تزامناً مع إطلاق تقنية الجيل الخامس كثورة واسعة الانتشار في عالم الاتصال، وانطلاقاً من فكرة تحولها إلى جزء لا يتجزأ من حياتنا، يشكل فهم حالات الاستخدام الخاصة بهذه التقنية والوعي باستراتيجيات نشرها عنصراً رئيسياً من عناصر إدماجها على أوسع نطاق والوسيلة الأساسية لوصولها إلى أكبر قدر ممكن من الناس. هذه التقنية التي ستشكل ثورة حقيقية في كل جوانب الحياة العصرية للحكومات، القطاعات الاقتصادية، الشركات والمؤسسات، وطبعاً للأفراد، لا بد من أن يتم تقييم نتائجها الإيجابية من قبل مشغليها وضع الاستراتيجيات للتأكد من توافق أعمالهم ونشاطاتهم مع التغييرات الجذرية التي يشهدها قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في عصرنا القائم.
يعتبر الكثير من المشغلين بأن تقنية الجيل الخامس سهلة الفهم وبالتالي سيتم انتشارها بسرعة، ولكن نشر حالات الاستخدام وشرحها وعرض نتائجها يعتبر ضرورية حيوية لسد الفجوة القائمة بين المشغلين والعملاء في مجال التعامل مع هذه التقنية، ولزيادة الوعي بالتغييرات الثورية التي سيؤدي إليها إطلاق هذا الجيل الجديد من التقنيات في الحياة اليومية للبشر. وفقاً لتقرير اريكسون للاتصالات النقالة عام 2016، سيتضاعف عدد الهواتف الذكية المستخدمة من 230 إلى 480 مليون هاتف بين عامي 2016 و2022. وبينما يستخدم 33% من المستخدمين هواتف ذكية، ستزداد هذه النسبة لتصل إلى 56% خلال السنوات الخمس المقبلة. وطالما أن حركة الهواتف الذكية تعتبر عنصراً أساسياً للتحكم بحركة البيانات، سيتم حكماً ادماج تقنية الجيل الخامس عند ازدياد استخدام الهواتف النقالة ذات النطاق العريض.
إضافة إلى ذلك، يتوقع بأن يرتفع معدل استخدام البيانات في الهواتف النقالة خلال الشهر الواحد من 1.8 غيغابايت (GB) بنهاية العام 2016 إلى 13 غيغابايت خلال العام 2022. كما يتوقع بأن تبلغ حركة البيانات المتنقلة في المنطقة حوالي 4.8 إكسا بايت في الشهر الواحد في نهاية العام 2022، مما يعني 13 ضعفاً عما كان متوقعاً في نهاية العام 2016. هذه العوامل مجتمعة، تظهر التطور إمكانيات النمو الضخمة التي سنشهدها في مجال البيانات خلال الأعوام القادمة، وستلعب تقنية الجيل الخامس دوراً هاماً في تأمين استمرارية العمل بكفاءة وفعالية على هذه المستويات العالية والمتطورة في مجال نقل البيانات.
إضافة إلى دورها الهام في الحفاظ على وتيرة النمو السريع في استخدام الهواتف الذكية، ستؤمن تقنية الجيل الخامس، وبناء على توسيع الموردين لحدود التكنولوجيا، فرصاً جديدة لإنترنت الأشياء. وتعتبر السلامة والاستدامة شرطين أساسيين من شروط نجاح الاعتماد على خدمات تقنية الجيل الخامس، لا سيما وأن ملايين الهواتف، الأجهزة وآلات الاستشعار ستكون متصلة بالأنترنت وفيما بينها مما قد يؤدي الى زيادة حالات الاختراق والقرصنة الإلكترونية، حيث يتوقع في العام 2022 أن يستخدم تقنية الجيل الخامس ما يزيد عن الـ20 مليون مستخدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما ستزداد حالات الاتصال بإنترنت الأشياء الخليوي من 10 ملايين في العام 2016 إلى ما يزيد عن 45 مليون في السنوات المقبلة.
إن حالات استخدام تقنية الجيل الخامس باتت منتشرة في كافة القطاعات الاقتصادية. ففيما خص قطاع التلفزيون والإعلام، ستسنح تقنية الجيل الخامس الفرصة بتوسيع البث والقدرة على الوصول لكافة الوسائل الإعلامية بسهولة، إضافة إلى تسهيل الاتصال وتسريعه حتى في أقصى أوقات الذروة. أما في مجال النقل ستتمكن أجهزة الاستشعار الموجودة على الطرقات البرية، على امتداد السكك الحديدة، في المطارات وفي المركبات من التواصل مع بعضها البعض عبر شبكة الجيل الخامس مما يشكل النقل أكثر سهولة وأماناً. وفي مجال البنية التحتية ستزيد تقنية الجيل الخامس من معدل الموثوقية وستخفض مستوى الكمون والذين يعتبران أمران ضروريان للتحكم بالخدمات الأساسية وبالبنية التحتية. أما لجهة القطاع التصنيعي، فستساهم تقنية الجيل الخامس في تأمين التحكم الإلكتروني بالآلات الضخمة مما سيؤدي حتماً إلى زيادة الفعالية وتخفيض التكاليف. ولا تقتصر حالات الاستخدام إلى هذا الحد، حيث ستقوم تقنية الجيل الخامس بخلق ثورة حقيقية في مجالات الرعاية الصحية، الزراعة، المرافق العامة وغيرها الكثير من القطاعات، وستكون شركات الاتصالات في صلب هذه الثورة التقنية.
تمتلك تقنية إنترنت الأشياء قوة كبرى لتسهيل التحول الرقمي في الغالبية العظمى من القطاعات الاقتصادية، من خلال ايجادها نماذج تجارية مبتكرة وإبداعية مما سيساعد مشغلي الشبكات في المنطقة على الازدهار في المستقبل. علاوة على ذلك، ستشهد المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في الاستثمارات التكنولوجية لا سيما في قطاعي النقل والصناعة والذي يتوقع بأن يشكلا القطاعين الأكثر إسهاماً في مجال هذه الاستثمارات. إن نمو تقنية الجيل الخامس يرتبط بشكل أساسي بالتوسع الحاصل للمنظومة الرقمية المتكاملة وإنجاز إنترنت الأشياء. كما أن تدشين وتطوير الشبكة يجب أن يحدث بالتزامن مع التطور الذي تشهده الأجهزة والمحطات.
باختصار، مع اقتراب استخدام تقنيات المستقبل بوتيرة متسارعة، على المشغلين تقييم التكاليف المرتبط ةبإطلاق تقنية الجيل الخامس وانتشارها مقارنة مع إمكانيات الدخل التي ستؤمنها هذه التقنية. على المشغلين إتباع نهج شمولي للاستثمار تزامناً مع رؤية تقنية الجيل الجديد المتناسبة في مراحلها الأولية بهدف تحسين الحالات المتقدمة لاستخدام هذه التكنولوجيا. من المتوقع أن يقوم حوالي ثلث المشغلين (31%) حول العالم بإطلاق خدمة تقنية الجيل الخامس تجارياً بحلول العام 2021، وأن تزداد هذه النسبة لتبلغ (44%) في نهاية العام 2025، وعلى المشغلين بالتالي التعرف على الشروط الضرورية للتنسيق بين الشبكات الثابتة والمتنقلة، وعلى الحاجة لمشاركة المصادر بطريقة أكثر فعالية وكفاءة. إن الاستثمار الناجح لتقنية الجيل الخامس وحالات استخدامها سيكون الدور الحيوي الأساسي للنجاح في إيجاد المجتمع الشبكي المتصل بشكل متكامل.
سكوت جيجنهايمر
الرئيس التنفيذي لمجموعة زين وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول