يصف سائقو سيارات الأجرة في الدار البيضاء شركة "أوبر" المختصة في تكنولوجيا النقل وسيارات الأجرة بأنها "ناقل غير مشروع في العصر الحديث"، ويعبرون باستمرار عن سخطهم منها على غرار ما حصل في عدد من دول العالم.
ويعلق نور الدين، أحد هؤلاء السائقين، وهو جالس على غطاء محرك سيارته وسط عاصمة المغرب الاقتصادية في انتظار حضور أحد الزبائن "عندما تفتح تطبيق شركة أوبر على هاتفك النقال سترى سائقيها يحومون حولك مثل الفيروسات".
ويضيف نور الدين بسخط "إذا أردت أن تقضي على الفيروس فلن تكفيك المضادات الحيوية لوحدها، بل يجب عليك اللجوء إلى حلول جذرية ومن بينها نصب كمائن" للسائقين.
وينتاب الغضب والسخط العشرات من سائقي سيارات الأجرة الصغيرة مثل نور الدين في الدار البيضاء البالغ عدد سكانها 4,2 ملايين نسمة، من شركة "أوبر".
ولإسماع الصوت، قام هؤلاء السائقون قبل أيام قليلة باستعراض للقوة في المدينة، حيث تظاهروا بأنهم زبائن عاديون فاتصلوا بسيارات تابعة ل"اوبر" واقدموا بعدها على احتجاز السائقين وتسليمهم للشرطة أمام ذهول المارة.
وتعتبر هذه الشركة الأميركية مخالفة للقانون في عاصمة المغرب الاقتصادية منذ إعلان ولاية الدار البيضاء في أغسطس/ آب أنها غير مشروعة، وذلك بعد شهر واحد على انطلاق نشاطها رسميا.
وكانت الدار البيضاء حينها أول مدينة في المغرب العربي وأفريقيا تستقر فيها شركة "أوبر".
وفي الاسبوعين الماضيين احتجز سائقون غاضبون ثلاثين من سائقي هذه الشركة في الدار البيضاء وسلموهم الى لشرطة، على ما ذكرت الصحافة المحلية، كاشفة عن نصب هؤلاء السائقين لكمائن ووجود مطاردات وتهديد وترهيب، في شبه تقمص لدور الشرطة.
خارج عن القانون
ويوضح مسئول محلي في الدار البيضاء لوكالة فرانس برس أن موقف السلطات "لم يتغير، ونعتبر ان شركة لا تملك ترخيصا تعمل خارج القانون".
وتشرف السلطات المحلية في المدينة على قطاع النقل فيها، ولم تبد وزارة النقل والتجهيز أي رأي في الموضوع بعد.
وتواصل شركة "اوبر" نشاطها بشكل عادي في المغرب، ولها رأي مخالف في هذا الموضوع.
وتقول مريم بلقزيز المديرة العامة للشركة في المغرب لوكالة فرانس برس "نحن شركة متخصصة في تكنولوجيا النقل حيث نقدم خدمة الربط بين الزبائن والسائقين ولسنا شركة للنقل".
وتضيف بلقزيز تعليقا على ما يحصل للشركة في المغرب "كما هو الحال بالنسبة لاي تغيير كبير، فإننا نواجه نوعا من المقاومة، ولكن مع مرور الوقت سيعتاد الناس على هذه الأشكال الجديدة للاستهلاك".
وتعتبر مريم بلقزيز ان الأحداث الأخيرة التي تعرض لها السائقون المعتمدون لدى الشركة هي "أعمال فردية، ولم تخلف جرحى، وإنما يتعلق الأمر بتحرش وابتزاز"، مضيفة أن "سائقي أوبر صدموا قليلا ونحن سنتخذ التدابير اللازمة لحمايتهم".
وتقول "ليست كل سيارات الأجرة ضد أوبر (..) فحتى اليوم ادرجنا 250 سيارة أجرة في قاعدة بياناتنا، وما زلنا نواصل إدماج المزيد (...) كما نواصل النقاش مع السلطات لأن هناك فراغا قانونيا يحتاج إلى توضيح".
وترفض الكشف عن عدد السائقين الذين يعملون مع الشركة أو رقم اعمالها منذ انطلاقها في المغرب، وتكشف فقط أن "هناك تزايدا مطردا في خدماتنا" في المغرب، حيث بلغ عدد زبائن الشركة 15 ألفا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وإذا كانت سائقو بعض سيارات الأجرة وافقوا على ان يعملوا مع "اوبر" إلا أن ممثلي ما يزيد عن 18 ألف سيارة أجرة صغيرة وكبيرة ما زالوا ينددون بما يرونه منافسة غير عادلة تمارسها هذه الشركة وبعض الشركات المحلية التي تعمل بالنظام نفسه.
في المقابل، تقول النقابات المرتبطة بالقطاع، وعددها يقارب الأربعين في الدار البيضاء، إنها لا تدعم أعمال العنف، لكنها تؤيد اعتراض سائقي سيارات الأجرة كما حصل في بلدان أخرى مثل فرنسا والبرازيل ومصر.
ويقول عبد الوهاب عوجان الذي يرئس جمعية مغربية صغيرة لسائقي الأجرة "ما بين اعتماد النقل بالترامواي في الدار البيضاء، وتزايد عدد السائقين غير القانونيين، اتت اليوم شركة أوبر. إنهم يريدون قتلنا!".
وتشهد الدار البيضاء كبرى مدن المغرب من حيث المساحة والسكان، اقبالا مطردا على وسائل النقل البديلة أمام تنامي السمعة السيئة لسيارات الأجرة الحمراء المحلية من حيث التعامل مع الزبائن وطريقة القيادة.
لذا يدافع عدد من المستخدمين والزبائن عن خدمات النقل الجديدة، ويسمع الكثير منهم صوتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يبلغ عدد محبي صفحة أوبر-المغرب قرابة 10 آلاف. وهم من خلال الصفحة يشكرون الشركة وفي الوقت نفسه ينددون من خلال تعليقاتهم ب"سوء معاملة المغاربة" من طرف بعض السائقين و"احتيال ونصب" سائقين آخرين.