ونحن نعيش عصر التكتلات الاقتصادية الكبرى، التي أفرزتها حقبة ما قبل سيادة العولمة وحرية التجارة، تتنامى الحاجة إلى إنشاء سوق مشتركة للدول والشعوب التي ترتبط بقواسم ثقافية واجتماعية وقيمية مشتركة، لتتقاسم المنافع والمصالح التي تذهب عادة، وفي ظل سيادة الشركات متعددة الجنسيات والرساميل التي استأثرت بمعظم مساحات الأسواق العالمية، إلى الكثير من الدول الغربية البالغة الثراء التي راكمت ثرواتها ونمتها جراء غفلة الآخرين أو تشرذمهم أو الاثنين معا، وفي هذا السياق تعددت الدعوات لإنشاء سوق عربية مشتركة تارة، وإسلامية مشتركة تارة أخرى، غير أن الدعوات كانت وما زالت حلما من أحلام المخلصين من الشعوب وبعض الحكومات.
وكانت وكالات الأنباء تناقلت أمس أن وزير الخارجية الإيراني كمال خرازى جدد الدعوة لإقامة السوق الإسلامية المشتركة في سياق كلمته التي افتتح بها أعمال مؤتمر وزراء خارجية مجموعة «الدول الثماني» الإسلامية، وأكد الوزير الإيراني في خطابه الافتتاحي على أهمية تعزيز التعاون المشترك بين البلدان الأعضاء داعيا إلى إنشاء سوق مشتركة، وشدد على أن هذه الخطوة ستساهم في رفع مستوى التبادل التجاري بين بلدان هذه المجموعة، مشيرا إلى أن الدول الثماني التي تضمها المجموعة تتمتع بامكانات وقدرات كثيرة يمكن استخدامها لزيادة التبادل التجاري فيما بينها، مؤكدا على ضرورة تنشيط القطاعات الخاصة في هذه البلدان.
وغني عن القول الإشارة إلى الامكانات المهولة والخيرات الوفيرة والثروات الهائلة التي تتوافر لدى الدول الإسلامية، والتي إن أحسن استغلالها فإنها جديرة بتحويل تلك الدول إلى واحدة من أكثر التكتلات الاقتصادية ثراء، وأكبرها سوقا، وأوفرها كوادر بشرية، وأعظمها إنتاجا، فقط يحتاج الأمر إلى إرادة صلبة تنهض على معرفة بدقائق المصالح والمطلوبات في ظل معطيات تتكشف يوما بعد يوم عن أن مستقبل اقتصادات الكثير من الدول الإسلامية واعدة بالنمو اللافت خلال العقد المقبل.
بقي سؤال جارح ظل يتداوله الكثيرون منذ نحو عقدين من الزمان: متى يتحول الحلم إلى حقيقة ونرى سوقا إسلامية مشتركة؟
العدد 529 - الإثنين 16 فبراير 2004م الموافق 24 ذي الحجة 1424هـ