الملك معكم، فأعملوا بأريحية وطمأنينة كما فهمتم أنتم القانون.
نتمنى نجاح المشروع الخاص بالبيوت الآيلة إلى السقوط، وذلك النجاح لن يتم إلا وفق آليات وأدوار واضحة ومهمات ومسئوليات محددة، فالمواطنون ستقع بيوتهم على رؤوسهم، ونحن مازلنا لم نتفق على حمايتهم من هذه الكوارث والنكبات!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 532 - الخميس 19 فبراير 2004م الموافق 27 ذي الحجة 1424هـ