كانا يمرحان بالماء المتطاير وينشران رائحة العفن بحركات دائرية تتسع أكثر فأكثر، لم يشعرا أبداً بأطنان الضفادع المتعفنة، كانت سوار تقول له: "حاسس أنو الميا هنا شكل غير" ويجيبها مبتسماً "ريحة بتاخذ العقل... بس لما تكوني معايا يصير كلو حلو"، كانا مقززين ووسخين وهما يمرحان فوق ملمس الجثث المريحة، وكأن الموت أصبح إسفنجاً ناعماً يشعرهما بالسلام ويطرد عن أصابع أرجلهما ذلك الفراغ اللامجدي، تعانقا وتشابكت أيديهما وغنيا بشجن مريح "واق واق واق..." أغنية المستنقع الأسطورية، أخبرَته بصوت دافئ أنها تشرب القهوة بلا سكر وأنها أحبت بقدر يكفيها ألاّ تحب ثانية ثم شحبت مردفة بحزن بأن الحياة ظلمتها كثيراً، لكنه كان ذكياً حينما أعطاها التأويل الذي كانت تنتظره دائماً، أخبرها أن قهوتها السادة تعني أنها مدللة وأن اكتفاءها من الحب يعني أنها تحب الجلوس لوحدها، وَنَهَرَها مستنكراً تشاؤمها وهمس في أذنها الصغيرة حبه لها، لكنها كانت مصممة في حزنها المفاجئ وكأنها تخفي سراً ما، سرعان ما انفجرت باكية" كلهم هنا... كل عائلتي صاروا عفناً لهذا المستنقع"، تذكّر حينها هو أيضاً رائحة ابنته النتنة وموقعها في قلبه فانفجر ضاحكاً بجنون على غير العادة ثم طفرت منه دمعتان أغرقتهما حزناً وقهراً، وهكذا اختفيا للأبد تحت البحيرة، كانت الضفدعة سواراً تعاتبه عل الدمعتين وهو يعاتبها على حزنها الأهبل المقزز.