توقع محللون نفطيون استمرار التقلبات والتذبذبات السعرية خلال الأسبوع الجاري بعد أن اختتمت السوق تعاملات الأسبوع الماضي على مكاسب محدودة بدعم من تراجع المخزونات لأول مرة منذ عدة أسابيع وانخفاض مستويات الدولار الأميركي، وذلك وفقاً لصحيفة الاقتصادية السعودية.
واستفادت السوق نسبيا من المضي قدما في تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بالتعاون بين منظمة أوبك و"المستقلين" وتعززت حالة التفاؤل في السوق مع صدور تلميحات من المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والثروة المعدنية بترجيح احتمالية مد العمل باتفاق خفض الإنتاج إلى ما بعد حزيران/ يونيو المقبل إذا استمر مستوى المخزونات مرتفعا.
وقال لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، "إن الأسبوع الماضي شهد زيادة الآمال والتوقعات بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج لاستمرار مساعدة الأسعار على التعافي خاصة مع تصريحات وزير الطاقة السعودي بعدم استبعاد هذا الأمر إذا ظلت مستويات المخزونات مرتفعة"، لافتا إلى أن "أوبك" ما زالت متمسكة برؤية تفاؤلية للسوق ترى أن تراجع الإمدادات سيقود إلى تقلص المخزونات بحلول النصف الثاني من العام الجاري.
وأضاف جانييك أن "الخسائر السعرية في الأسبوعين الأخيرين وصلت إلى أكثر من 9 في المائة وعلى الرغم من ذلك ما زال منتجو النفط الصخري يواصلون إنتاجهم المتسارع، وأضافوا في الأسبوع الأخير نحو 14 حفارا نفطيا كما من المتوقع وفق بيانات أميركية أن يسجل الإنتاج الأمريكي في الشهر المقبل أعلى زيادة شهرية في ستة أشهر وأن يصل المعروض من النفط الصخري إلى قرابة خمسة ملايين برميل يوميا".
وتوقع جانييك أن يشهد الأسبوع الجاري في الأغلب استمرارا للتقلبات السعرية مع تزايد احتمالات تسجيل مستويات سعرية منخفضة خاصة إذا جاءت بيانات المخزونات مرتفعة وعوض الدولار الأميركي بعضا من خسائره السابقة، متوقعا أنه في المقابل ستتلقى الأسعار دعما نسبيا من نتائج اجتماع خبراء "أوبك" الفنيين لتقييم الشهر الثالث من عمر الاتفاقية.
من جانبه، يقول سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، "إن العطلة الأسبوعية في الأسبوع الجاري ستشهد عقد اجتماع مهم لوزراء الدول الخمس الأعضاء في لجنة مراقبة اتفاقية خفض الإنتاج في الكويت برئاسة وزير الطاقة الكويتي عصام المرزوق ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك إلى جانب مشاركة وزراء الطاقة في فنزويلا والجزائر وسلطنة عمان".
وتوقع شيميل ألا يقتصر الاجتماع على استعراض التقدم في التزام الدول الأعضاء في الاتفاقية بحصص خفض الإنتاج بل على الأرجح أيضا ستعرض "أوبك" من خلال أمينها العام محمد باركيندو نتائج الاتصالات التي أجريت مع منتجي النفط الصخري الأميركي على هامش مؤتمر أسبوع سيراويك النفطي الذي عقد أخيرا في مدينة هيوستن الأميركية وأيضا المباحثات السعودية التي جرت أخيرا على مستوى القمة سواء في الولايات المتحدة أو الصين التي استهدفت الحد من التقلبات السعرية في السوق.
واعتبر شيميل أن منظمة أوبك تتبنى مواقف مرنة منذ بداية أزمة السوق وتقوم في معالجتها الأزمة على قراءة دقيقة مبنية على معلومات دقيقة عن ظروف الإنتاج ومتغيرات السوق وهو ما جعل المنظمة لا تستبعد فكرة مد العمل بالاتفاقية رغم أنها كانت تراهن على عدم الحاجة إلى ذلك في البداية، لكن من الواضح أن استمرار التأثيرات السلبية لنمو المخزونات جعلها تعيد النظر في هذا الأمر على الرغم من مخاوف أخرى بشأن استفادة المنتجين الأمريكيين بشكل أساسي من تمديد العمل بالاتفاقية.
ويعلق المحللون آمالا على أن حوار منظمة "أوبك" مع روسيا والصين سيعزز فرص التعاون لاستعادة توازن السوق التي تعاني تخمة المعروض وضعف الطلب وتزايد الإنتاج والمخزونات الأمريكية، مشيرين إلى أن تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والثروة المعدنية الأسبوع الماضي زاد الآمال والتوقعات بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج لاستمرار مساعدة الأسعار على التعافي.
وفي هذا الإطار، شدد ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، على أهمية الجولة الجديدة من الحوار بين "أوبك" وروسيا التي ستعقد في موسكو خلال حزيران/ يونيو المقبل، متوقعا أن تسفر عن مزيد من التفاهمات بين الجانبين بشأن إنجاح اتفاق خفض الإنتاج وتسريع جهود استعادة الاستقرار في السوق.
وأضاف، أن الحوار الذي تقوده منظمة "أوبك" ليس قاصرا على كبار المنتجين بل يمتد أيضا إلى دول الاستهلاك حيث ستجري حوارا مماثلا مع الصين في بكين الشهر المقبل الذي من المتوقع أن يعمق العلاقات الثنائية خاصة ما يتعلق بتنمية مستويات تجارة النفط البينية.
وأشار كروج إلى أن الإنتاج الروسي وهو عنصر مؤثر في المعروض النفطي وفي مستويات الأسعار في السوق شهد في الشهر الماضي بعض التباطؤ ما تسبب في زيادة القلق من نجاح الاتفاق في خفض المعروض وسحب المخزونات إلا أنه عاد في آذار/ مارس وقبل حلول منتصف الشهر ليشهد تسارعا في الخفض ويصل حجم الخفض في الإنتاج الروسى إلى 160 ألف برميل يوميا، ومن المتوقع أن توفي موسكو بكافة حصتها وقدرها 300 ألف برميل يوميا بحلول نهاية نيسان/ أبريل المقبل.
وعانت أسعار النفط على مدار الأسبوع الماضي ضغوط تسارع الإنتاج النفطي الأميركي واستمرار تزايد الحفارات النفطية للأسبوع التاسع على التوالي وهو ما عزز تخمة المعروض وكبح كثيرا من التأثيرات الإيجابية المعقودة على تطبيق خفض الإنتاج وهي الحالة التي توقع المختصون أن تستمر على مدار النصف الأول من العام الجاري.
وكشفت بيانات اقتصادية عن ارتفاع نسبة التزام المنتجين في منظمة أوبك بخفض الإنتاج إلى مستوى وصل في بعض الدول إلى 140 في المائة بينما وصلت نسبة الالتزام في الدول الـ 11 المشاركة في الاتفاق من خارج أوبك إلى 64 في المائة وتترقب السوق تخفيضا أوسع بحلول نيسان/ ابريل المقبل وهو الشهر الرابع من تطبيق الاتفاقية.
وأصدرت "أوبك" بيانها الشهري عن مدى التزام المنتجين لشهر آذار/ مارس الجمعة الماضي وسط أنباء عن ارتفاع متواصل في نسب الالتزام بتطبيق الاتفاق وسيعرض البيان على الاجتماع الفني للجنة الخبراء في اتفاق خفض الإنتاج خلال الأسبوع الجاري في فيينا تمهيدا لبحثه خلال الاجتماع الوزاري للجنة مراقبة الاتفاق في الكويت يومي 25 و26 من الشهر الجاري.
وبحسب "رويترز"، فقد تحرك الخام في نطاق ضيق هذا الأسبوع حيث تقافز برنت وغرب تكساس الوسيط في حدود 2.50 دولار بينما عكف المستثمرون على تقييم أثر أول خفض نفطي من منظمة البلدان المصدرة للبترول في ثماني سنوات في مقابل زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي وارتفاع المخزونات.
وتحدد سعر التسوية لخام برنت بارتفاع سنتين عند 51.76 دولار للبرميل في حين أغلق الخام الأمريكي الخفيف مرتفعا ثلاثة سنتات عند 48.78 دولار للبرميل، وارتفع الخامان القياسيان 0.8 في المائة على مدار الأسبوع.
وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع التاسع على التوالي ليستمر تعاف من المتوقع أن يعزز الإنتاج الصخري بأكبر قدر على مدى ستة أشهر في نيسان/ أبريل.
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات أضافت 14 حفارة نفطية في الأسبوع المنتهي في 17 آذار/ مارس ليصل العدد الإجمالي إلى 631 وهو أعلى مستوى منذ أيلول / سبتمبر 2015".
وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 387، وتأتي زيادة عدد الحفارات رغم انحدار أسعار العقود الآجلة للخام في الأسبوعين الأخيرين إلى أدنى مستوى في أكثر من شهرين لأن الحفارات التي دخلت الخدمة هذا الأسبوع كانت بناء على قرارات صدرت قبل شهرين عندما كانت أسعار النفط أعلى.
وهوى عدد الحفارات وفقا لتقارير "بيكر هيوز" من مستوى قياسي مرتفع بلغ 1609 في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 إلى أدنى مستوى في ست سنوات عند 316 في أيار/ مايو 2016 مع انهيار سعر الخام الأميركي من أكثر من 107 دولارات للبرميل في حزيران/ يونيو 2014 إلى نحو 26 دولارا في شباط/ فبراير 2016.
ومن المتوقع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي 109 آلاف برميل يوميا في الشهر المقبل وهو ما سيكون أكبر زيادة شهرية في ستة أشهر ليصل إلى 4.96 مليون برميل يوميا.
وأدى استمرار ارتفاع مخزونات الولايات المتحدة إلى كبح موجة صعود سعر النفط بعد إبرام اتفاق خفض الإنتاج، وتشير أحدث البيانات الصادرة عن شركة جينسكيب لمعلومات السوق إلى زيادة بأكثر من مليوني برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 14 آذار/ مارس في نقطة التسليم لعقود الخام الأميركي في كاشينج في ولاية أوكلاهوما حسبما ذكر متعاملون.
ويشكل وضع المخزونات الأميركية مؤشرا على الطلب في أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، وكانت أسعار النفط قد سجلت تراجعا كبيرا في الأيام الأخيرة.
وقال جيفري هالي المحلل لدى مجموعة أواندا المالية "إن الانخفاض المفاجئ في المخزون الأميركي جاء في الوقت المناسب، إذ إن سعر النفط الخفيف ونفط بحر الشمال مهدد بتراجع جديد مع ارتفاع الإنتاج السعودي وأرقام "أوبك" التي تشير إلى أن إيران تتجاهل بالكامل حصتها من خفض الإنتاج".
تلقت أسعار الخام دعما من تقرير متفائل لوكالة الطاقة الدولية، بعدما أفادت الوكالة بأن مخزونات النفط العالمية زادت في كانون الثاني/ يناير للمرة الأولى في ستة أشهر من جراء ارتفاع الإنتاج العام الماضي، مشيرة إلى أنه إذا أبقت "أوبك" على تخفيضات الإنتاج فإن الطلب سيتجاوز العرض في النصف الأول من هذا العام.
وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن مخزونات النفط في أغنى دول العالم زادت في كانون الثاني/ يناير للمرة الأولى منذ تموز/ يوليو بواقع 48 مليون برميل إلى 3.03 مليار برميل.
وقالت الوكالة "إن الزيادة الفعلية في مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تذكرنا بأن المخزونات العالمية قد تستغرق بعض الوقت حتى تبدأ في الانخفاض".