محطات مثيرة شهدتها الكويت في 2016، الذي يستعد للأفول وطي صفحته، في ما يتعلق بملف الإرهاب، كان أبرزها تفجير «أبو انور الكويتي» واسمه عبدالعزيز أنور الماص، في معسكر للحشد الشعبي العراقي في منطقة مخمور، بعد ان ترك دراسته في أميركا لينضم لتنظيم «داعش»، ثم أتت محطة «أبو تراب الكويتي» الذي أخاف العالم بعد دراسته علوم الناقلات البحرية في بريطانيا ثم انضم لـ«داعش» ، وفق ما قالت صحيفة الراي الكويتية اليوم السبت (31 ديسمبر/ كانون الأول 2016).
كما شهد هذا العام اعلان التنظيم المطالبة باستهداف قاضٍ كويتي شارك في إصدار الأحكام الخاصة بتفجير مسجد الإمام الصادق. وقام التنظيم بنشر مناهجه التعليمية، الأمر الذي دعا وزارة الداخلية من التحذير من تداول هذه المناهج. وعلى صعيد تنظيم القاعدة، طالب الداعيان الكويتيان جابر الجلاهمة ومحمد الحصم بحل تنظيم القاعدة، متهمين إياه بأنه أصبح وبالاً على أي أرض يحل بها.
وفي تفاصيل الأحداث، نبدأ من نفير «أبو أنور الكويتي» التي انطلقت رحلته من منطقة «جنوب السرة» في الكويت إلى بلاد الرافدين، مروراً ببلاد العم سام ومن ثم تركيا، وكانت أبرز محطاته الذي انفردت «الراي» بنشرها خبر مقتله بعد انضمامه لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وتفجير نفسه في منطقة مخمور بالعراق، مستهدفاً قوات «الحشد الشعبي» العراقي.
الداعية السلفي حاي الحاي كشف، في وقت سابق، لـ «الراي» عن محاولاته المستميتة لإرجاع «أبو أنور» الذي لم يستجب، مجيباً: «سنأتيكم نقاتلكم في الكويت، ونحررها منكم فأنتم لا تقولون الحق».
الحاي الذي تلقى اتصالاً من «أبو أنور»، الذي كان يقاتل مع داعش في «ولاية دجلة»، أكد أن «أبو أنور لم يكن يحمل أي مقدار من العلم الشرعي ولا يحفظ القرآن ولا متون الأحاديث، ولم يكن حتى من طلاب العلم، وليس لديه شيوخ يتعلم منهم». وفيما أكد الحاي ان «أبو أنور كان متفوقاً علمياً، حيث كان يدرس العلوم التكنولوجية في أميركا ويتقن الرسم أيضاً»، أوضح ان «انحراف فكره واعتناقه لأفكار داعش جاء بعد سفره للولايات المتحدة».
وأشار إلى ان «أسرة أبو أنور ذا الـ21 ربيعاً كانت رافضة لما أقدم عليه، وحاولت مراراً إثناءه عن المضي قدماً في هذا الطريق»، مبينا ان والدته كانت طبيبة وتوفيت قبل سنوات.
وكانت الأجهزة الأمنية قد حققت مع عدد من أفراد أسرة «أبو أنور»، بعد تلقيها معلومات استخباراتية عن مغادرته أميركا للالتحاق بداعش، حيث بينت التحقيقات آنذاك انه لم يسبق ملاحظة أي ارتباطات لديه بجماعات متطرفة، وان تواصله مع التنظيم كان عبر استخدام مواقع انترنت خلال فترة تواجده في أميركا.
أما عن محطة ابو تراب الكويتي الذي درس في بريطانيا وذهب الى سورية، تاركاً مخاوف دولية من حجم معارفه العسكرية التي تلقاها وإمكانية تطبيقها «ارهابياً» بانضمامه لتنظيم «داعش».
ابن الكويت، علي محمد عمر العصيمي الذي سافر إلى المملكة المتحدة بمنحة دراسية في أعرق الكليات البحرية، ترك دراسته واتجه إلى سورية للانضمام إلى تنظيم «داعش» مخلفاً وراءه عائلته ووظيفة حكومية «نفطية» كانت تنتظره.
ونشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية تقريراً عن العصيمي الملقب بـ «أبو تراب» ذكرت فيه ان «علي الذي ترك دراسة البحرية في أحد أهم كلياتها في بريطانيا، ليبحر في عالم الإرهاب ويدخل سورية في 16 أبريل 2014، بات يشكل خطراً كبيراً تخشاه المملكة المتحدة والولايات المتحدة نظراً لاطلاعه على معلومات مهمة عن الأسطول البريطاني بحكم المناهج التي درسها والخبرة الواسعة التي اكتسبها عن البحرية الملكية، وسط مخاوف من خبراء عسكريين بأن يخطف تنظيم داعش احدى ناقلات النفط أو الغاز الطبيعي ويقوم بإشعالها مخلفاً دماراً كبيرا».
ولم تنته قصة أبو تراب عند هذا الحد، فقد استطاعت السلطات الكويتية إعادته للكويت، في عملية نوعية، تسلّمته بعدها النيابة العامة من أجهزة الأمن في وزارة الداخلية المواطن علي العصيمي «أبو تراب الكويتي» بعد عودته من سورية، حيث كان التحق بتنظيم «داعش» الإرهابي.
وكشف مصدر قضائي مطلع أن أجهزة الأمن تمكنت في عملية نوعية بالغة الدقة من استعادة العصيمي إلى الكويت، بعد استقراره في سورية منذ مغادرته إليها قبل عامين. وأفاد المصدر أن «أبو تراب الكويتي» الذي أشعل اسمه الخوف والقلق في الأوساط البريطانية والغربية، بعد تركه دراسته في بريطانيا والتحاقه بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش في سورية «تزوج في الرقة وأنجب طفلاً، ثم ترك زوجته». وأشار إلى ان «نقطة ضعف (أبو تراب) كانت طفله الذي أنجبه في سورية، وتمكن من الهرب معه إلى تركيا، حيث التقى بأحد أقربائه وعاد معه إلى الكويت».
وأوضح ان «أجهزة الأمن عملت طوال الفترة الماضية، منذ علمها بمغادرة العصيمي بريطانيا إلى سورية، على متابعة التفاصيل المتعلقة به كافة لمحاولة استعادته وهو ما تكلل بالنجاح أخيرا».
ووصف المصدر القضائي العصيمي بأنه «صيد ثمين ويشكل كنزاً من المعلومات سيفيد أجهزة الأمن بما سيدلي به أمام النيابة من اعترافات».
وفي محطة أخرى، وضمن قائمة ثلاثية بثها داعش، أعلن التنظيم استهداف قاضٍ كويتي شارك في إصدار الأحكام الخاصة بتفجير مسجد الإمام الصادق.
القائمة الثلاثية، التي نشرها التنظيم في قناة «دابق» على تطبيق «تيليغرام» ضمت اثنين من قيادات الضباط العسكريين في المملكة العربية السعودية أحدهما في الرياض والآخر في منطقة القصيم. ولم يعط التنظيم مزيداً من التفاصيل حول هذه القائمة لكنه اكتفى بعنونتها بكلمة «مطلوب». وأرفق التنظيم صورة المستشار مع رسالة جاء فيها: «القاضي الذي حكم على أخواتنا بنات آل نصار وعائلاتهن بالسجن والإعدام»، وأرفق بالرسالة صورة تحمل شعار مسدس.
وفي سياق متصل حسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» رسمياً الجدل الدائر، حول ما إذا كان له والٍ في الكويت أم لا، وذلك من خلال إصدار «صرح الخلافة» الذي عرض للمرة الأولى التنظيم الهرمي لولاياته ودواوينه وهيئاته. وخلت الكويت من الولايات الـ35 التي قال التنظيم إنها تابعة له وتتواجد في دول عدة استحوذت سورية والعراق على 19 ولاية منها، وتوزعت بقية الولايات في السعودية ومصر واليمن والجزائر وأفغانستان وعدد من الدول الأفريقية.
ويعد هذا الإصدار بمثابة وضع النقاط على الحروف، بعد الجدل الذي ثار حول ما إذا كان التنظيم قد سمى فهد فرج «أبو نصار» المحكوم بـ 15 سنة في قضية تفجير مسجد الإمام الصادق، والياً له في الكويت.
وأوضح التنظيم أن «دولة الخلافة تتكون من 35 ولاية متوزعة في دول عدة، 19 منها في سورية والعراق، و16 في دول أخرى»، موضحاً أن «هذه الولايات هي بغداد، الأنبار، صلاح الدين، الفلوجة، ديالى، شمال بغداد، الجنوب، نينوى، كركوك، دجلة، الجزيرة، البركة، الخير، الرقة، دمشق، حلب، حمص، حماة، الفرات».
وعن الولايات خارج سورية والعراق ذكر أنها «نجد، الحجاز، سيناء، برقة، طرابلس، فزان، الجزائر، غرب أفريقيا، اللواء الأخضر، خراسان، القوقاز، عدن، أبين، شبوة، حضرموت، صنعاء، البيضاء».
وعن الدواوين، التي تقوم بعمل الوزارات، أشار التنظيم إلى أنها تشمل «ديوان القضاء والمظالم، ديوان الدعوة والمساجد، ديوان الجند، ديوان بيت المال، ديوان التعليم، ديوان الزراعة، ديوان الفيء والغنائم، ديوان الحسبة، ديوان الزكاة، ديوان الأمن العام، ديوان الإعلام المركزي، ديوان الصحة، ديوان الركاز (النفط والغاز)، ديوان الخدمات»، لافتاً إلى أن «الهيئات الرسمية تشمل هيئة الهجرة وهيئة شؤون الأسرى والشهداء ومكتب البحوث والدراسات وإدارة الولايات البعيدة ومكاتب العلاقات العامة والعشائر».
ولم يفت التنظيم أن يشيد بخليفته أبي بكر البغدادي، مشيراً إلى أن دوره هو أن «يحض الناس على الالتزام بأحكام الشرع ويطبق الحدود ويقيم الدين وينشره ويجهز الجيوش، ويحصن الثغور، ويحمي البيضة»، فيما لفت إلى أن «دور مجلس الشورى هو مساعدة الخليفة».
ورد التنظيم على القائلين إنه ينحسر بالقول «الدولة باقية، وقبل الخلافة كان أهل الإسلام همجاً مضاعين، والفوضى تغشاهم، فضاع الدين وسُلب الحمى، وبعد إعلان الخلافة أنبتت الأرض وسار الركب وعاد الدين وذيد عن الحياض».
وفي محطة بارزة أخرى كشفت عنها «الراي» في وقتها، كشف مصدر جهادي النقاب عن «وجود أعداد متزايدة من المتشددين الكويتيين يتابعون إذاعة (البيان) التابعة لداعش»، لافتاً إلى انه «رغم أن ترددات هذه الإذاعة لا تتجاوز حدود بعض المناطق في العراق وسورية التي يسيطر عليها التنظيم، إلا ان أنصار التنظيم في الخارج يقومون بمتابعتها من خلال بثها على الإنترنت».
وأوضح المصدر أن هذه المتابعة «جاءت في أعقاب تضييق الخناق على موقع تويتر بعد إغلاق آلاف الحسابات المناصرة لداعش، بالإضافة إلى سهولة مراقبة الحسابات التي يتتبعها أنصار التنظيم أو تلك التي تقوم بمتابعتهم».
وأشار إلى ان «المتابعين الكويتيين للإذاعة ليسوا بالضرورة من المنتمين لداعش، أو ممن بايعوا زعيمها أبو بكر البغدادي، وانما قد يكونون من المعجبين بما يطرحه هذا التنظيم من أفكار»، مشيراً إلى ان «تلك الإذاعة تقدم نشرات إخبارية بشكل دوري لما تعتبره إنجازات يحققها التنظيم، فضلاً عن قيامها بحض الشباب على النفير والالتحاق بركب الخلافة المزعومة».
بدوره، قال رئيس مجلس علماء باكستان حافظ طاهر الأشرفي في تصريح لـ «الراي» ان «هذه الإذاعة تبث سموماً تضلل الشباب وتخدعهم»، مطالباً بـ «ضرورة حجبها ومنعها من نشر الأفكار الداعشية». وبيّن ان «مجلس علماء باكستان سبق وأصدر فتوى تصف الدواعش بالخوارج، وتوجب على كل من يشتبه في شخص ما بأنه داعشي بأن يقوم بإبلاغ السلطات الأمنية «.
وأكد ان «الدواعش وأنصارهم أضروا بالساحة الجهادية وأفسدوها بسبب ما ارتكبوه من حماقات وتصرفات أساءت لصورة الإسلام والمسلمين».
إلى ذلك أعلنت وسائل إعلام أميركية استقبال الكويت ومواقع أخرى في دول الشرق الأوسط 370 طياراً عسكرياً أميركياً كدعم لعملية مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» التي تشترك فيها دول عدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وسط تقديرات بأن فترة خدمتهم قد تقارب تسعة أشهر.
ونقلت صحيفة «ووتر داون ديلي» الأميركية عن قائد فوج الطيران العاشر الكولونيل مايكل مكوراي القول إن «هؤلاء الطيارين من الفوج العاشر تم تدريبهم بشكل جيد وهم على أتم الاستعداد لأداء مهمتهم»، واصفاً هذا التمركز بأنه «يدعم قدرات شركائنا ويردع المعتدين ويعزز من تواجدنا».
إلى ذلك بينما كانت تستعد مدارس الكويت لانطلاق العام الدراسي 2016، بث (داعش) مناهجه الدراسية الجديدة للمراحل كافة على شبكة الإنترنت، الأمر الذي حذرت منه مصادر إسلامية لـ «الراي» كون روابط هذه المناهج متاحة للتحميل ما يجعلها تصل بسهولة لأيدي الطلبة الكويتيين وغيرهم في دول العالم.
«الراي» اطلعت على هذه المناهج التي حوت لافتات تحض على مبايعة أبي بكر البغدادي وتمدح في خصاله، فيما اعتبر ديوان التعليم في «داعش» أنها لبنة من لبنات صرح الخلافة. وزعم التنظيم أن «هذه المناهج مستمدة من القرآن والسنة في زمن كثر فيه تحريف المنحرفين وتزييف المبطلين وجفاء المعطلين وغلو الغالين».
المناهج الداعشية، التي تم استخدام تقنيات عالية في إخراجها وطريقة تنسيقها، احتوت أيضاً على إرشادات للمعلم وكيفية تعاطيه مع المنهج الدراسي وتحفيز طلابه لتحقيق الاستفادة القصوى من تلك المناهج. وفي هذا الإطار أكد مصدر أمني لـ «الراي» أن «أجهزة الأمن المختصة تتابع بدقة كل ما يتم تداوله على الشبكة العنكبوتية من ترويج لأي أفكار أو منظمات إرهابية ومن بينها داعش»، مشيراً إلى أن «المتابعة والرصد تشمل أيضاً كل من يقوم بنشر أو ترويج هذه الروابط التي تشجع على الأفكار الإرهابية».
وشدد المصدر على أن «إجراءات فورية يتم اتخاذها فور حدوث تداول أو ترويج لمثل تلك الروابط»، لافتا إلى «نجاح الأجهزة الأمنية المختصة في رصد وإلقاء القبض على أشخاص قاموا بالترويج الإلكتروني لمنظمات إرهابية».
وعلى صعيد تنظيم القاعدة، طالب الداعيان جابر الجلاهمة ومحمد الحصم بحل تنظيم قاعدة الجهاد، متهمين اياه بـ «الانحراف الواضح». وهاجما في بيان لهما، تلقت «الراي» نسخة منه، زعيم التنظيم الدكتور أيمن الظواهري، مخاطبين إياه بالقول «أصبح التنظيم وبالا على كل أرض يحلها ولا ندري عن سر التمسك بهذا الاسم مع ما يترتب عليه من أضرار لا تخفى عليكم».
هاجم تنظيم «داعش» مؤتمراً عُقد في الكويت بعنوان «المفهوم الصحيح لأهل السُنة والجماعة وأثره في الوقاية من الغلو والتطرف»، وشارك فيه دعاة من 25 دولة من بينها السعودية وقطر وأفغانستان وباكستان والهند وموريتانيا ومصر والجزائر والمغرب ومالي ونيجيريا.
وكان المشاركون في المؤتمر الذي عُقد برئاسة المفتي العام بموريتانيا أحمد المرابط أكدوا أنه «يهدف إلى جمع كلمة المسلمين والتحذير من الغلو والتطرف بجميع صوره وتنظيماته». كما هاجم التنظيم، في قنواته على (تيليغرام) أيضاً المؤتمر الذي عقد في غروزني في أغسطس الماضي بعنوان (مَنْ هم أهل السنة والجماعة ؟) وأخرج السلفية والإخوان المسلمين من مسمي أهل السنة، ساخراً من كليهما بالقول «المشاركون في كلا المؤتمرين يدّعون أنهم هم أهل السُنة».