هذا النوع من المديرين قاتل، لا أمان له، ولا يمكن الثقة فيه. طيب ومتعاون في الظاهر وعديم الفائدة في الباطن. على أتم استعداد لإعطاء الوعود إلى موظفيه من غير حساب. وعود ليس لها أول ولا آخر. قد يقول لك اليوم إنه سيعطيك كل ما تريد من زيادة في الراتب أو ترقية او حتى بونس «علاوة أو مكافأة». كل هذه الوعود التي يوزعها مجانا، في سبيل أن تساعده على إنجاز مهمة أو عمل، يظهره بمظهر حسن أمام رؤسائه.
إذا ضغط عليه المسئولون لإنجاز مهمة لا يقدر عليها أو ليس لديه المعرفة الفنية بأدائها، يقوم بتسخير موظفيه بإنجازها من خلال منحهم الوعود الكبيرة. وقد يوهم موظفيه بأنه كلم مسئوليه عنهم، وأن المسئولين يقدرون ما يقوم به الموظفون. لكنه في المقابل، يحرص على ألاّ يكون هناك أي تواصل بين الموظفين وبين رؤسائه، حتى لا يعرفون حقيقته.
هذا المدير في الغالب لا يفي بأي وعود، وعندما يأتي الوقت الذي يقوم الموظف بالمطالبة بتنفيذ الوعود، يكون هذا المدير قادرا على التنصل من وعوده، وقد يقلب الأمر بلوم الموظف على سوء الفهم، وهو قد يكون مستعدا لأن يقسم بأنه لم يعد بشيء، وقد يكون مستعد أيضا أن يحلف بأنه لم يعط أي إشارة بأي وعد. إن أهم ما يتطلع إليه هذا النوع من المديرين هو تحقيق طموحاته وتطلعاته وبأي ثمن. ولذلك يستخدم موظفيه وبكل الطرق الممكنة، بما فيها اعطاؤهم الوعود الخاوية، ليقوموا بإنجاز المهام التي يريدها لإرضاء من فوقه، وكلما طلب منه من هم أعلى منه تنفيذ مزيد من المهام، فإنه يتفنن في تقديم الوعود لموظفيه، رغبة منه في إرضاء الرؤساء فقط، وفي سبيل حصوله على تقديرهم، وبالتالي ترقيته إلى مناصب أعلى متسلقا على رقاب موظفيه.
هذا النوع من المديرين كثير بيننا للأسف الشديد، وإذا أنعم الله عليه بالقدرة على الإقناع، فإنه يعطي الموظفين الشمس في يد والقمر في اليد الأخرى؛ ولكن عندما يحين وقت إيفائه بما وعد، فيكون مثل ما يقول المثل «فص ملح وذاب».
طبعا الضرر على الموظفين في وجود هذه النوعية من المديرين كبير جدا. فالضرر الأكبر عدم حصولهم على التدريب والتطوير اللازمين؛ لأنه وببساطة شديدة ليس لدى هذا المدير القدرة أو المعرفة اللازمة لتدريب الآخرين. والضرر الثاني عدم حصول الموظفين على الحوافز الوظيفية التي يستحقونها؛ لأن هذا المدير كل ما يهمه هو حصوله هو فقط على المزايا، وليس موظفيه. والضرر الثالث والذي يحصل كثيرا، فإن هذا المدير لا يتردد أبدا في فصل من يطالبه بتنفيذ وعوده، أو يطلب تحويله إلى قسم آخر في الشركة ويستبدله بموظف آخر، حتى يتفادى الإحراج من استمرار المطالبة بالمزايا الموعودة.
يقود هذا النمط من المديرين إلى خلق جو غير صحي للعمل، وانعدام الثقة بين العاملين، ويقود إلى النتيجة المحتومة، وهي الإحباط وعدم الاهتمام بالعمل، وعدم الاهتمام بتحقيق الأهداف؛ لشعور الموظفين بأن وعود المديرين ليست صادقة. وأسوأ جو يكون في أي مكان عمل هو انعدام الثقة، وللأسف الشديد وجود المدير المراوغ غير الصادق يخلق ويغذي هذا الجو المليء بعدم الثقة.
لهذا النوع من المديرين نقول: إن وعودك التي تسوقها للحصول على رضا من هم فوقك قد تفيدك لبعض الوقت، ولكن من المستحيل أن تفيدك طول الوقت. لا بد أن يكتشف رؤساؤك ما تقوم به، ويسقونك من نفس الكأس الذي تسقيه لموظفيك. إن عدم تحقيق ما تعد موظفيك به، هو ظلم لهم، وتقصير في حق الشركة التي تعمل بها يقود إلى نتيجة حتمية، وهي عدم تحقيق أهداف الشركة، وبالتالي يأتي عليك الدور ليكتشف من هم فوقك، بأنك السبب، والاستغناء عن خدماتك هو أمر وارد.
طبعا كثيرون من هذا النوع يستطيعون الحصول على وظيفة أخرى في شركات أخرى، وربما برواتب ومناصب أعلى، ولكن تظل الوعود الكاذبة لها نهاية مثل نهاية أي كذبة أخرى.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5266 - الأحد 05 فبراير 2017م الموافق 08 جمادى الأولى 1438هـ
أحسنت أستاذنا الفاضل مقال رائع ويعكس للاسف المسئول المراوغ الذي يسعى لسرقة الجهود والوصول للمناصب ويلقى بمهام عمله على الموظفين حتى يصل إلى مكانة عالية لدى القياديين وفعلا هذا المسئول ممكن اية لحظة ينسف جهدك ووعوده الكاذبة
أنا كغيري من البحرينيين الذين يشعرون ببهجة و إعتزاز إن وُلي عليهم مديرا من أبناء جلدتهم،ليقينهم بأنه لن يضرهم بل و سيسعى في سبيل رفعتهم و تطوير مهاراتهم و قدراتهم،و لكن أحيانا نصطدم بعكس ما توقعناه من ذالك المدير الذي أخذ يعمل في دياجير الظلام ضدنا...ولد النبيه صالح
مردها ليلى عرفت ان الذئب ماكر.. ما شاء الله المقالات اليوم كلها قوية
أحسنت أخي العزيز الكاتب الرائع صالح حسين, أتابع مقالاتك بلهفه وأنتضرها خاصة حول أنواع المدراء منهم الفلته وغيرهم. وكما يقول القول المأثور حول هؤلاء المدراء المحلحچية والإنتهازيين: "كل من يجر الگرص لصوبه".
بصراحة شديدة اصبحت اؤمن من خلال واقع تعاملي مع المدراء الذين عملت معهم في التربية لغاية الان ان كل واحد منهم يمتلك ولو بقدر ما صفة المراوغة , وكأنما اصبحت هذه الصفة من الصفات الملازمة للمدير بحيث انه لايصلح ان يكون مدير من لايمتلك المراوغة وفنونها ولو كان كما نقول "طوفة هبيطة " لما وصل لما هو عليه . الوضوح جميل ومريح للجميع . كن شخصا واضحا في كل شؤونك . كن أبا واضحا كن مديرا واضحا كن عاملا واضحا وصريحا سترتاح وتريح من حولك . اسلوب المراوغة يدل على الضعف يدل على انك تخفي شيء تخاف منه
ليس بالضرورة ان كل مدير مراوغ ليس متمكنا فنيا من وظيفته
فهناك بعضهم ممن يكون أستاذا وعارفا بكل التفاصيل الفنية للمهام التي يلقيها على موظفيه
ولكن يعيبه المراوغة