في الآونة الأخيرة برز الكثير من الأشخاص في مجال تنمية الذات والتحفيز والتطوع. بعضهم كان ينشر الإيجابية من وراء «ميكرفون» أو «كاميرا» عبر الانترنت أو عبر البرامج الإذاعية والتلفزيونية. بعضهم الآخر آثر أن يخصّص حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي يبث من خلالها شحنة الأمل لكل من يزورها. فيما انطلق بعضهم عبر قلمه في الصحافة بكل أشكالها، واختار قليل القيام بذلك من خلال الأعمال التطوعية التي عُرِفوا بها لينثروا الابتسامة والإيجابية والأمل من حولهم. ولن أتحدث هنا بالطبع عمّن يطلق عليهم «مدربو التنمية البشرية» الذين يقدّمون محاضراتهم بمقابل مادي.
كل هذه المبادرات والبرامج والحسابات الإلكترونية وحتى الدورات المقدمة بمقابل مادي والتي يحضرها العشرات والمئات في المكان الواحد، تؤكّد أن الباحثين عن الأمل والراغبين في العيش بإيجابية كثيرون، يبحثون عن أي ضوء كي يتمسكوا به في واقع يراد له أن يكون مظلماً.
ولم يخطر على بال أحد من هؤلاء الداعين للأمل بأفعالهم وأقوالهم أن يلتفت إليهم أحدٌ بقول شكراً، فكيف بتخصيص مليون درهم من حاكم!
هذا ما حدث الأسبوع الماضي حين أطلق الشيخ محمد بن راشد مبادرته الجديدة «صناع الأمل» التي انتشر خبرها في أقاصي الدول العربية والعالمية خصوصاً أنها خصت جميع العرب في جميع أنحاء العالم والمقيمين في الدول العربية ولم تستثنِ أحداً من سن الخامسة حتى التسعين عاماً، ليفوز أحدهم بمبلغ مليون درهم إماراتي، وكان هذا الإعلان يسبق إعلان صدور كتابه المعنون بـ»تأملات في السعادة والإيجابية» بأيام معدودة، ليؤكد أن الدعوة إلى الأمل والإيجابية سلوك وليست دعوة طارئة.
مثل هذه المبادرات تزرع في النفس نوعاً من الارتياح، خصوصاً في زمن يغلب عليه التشاؤم. فلم تنطلق المبادرة كجائزة عادية، بل أطلقت باعتبارها وظيفة، وكأن صاحبها لم يكتفِ باستحداث منصب لوزير السعادة، بل أراد للأمل أن يكون حاضراً أيضاً في الحديث العام اليومي باعتباره جزءاً من الحياة اليومية يدعو إليه الفرد كما يؤدّي وظيفته فلا ينقطع عنها مادام قادراً على العطاء.
جاءت المبادرة لتقول إن الحياة أجمل بالأمل، وأجمل بالعطاء، وأن الله لا يضيع أجر من يعمل لوجهه، وأجمل ما فيها أن بإمكان الآخرين ترشيح من يرونه صانعاً للأمل؛ إذ كثيراً ما يرغب هؤلاء بالعمل لوجه الله ولا ينتظرون شكراً أو مقابلاً مادياً من أحد، وكم نتمنى أن يفوز بهذا اللقب من يعمل بالفعل بهدف خدمة الآخرين من دون مقابل فيرشحه الآخرون لثقتهم بأنه كذلك.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5294 - الأحد 05 مارس 2017م الموافق 06 جمادى الآخرة 1438هـ