كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم والتي يتناقش في نتائجها وفرقها جميع الناس من دون استثناء، كثيراً مَّا كانت تحظى القرارات التحكيمية فيها بالجدل الأكبر لما ينتج عنها من تأثيرات على الكثير من نتائج المباريات.
وللتغلب على الأخطاء التحكيمية المؤثرة بدأ الاتحاد الدولي للعبة في الآونة الأخيرة سلسلة من التغييرات تعتمد على اعتماد التكنولوجيا لحسم اللقطات المثيرة للجدل إلى جانب ربط الحكام بعضهم ببعض مع الحكم الرابع بدائرة صوتية مغلقة واستخدام تقنية خط المرمى، وأخيرا استخدام الإعادة التلفزيونية لحسم اللقطات الحاسمة وخصوصا ركلات الجزاء وحالات التسلل التي تسجل منها الأهداف.
الاستخدام المكثف للتكنولوجيا قد يفسد كرة القدم ويحولها إلى لعبة فاسدة يتدخل فيها أصحاب المال والنفوذ للتأثير في نتائج المباريات، وقبل استخدام التكنولوجيا كان هناك الكثير من فضائح الفساد المرتبطة برشوة الحكام وغيرها.
وبعد استخدام التكنولوجيا فإن حالات الفساد قد تزداد، وخصوصا في ظل ارتباط الحكم داخل الملعب بجهات خارجية قد لا يعلم من هي، وهذه الجهات قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قرارات الحكم.
أن توجد غرفة مغلقة سوداء يشاهد فيها مجموعة من الأشخاص المباراة ويوجهون الحكم لاتخاذ بعض القرارات وإلغاء أو احتساب بعض الأهداف بدعوى استخدام الإعادة التلفزيونية هو أمر لا يمكن الوثوق به تماماً.
وقد يكون الحكم مرتبطاً أيضاً من خلال الاتصال مع جهات أخرى غير المسئولين فقط على الإعادة التلفزيونية وهو ما قد يفتح باباً لفساد كبير في اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
في كأس العالم الأخيرة للأندية التي توج ريال مدريد بلقبها مؤخرا بدئت تجربة نظام الإعادة التلفزيونية والتي من خلالها تم احتساب ركلات جزاء وتأكيد صحة بعض الأهداف وهو إجراء في ظاهره جيد، لكن لا يستطيع أحد التكهن بكيفية تطور الأمور في المستقبل.
متعة كرة القدم خصوصا والرياضة عموما في اثارتها وفي الأخطاء التي يقع فيها أطرافها من لاعبين ومدربين وحكام وغيرهم، فاللعبة اشتهرت بعفويتها وبكراتها الشهيرة التي أعطت إنجلترا مثل كأس العالم 1966 بقرار تحكيمي مثير للجدل، كما أعطت ألمانيا كأس العالم 1990 بركلة جزاء مشكوك في صحتها، وغيرها الكثير من القرارات المثيرة والمؤثرة.
أن تفقد العفوية في الرياضة وتتحول إلى ما يشبه اللعب الميكانيكي بدلاً من التأثير البشري إلى جانب التوقف المستمر للتأكد من الإعادة التلفزيونية والنقاش بشأنها قد يُفقِدُ اللعبة قيمتها الحقيقية ويتسبب في حالات فساد أكبر بكثير مما شاهدناه في السابق.
فهل يقر الاتحاد الدولي النظام الجديد كما هو التوجه حاليا، أم يتراجع أمام الضغوط الرافضة لتطبيقه؟.
العدد 5218 - الإثنين 19 ديسمبر 2016م الموافق 19 ربيع الاول 1438هـ