سويعات معدودة تفصلنا عن بزوغ العام الجديد، ليطوى واحد من أكثر أعوام ما بعد الحرب الباردة الزاخرة بالحوادث الكبرى، ورحيل عدد من الشخصيات القيادية والمهمة في عوالم السياسة والثقافة والفن والرياضة، أما على مستوى عالمنا العربي فلا يلوح في أفق العام الجديد أي بصيص أمل بتغير ذرة من أحواله المزمنة في ترديها نحو الأفضل؛ بل تسير اطراداً كالمعتاد من سيئ إلى أسوأ، إن على المستوى القُطري أو على الصعيد القومي، اللهم إلا اقتراب الحسم النهائي مع «داعش» في الموصل، وتحرير العراق من دنسه وشروره، وكذلك مؤشرات نحو المزيد من ضعضعة وجوده في سورية، لتحرير بقية المناطق التي يسيطر عليها. وغنياً عن القول إن إلحاق الهزيمة العسكرية النهائية به في كلا البلدين إذا ماتمت، لا تعني ألبتة نهايته السياسية والعقائدية على المستويين العربي والعالمي.
وإذا كان من الصعوبة بمكان أن نتناول أهم حوادث هذا العام عالمياً وعربياً في هذا الحيّز، فحسبنا تالياً على الأقل أن نكتفي بتناول ثلاث منها وقعت جميعها في أواخر هذا الشهر:
الحدث الأول: سقوط الطائرة الروسية توبوليف المتوجهة إلى سورية، وعلى متنها ما يقرب من 100 راكب بينهم فرقة موسيقية عسكرية للترفيه عن الجنود العسكريين المتواجدين في قاعدة حميم باللاذقية، هذه الحادث الكارثي لا يبدو أنه هز الشعب الروسي بما فيه الكفاية، ولو ضحاياه ينحدرون من دولة غربية ديمقراطية غربية لكان كافياً لتتزلزل الأرض من تحت أرجل ساستها زلزالا، لكنهم لأنهم ينحدرون من دولة لم تخلص بعد من مواريث من أرثها الشيوعي الشمولي الطويل، فإن حياة الإنسان مازالت تُسترخص من أجل قضايا خارجية ليست مصيرية، اللهم إلا لمجرد إثبات أن روسيا تمكنت من أمجادها في الحقبة السوفياتية كدولة عظمى ثانية ندة للولايات المتحدة.
نعم، ثمة عرب راضون عن سياسة موسكو المحابية لسورية، وسياساتها المناوئة لأميركا في مناطق كثيرة من العالم، وربما يسرنا مواقف كثيرة قد نجدها في صالح قضايانا؛ لكن ما لا يصح حقيقةً ألا تكون هذه المواقف مرتبطة بمصالح شعبها، والذي آن الأوان للقيادة الروسية لتحديث هذا النوع من الطائرات تحديثاً فاعلاً. وأن تلتفت أيضاً لمصالحها بتقليل حجم الإنفاق العسكري، ومواجهة غول الفساد الداخلي، وتحسين الأحوال المعيشية للفقراء والطبقة المتوسطة، وتعميق التحولات الديمقراطية الحقيقية عبر تجذير الاصلاحات السياسية الديمقراطية، ونبذ الأساليب الشمولية لإدامة الحكم وخداع الجماهير.
الحدث الثاني: ويتمثل في قيام الإرهابي الداعشي التونسي أنيس العامري باستخدام شاحنة لدوس جمع من المتسوقين في أحد أسواق عيد الميلاد، ما أسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص، وقد لقي المجرم مصرعه لاحقاً على أيدي الشرطة الإيطالية في ميلانو، إلا أن هذا الحادث الذي يُعد حلقة في سلسلة حوادث إرهابية متعاقبة طوال السنوات الأربع الماضية لم يفضح الثغرات الأمنية الخطيرة التي مازالت الدول الأوروبية تتخبط فيها في مواجهة الإرهاب حتى بالاقتصار على الوسائل الأمنية فحسب، بل وكشف من جانب آخر نبل عائلته التي أعلنت تبرؤها منه مبدئياً، وهو ما سبق أن طالبنا به في مقال سابق، بأن تُقدم على ذلك كل عائلة عربية شريفة أبية النفس، مهما علا وضعها الاجتماعي والقبلي، يثبت تورط ابن لها في الإرهاب حمايةً لشرفها وسمعتها الدينية والاجتماعية، علماً بأن عائلة أسامة بن لادن سبق أن قدمت قدوة في هذا الصدد، منذ أول ثبوت تورطه في الارهاب في التسعينات.
الحدث الثالث: ويتعلق بزيارة الوفد التجاري اليهودي الأميركي للبلاد، وما أحدثته هذه الزيارة من صدمة عنيفة في نفوس البحرينيين، وردود فعل شعبية قوية واسعة النطاق ومستنكرة إياها من قِبل مختلف الفئات والانتماءات السياسية والدينية والطبقية والتي اعتبرتها طعناً في كرامة شعب البحرين العروبي المسلم، فحتى إذا ما سلمنا جدلاً بعدم صهيونية أعضائه، كما حاول أن ينافح أفراد بذلك، فإن البحرينيين الذين تسامروا وراقصوا أعضاءه في مجالسهم الخاصة بقلنسواتهم اليهودية، قد جاء في أسوأ توقيت تمر به أمتهم العربية المثخنة بالجراح، وفي لحظةً مازالت أصداء شتائم رئيس العدو الاسرائيلي نتنياهو ضد المجتمع الدولي والامم المتحدة تتردد، ناهيك عن تقريعه معظم الدول التي صوتت على قرار وقف الاستيطان في مجلس الأمن، ومن ضمنها أميركا حليفة «دولته»، ما يشكل طعنة غائرة لسمعة شعبنا كواحد من أعرق شعوبنا العربية في نصرة ودعم قضية شقيقه الشعب الفلسطيني منذ النكبة في 1948.
وشخصياً، ولكون «باب البحرين» هو أشهر معلم سياحي وتاريخي حديث تُعرف به بلادنا على المستويين الخليجي والعربي، مثلما هو عزيز جداً على قلوب البحرينيين جميعاً، باعتباره الركن المعماري الأول الحديث لهُوية وطنهم وعاصمتهم المنامة، فقد تمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني ولا أرى مشهد رقصاتهم عند هذا المعلم الأثير.
إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"العدد 5229 - الجمعة 30 ديسمبر 2016م الموافق 01 ربيع الثاني 1438هـ
قصدك 100ارهابي متجين الى سوريا
والأزمة والإحتقان السياسي في البحرين ?
حسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم وقف مع اليهود واستنصرهم علينا اللهم انتقم لنا ممن ظلمنا
التطبيع موجود والكل أعلم بذالك وما خفي كان أعظم
لماذا ماتكلمت عن البحرين البحرين تمر بازمة سياسيا والعالم كله يتحدث عنها
اي والله .. اثلجت صدورنا أيها الكاتب المتميز.. شكرآ لك وأطال الله في عمرك... ..اسم الله عليك ياأبوهيثم ولا تبلعك الأرض ولا شيء بتعيش وبتشوف
جزاك الله خيرا
الاستاذ الفاضل رضي السماك
اثلجت صدورنا
وأظن هذا احساس كل شخص غيور على دينه
أحسنت يا استاذ رضي اتمنى ان يكون كل بحريني عاش نفس الاحساس
عيش عمر طماشه