مع تحول منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة استثمار جذّابة للشركات الأجنبية، فقد أصبح من الضروري لهذه الشركات معرفة كيفية التعامل مع هذه المنطقة التي تتميز بالتنوع على أساس منتظم، على اعتبار أنَّ كل منطقة في العالم تحتوي على ثقافة معينة، وتختلف عن غيرها من المناطق.
شهدنا في الآونة الأخيرة زيادة استفسارات الزبائن - الراغبين في الاستثمار - من خارج المنطقة عن الفرص والاتجاهات والتحديات التي تنتظر الشركات التي ترغب في تقديم حملات اتصالات في منطقة الشرق الأوسط سريعة النمو.
العلاقات الإعلامية
على العموم، لاتزال العلاقات الإعلامية تكمن في صميم العديد من الحملات في الشرق الأوسط، لذلك فإنَّ الحفاظ على علاقات كبيرة مع وسائل الإعلام في المنطقة هو شرط مطلق - وهي المهارة التي لاتزال نادرة بين العديد من الممارسين. لا يجب على الوكالة الشريك أن تظهر شبكتها فقط، وإنما يجب عليها أيضاً توفير تحليلات حول وسائل الإعلام المستهدفة للحملات الإعلامية وأهدافها.
لذلك، فإنَّ المعرفة العميقة لديناميكيات وسائل الإعلام في كل بلد هي شرطٌ أساسي، على سبيل المثال، تكاد تكون بيئة وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية تجارية تماماً، وتعتمد على البيانات الصحافية الجاهزة بدلاً من تحليل أو تقرير الأخبار. بما أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة مركز للأعمال، فهي موطن لكثيرٍ من وسائل الإعلام الإقليمية، لذلك يجب التعامل معها على أنها أولوية، ولاسيما التركيز على اللغة العربية التي تُقرأ في الأسواق الرئيسية بما في ذلك المملكة العربية السعودية. ومن هنا يكمن التحدي الحقيقي في اجراء حملات في أسواق أخرى في المنطقة كأسواق عمان وقطر والكويت والبحرين حيث تخضع هذه القنوات المحلية للاقتصاد المحلي، ولقوانين الإعلام في كل دولة على حدة.
وسائل التواصل الاجتماعي
مقابل الوسائل التقليدية
تحولت وسائل الإعلام، كمثل بقية أنحاء العالم، لتتخذ منحىً رقميّاً وإلكترونيّاً، وأصبحت واقعاً إلى حدٍّ كبير مع أرقام مثل 76 مليون مستخدم للفيسبوك، وأكثر من 25 مليون مستخدم على الإنستغرام، وأكثر من 7 ملايين مغرّد على تويتر، و260 مليون مشاهدة يوميّاً على يويتيوب، لذلك فإن المنطقة مهيأة لنهجٍ أكثر تكاملاً.
رأينا أن أعظم النجاحات للزبائن جاءت عند استخدامهم وسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية جنباً إلى جنب مع وسائل الإعلام التقليدية على حدٍّ سواء في حملات أعمال - لأعمال B2B وأعمال - لمستهلكين B2C. ومع ذلك، لاتزال هناك كمية من الممانعة لاستخدام الفيسبوك للأعمال التجارية، والتي سنتوقع أنها ستتغير ببطء مع ظهور الحالات العملية، وإثبات قيمتها. وفقاً لما أظهره تقرير الوجه المتغير للتأثير، الصادر عن «هوتواير»، و«آكتيف للتسويق والتواصل الرقمي»، يستخدم صناع القرار في أعمال - الفيسبوك كمصدر رئيسي للأخبار، وكان هذا واقعاً ونال استقبالاً حسناً من قبل الزبائن في مختلف المناطق.
العاطفة مقابل المحتوى
تتميز هذه المنطقة بالتواصل الشخصي، والاجتماعات وجهاً لوجه، والتفاعل البشري؛ لأنها مؤثرة إلى حدٍّ كبير. وبالتالي كلما قامت أية علامة تجارية بذلك ستبسط نفوذها بشكل أفضل في جميع أنحاء المنطقة.
تحولت العلامات التجارية إلى وسائل الإعلام الاجتماعي كقناة رئيسية لتحقيق ذلك. وأدى الارتفاع في استخدام منصات التواصل الاجتماعي في المنطقة إلى إيجاد فرص كبيرة للعلامات التجارية للوصول إلى جمهور أوسع بكثير، وفي كثير من الأحيان يشكل هذا استبدال العلاقات الإعلامية التقليدية كوسيلة أولية للاتصالات.
هناك توجه واضح للشركات في منطقة الشرق الأوسط للاستفادة من محتوى الفيديو والتجارب التفاعلية، كأجزاء أساسية من برامج التواصل والاستفادة من أصحابها المؤثرين والمدونين ومدوني الفيديو؛ ليكونوا بمثابة سفراء للعلامة التجارية.
يكمن التحدي، كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، في التحديد بصورة صحيحة ومن ثم إدارة العلاقات مع هؤلاء المؤثرين، وهذا صحيح ليس فقط من منظور مالي، وإنما أيضاً من وجهة نظر القناة حيث إن ما يكون مقبولاً ثقافيّاً في منطقة ما ليس بالضرورة يكون مقبولاً في منطقة أخرى.
الاتصالات المتكاملة مقابل العلاقات العامة
كان الأثر الصافي لثورة وسائل الإعلام الاجتماعية والتحول التدريجي إلى الاتصالات المتكاملة هو التوجه الذي شوهد في جميع أنحاء العالم ما يعني أنَّ على الوكالات في الشرق الأوسط أن تتبناه أيضاً، نظراً إلى أنها لم تعد كافية لتقديم حملات علاقات إعلامية ضعيفة تعتمد على علاقات طويلة الأمد.
يجب على الوكالات التفكير والتصرف بطريقة أكثر تكاملاً. يصحّ القول إن المنطقة لم تتبنَّ هذا في وقت مبكر، ولكن تشير الأدلة القائمة على الفوز بالزبائن خلال الاثني عشر شهراً الماضية في شركة «آكتيف» إلى ضرورة الرغبة في التحول.
استنتاج
عند النظر في التركيبة السكانية والاتجاهات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، فإنه من الواضح أن هناك فرصاً واعدة للشركات العالمية لبناء حصتها في السوق، وإنشاء مشاريع ناجحة. ومع وجود 3.2 ملايين فرد غنيٍّ ومتطور تقنيّاً تحت سن 30، يحتضن السكان التغيير السريع. وبالإضافة إلى ذلك عقلية المتبني في وقت مبكر عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا وتوافر بيئة مهيأة للنمو.
إقرأ أيضا لـ "لؤي السامرائي"العدد 5255 - الأربعاء 25 يناير 2017م الموافق 27 ربيع الثاني 1438هـ