لم يكن الحكم ببراءة الرئيس المصري السابق حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين مفاجئاً لأحد، لا من الموالين ولا من المعارضين، لكنه سيضيف حكايةً أخرى من حكايات القضاء العربي في التاريخ.
ففي يوم الخميس الماضي (2 مارس/ آذار2017)، طوت المحكمة الصفحة الأخيرة من محاكمة مبارك، حيث أصدرت حكماً نهائياً ببراءته من تهمة الاشتراك في قتل المتظاهرين في ثورة يناير2011. وبذلك وضعت حداً لأربع سنواتٍ من اللف والدوران والمماطلة، بسبب وجود رغبة شديدة لدى الطبقة الحاكمة، لتنتهي المحاكمة بنفس الطريقة الهزلية السعيدة التي تنتهي بها الأفلام المصرية في الخمسينات والستينات.
في الخبر الذي أوردته «رويترز» عن الموضوع، قالت «إن مبارك (88 عاماً) هو أول من يخضع للمحاكمة من الزعماء الذين أطيح بهم في انتفاضات الربيع العربي. وأذهلت مشاهد مثوله في قفص المحكمة العرب وغير العرب. وخضع مبارك الذي حكم مصر لثلاثة عقود، لأكثر من محاكمة بعدة تهم تتعلق بالفساد وبقتل المتظاهرين». وبينما تمت تبرئته خلال السنوات الثلاث السابقة من قضايا الفساد تباعاً، وأُخرج منها كالشعرة من العجين، جاءت الجلسة الأخيرة لتبرئته من التهمة الأخيرة: قتل المتظاهرين.
مشهد المحاكمة كان بالغ الدلالة، فالقاضي أعلن أن «المحكمة حكمت ببراءة المتهم ورفض الدعاوى المدنية، وأحكام النقض نهائية وغير قابلة للطعن». وبينما غابت عن الجلسة أسر الضحايا من قتلى ومصابين، فقد حضرها عشرات من مؤيدي مبارك الذين هللوا فرحاً بالبراءة وأطلقوا هتافات من بينها «يحيا العدل» و»بنحبك يا ريس» و»حسني مبارك جوا القلب»، حسبما نقلت «رويترز». بل إن مؤيدي الرئيس المخلوع رفعوا صوره داخل القاعة وخارجها، وأطلقت بعض النساء الزغاريد!
لاشك في أن المشهد كان تراجيدياً، ليس بالنسبة لهؤلاء العشرات المتراقصين على جثة العدالة وكرامة الشعب وحقوقه، وإنّما بالنسبة لآلاف الأمهات والآباء والأخوات والأبناء، والأرامل والأيتام، من ذوي القتلى والمصابين، خلال فترة الأسابيع الثلاثة الأخيرة الحامية من حكم مبارك. فالذاكرة الشعبية مازالت تحتفظ بصور المواجهات الدامية في أكبر ميادين المدن المصرية الكبرى، وكيف كانت الفضائيات العربية والأجنبية تنقل الحدث يوماً بيوم، وليلةً بليلة، وكيف كانت قوى الأمن تهاجم المتظاهرين السلميين، وتفتك بأرواحهم وأجسادهم.
وإن غابت كل صور الانتهاكات الفظيعة، فلن تغيب صور هجوم من اصطلح على تسميتهم بـ»البلطجية» على المتظاهرين على ظهور الجمال والخيول والبغال ليلاً، فيما عُرف بـ»غزوة الجمل»، حيث شاهد العالم صورةً من صور غزوات القرون الوسطى على الهواء مباشرة، وأصبحت أمثولةً على ما وصل إليه نظام مبارك من تدنٍ وإفلاس. لقد كان منظراً مثيراً للشفقة، حيث هاجم مسلحون مؤيدون لمبارك المتظاهرين مستخدمين السيوف والأسلحة البيضاء.
في نظامٍ بيروقراطي لا تنفذ فيه إلا أوامر الرئيس ورغباته طوال ثلاثين عاماً، يغدو من الصعب أن يتقبّل المصريون أن ما جرى في تلك الأسابيع لم يكن بأمره أو خلافاً لرغبته. وبالتالي من الصعب عليهم ابتلاع الحكم الصادر ببراءته، وخصوصاً في قضايا القتل وسفك الدماء.
إن من نتائج مثل هذا الحكم، أن يفقد الرأي العام ثقته بنزاهة القضاء، ويؤمن أكثر وأكثر بفكرة تسييسه وخضوعه لمزاج السلطة، وتطبيقه لرغباتها. وحين يفقد الناس الثقة بالقضاء ونظام العدالة، تتعرّض الدولة إلى الاهتزاز والاحتقار. فالكلّ سيفكّر بطريقة أخذ حقّه بيده، مادامت لا تُحترَم قواعد العدالة، وتتحوّل البلد إلى غابةٍ لا يحكمها قانون.
إن أكثر التغريدات التي يتداولها المصريون هذين اليومين، كلمة ابن خلدون «فساد القضاء يفضي إلى نهاية الدول»، وهو بالمناسبة له خبرة عميقة بالدول والأنظمة، وسبق له أن تولّى القضاء في مصر!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5293 - السبت 04 مارس 2017م الموافق 05 جمادى الآخرة 1438هـ
اذا اجتاز هذا الحكم الدنيوي الدوني
هناك حكم عدل لا يستطيع احد اجتيازة الا بشهادة حسن السير والسلوك المبرءة لعدم الظلم .
محكمة الهية عادلة من احكم الحاكمين والعادلين .
مهازل القضاء العربي
اي ترشيح أي خرابيط خلاص تايم آوت.
ان ترشح سيفوز بنسبة ٩٩٪ وتوتة توتة خلصت الحتوتة
والادهى من ذلك يقولون انه سيترشح للأنتخابات القادمة