صرّح رئيس نيابة الجرائم الإرهابية المحامي العام أحمد الحمادي بأنه تم صباح اليوم تنفيذ حكم الإعدام في المحكوم عليهم الثلاثة (سامي مشيمع، عباس السميع، علي السنكيس) المدانين في القضية الخاصة باستهداف قوات الشرطة بمنطقة الديه يوم 3 مارس 2014 بعبوة متفجرة مما نجم عنه مقتل شهداء الشرطة الثلاثة، الملازم أول طارق محمد الشحي والشرطيين محمد رسلان وعمار عبدو علي محمد، وذلك بعد أن صار الحكم باتاً واجب التنفيذ، بصدور حكم محكمة التمييز برفض الطعن المقدم منهم، وبإقرار الحكم الصادر بإعدامهم، وذلك بعد أن اتخذت الإجراءات المقررة قانوناً في هذا الشأن، وطلب النائب العام تنفيذ الحكم بناءً على ذلك.
وأوضح الحمادي أن تنفيذ الحكم قد تم رمياً بالرصاص، وبحضور قاضي تنفيذ العقاب وممثلي النيابة العامة ومأمور السجن وطبيب وواعظ حسبما يقضي القانون.
وترجع وقائع القضية إلى قيام المحكوم عليهم بوضع عبوات متفجرة بالطريق العام قابلة للتفجير عن بُعد، وتمكنهم من استدراج قوات الشرطة إلى مكان الواقعة بافتعال أعمال شغب استدعت تدخل القوات، التي ما أن بلغت مكان العبوات المتفجرة حتى قام المتهمون بتفجير إحداها مما ترتب عليه وفاة المجني عليهم من القوات وإصابة 13 آخرين.
هذا، وقد أسفرت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة آنذاك عن قيام المتهمين الأول والثاني بتشكيل جماعة إرهابية ضمن تنظيم سرايا الأشتر الإرهابي، ونجحا في تجنيد المتهمين الآخرين وغيرهم ممن توافرت لديهم الخبرة في صناعة واستعمال المتفجرات وأعمال الشغب بهدف تكوين عدة مجموعات للقيام بأعمال إرهابية تستهدف قتل رجال الشرطة، وتدمير المنشآت الهامة الأمنية والحيوية للإخلال بالنظام العام ومنع السلطات من ممارسة عملها، وقاموا بتصنيع العديد من العبوات المتفجرة، وعقدوا عدة اجتماعات تمكنوا خلالها من وضع مخطط إجرامي تحقيقاً لأهدافهم وأغراض الجماعة، وفي إطار ذلك المخطط الإرهابي اتفقوا على استغلال تشييع جنازة أحد المتوفين والتي يعلمون بتواجد قوات الشرطة آنذاك على مقربة من المكان لحفظ النظام، ووضع عبوات متفجرة مزودة بأجهزة تفجير عن بعد في أماكن متفرقة والتي يعلمون بتجمع القوات بها، والعمل على استدراج تلك القوات لأماكن وجود هذه العبوات المتفجرة بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى بين صفوفهم، فقام المتهمون في الليلة السابقة على ارتكاب جريمتهم بزرع ثلاثة عبوات متفجرة بالطريق وأوكل لأحد المتهمين بتفجير العبوة الأولى والتي أودت بحياة الشهداء الثلاثة، بينما كلف آخرين من أعضاء الجماعة بتفجير العبوتين الثانية والثالثة تحت إشراف المتهم الثالث على أن يتولى متهم آخر تصوير التفجير وباقي المتهمين مراقبة المكان، وبتاريخ 3/3/2014م ونفاذاً لمخططهم الإجرامي قاموا بافتعال أعمال شغب لاستدراج القوات إلى المكان حيث قام المتهم الرابع باتخاذ مكانه أعلى أحد العقارات وفور وصول القوات إلى مكان إحدى العبوات المتفجرة قام بتفجيرها باستخدام هاتف نقال مما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد الأمن وإصابة ثلاثة عشر آخرين في حين لم يتمكنوا من تفجير العبوتين الأخريين لتأثر الثانية بالانفجار ولعدم اقتراب احد من القوات من مكان الثالثة.
هذا وقد أحالت النيابة المحكوم عليهم إلى المحكمة الكبرى الجنائية، وذلك بتهم القيام بتنظيم وإدارة جماعة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها متخذين من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها، وتجنيد عناصر لها ومتابعة أنشطتهم في تصنيع واستعمال العبوات المتفجرة واستهداف أفراد الشرطة بقصد إزهاق أرواحهم بغرض إشاعة الفوضى وإثارة الفتن وإضعاف مؤسسات الدولة لإسقاطها، كما نسبت لبعضهم الانضمام إلى تلك الجماعة الإرهابية، وقد وقعت منهم تنفيذاً لأنشطتهم وأغراضهم الإرهابية جرائم قتل والشروع في قتل المجني عليهم من أفراد الشرطة، وإتلاف الممتلكات العامة، وحيازة وإحراز واستعمال مفرقعات، وقد ارتكبت كل الجرائم تنفيذاً لغرض إرهابي، فضلاً عن تمويل جماعة إرهابية للإنفاق على أنشطتها الإرهابية. وتداولت القضية أمام المحكمة الجنائية الكبرى إلى أن قضت بإعدام الثلاثة المدانين وبمعاقبة الآخرين بالسجن المؤبد وإسقاط الجنسية عن بعضهم، وقد تأيد ذلك الحكم إستئنافياً.
وقد تم عرض القضية على محكمة التمييز تنفيذاً لحكم القانون باعتبار حكم الإعدام مطعوناً فيه تلقائياً أمام تلك المحكمة، فقضت محكمة التمييز بنقض الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية لنظرها من جديد ومن ثم تداولت الدعوى أمام المحكمة الأخيرة إلى أن قضت بذات الحكم مستندة في ذلك إلى ما قام ضد المتهمين من أدلة قولية ومادية قاطعة. فعرض الأمر على محكمة التمييز للمرة الثانية حيث أصدرت حكمها المتقدم برفض الطعن وإقرار الحكم، وبناء على ذلك أصبح الحكم باتاً واجب التنفيذ.
إلى ذلك صرح المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام هارون الزياني بشأن حكم الإعدام المنفذ بحق المحكوم عليهم في قضية قتل ضابط الشرطة وشرطيين من قوات الأمن بتاريخ 3 مارس/ آذار 2014 بمنطقة الديه، وذلك باستهدافهم وأفراد القوات الأمنية بعبوة متفجرة، بأن الحكم البات الذي صدر ضد المحكوم عليهم قد ابتني على أدلة قاطعة على ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم، وقد تنوعت هذه الأدلة من بين شهادة الشهود وإقرارات المتهمين والتي تساندت مع الأدلة المادية المستخلصة مما تم ضبطه بحوزة المحكوم عليهم المنفذ فيهم عقوبة الإعدام وآخرين من أدوات ووسائل اتصال، وما خلصت إليه التقارير الفنية من فحص تلك المضبوطات، والتي اتفق مؤدى نتائجها اتفاقاً تاماً مع الأدلة القولية والمادية وكذلك ظروف وملابسات الواقعة المرصودة. وقد ساق حكم المحكمة الكبرى الجنائية في أسبابه تلك الأدلة على نحو تفصيلي، وأيدت محكمة الاستئناف العليا ذلك الحكم فيما انتهى إليه من إدانة المتهمين ومعاقبتهم في ضوء تلك الأدلة واعتماداً عليها. فيما أقرت محكمة التمييز الحكم في النهاية لتطبيقه صحيح القانون في أسبابه وما قضى به من عقوبة ضد المتهمين.
وجدير بالذكر في هذا الصدد أن كلا من محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية قد استندت في أسباب الإدانة إلى ما قام من أدلة مادية تؤكد دون ثمة شك ضلوع المحكوم عليهم في ارتكاب الجرائم موضوع الاتهامات المسندة إليهم، ومنها العثور بحيازة أحد المحكوم عليهم على مواد مما تستخدم في صناعة العبوات المتفجرة، وأيضاً العثور بإحدى العبوات المتفجرة التي تم زرعها في مكان الواقعة والتي أبطل مفعولها على خلايا بشرية ثبت تطابقها مع الحمض النووي لأحد المتهمين المدانين، وما ثبت من فحص هواتف بعض المحكوم عليهم من استعمالهم برنامج اتصال معيناً، ثبت تواصلهم من خلاله وتبين من تفريغ المحادثات المسجلة على ذلك البرنامج والتي جرت بينهم خلال الأيام السابقة على الواقعة، وكذلك في ذات يوم وقوعها، بل وفي وقت ارتكابهم الجريمة تنسيقهم ورصدهم تحركات الشرطة واستهدافهم قوات الأمن. كما ثبت أيضاً من فحص المضبوطات أن الهاتف المستخدم في تفجير العبوة التي استهدفت بها قوات الشرطة والذي كان مثبتاً عليها لاستعماله كصاعق، وكذلك الهاتف الذي استخدم في الاتصال به لإحداث التفجير عن بعد، قد تم تجربتهما في الليلة السابقة على الواقعة وكان ذلك بمعرفة أحد المحكوم عليهم وبالقرب من مسكن محكوم عليه آخر. كما اتفقت نتائج تقارير الطب الشرعي والأدلة المادية والمختبر الجنائي من حيث تحديد طبيعة ونوع المواد المستخدمة في تكوين العبوة المتفجرة وكيفية إعدادها وتجهيزها وأسلوب تفجيرها مع ما جاء باعترافات المحكوم عليهم في هذا الشأن، وقد صادقت تلك الأدلة المادية على ما جاء بأقوال المحكوم عليهم بالتحقيقات بما أكد سلامتها، وصحة ما تضمنته من ضلوع المحكوم عليهم في ارتكاب الجرائم المسندة إليهم وتحديد لأدوارهم فيها.
ومن ناحية أخرى ذكر المحامي العام أن محامي بعض المحكوم عليهم قد دفعوا ببطلان الاعترافات بدعوى حصولها بطريق الإكراه، وقد ردت المحكمة سواء المحكمة الكبرى الجنائية أم محكمة الاستئناف العليا على ذلك الدفع بعدم وجود ثمة أدلة على ما ذهب إليه الدفاع وبأنها تطمئن إلى سلامة اعترافات المتهمين وصدورها طواعية واختياراً عن إرادة حرة، وباعتدادها بتلك الاعترافات لصدقها ولمطابقتها الحقيقة والواقع على نحو ما سلف بيانه، وقد أقرت محكمة التمييز هذا الحكم بما اشتمل عليه من أسباب ومنطوق.
وأضاف المحامي العام أن القضية قد تداولت أمام المحكمة الكبرى الجنائية، وكذلك أمام المحكمة الاستئنافية بدائرتين مختلفتين. كما نظرتها محكمة التمييز مرتين، وقد حصل المحكوم عليهم ومنذ بدء محاكمتهم وصولاً إلى حكم محكمة التمييز الأخير على محاكمات علانية، وفرت فيها الضمانات القانونية المقررة للمتهمين بحضور محاميهم؛ الذين اطلعوا على القضية وألموا بها إلماماً تاماً، وأبدوا مرافعاتهم الشفوية والمكتوبة.
وقد بلغ عدد القضاة الذين شاركوا في نظر القضية وإصدار الأحكام إثني عشر قاضياً من مختلف درجات التقاضي؛ تيقنوا تماماً من قوة الأدلة على إدانة المحكوم عليهم، ولم يروا فيها شبهة أو داعياً للرأفة أو التخفيف، الأمر الذي ينبئ عن تواتر القناعة لدى القضاة ويدل على أن الأحكام الصادرة عنهم هي عنوان الحقيقة وفقاً لقناعتهم وما أملته عليهم ضمائرهم.