كتب الكثير من الصحافيين والكتاب والباحثين الاجتماعيين والناشطين في مجال البيئة عن السواحل في البحرين، كمعالم سياحية وترفيهية وواجهات حضارية، وقبل ذلك كحق من حقوق المواطنين المصان في دستور مملكة البحرين.
المادة (11) من الدستور تؤكد أن «الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك للدولة، تقوم على حفظها وحسن استثمارها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني». ولأن السواحل تقع ضمن ملكيات الدولة فإنها، أي الدولة، ملزمة دستوريا بمنع تمليك السواحل ملكية خاصة.
نوقشت في الصحافة الكثير من المشكلات التي تتعلق بخطر تدمير السواحل والبيئة البحرية، والتجاوزات الواقعة على البحر والسواحل، وانعكاساتها سلبا على الثروة السمكية وأرزاق المواطنين، وكذلك احتياجات المواطنين للسواحل للنزهة والترفيه وعن «الفوضى البيئية»، كما سمتها جمعية أصدقاء البيئة آنذاك. كما نوقشت الكثير من الدراسات منها للشركة الاستشارية الفرنسية، وكذلك استراتيجيات العمل الوطني لتأهيل وتطويرالسواحل في البحرين بعد تحديد عدد منها، وإعطائها الأولوية للتطوير.
في هذا المقال سنستعرض مثالا واضحا لعدم الاكتراث بمطالب المواطنين، الذين لم ييأسوا بعد من المطالبة ببعض حقوقهم، في أن يكون لهم منافذ على سواحلهم، وأن يحصلوا على موقع قدم فيها ليسترزقوا من خلالها، وليقضوا وقتا مع عائلاتهم للنزهة والترفيه من مشاكل الحياة وضيقها.
في العام 1989، وقع أهالي منطقة جرداب على عريضة، بعد أن انقطعت بهم السبل، تطالب بفتح منفذ لساحل القرية التي تطل على خليج توبلي، وإعادة استملاك ولو جزء بسيط من الساحل والذي يبلغ طوله 2.6 كيلومتر، يبدأ من ساحل الناصفة وينتهي بعين الحكيم مقابل جزيرة النبيه صالح.
عريضة الأهالي؛ العريضة في سنة 1989 تقول بالحرف الواحد: «إننا نلتمس من حضرتكم أن تنظروا لحالنا الذي جعل الذهاب إلى البحر غير ممكن وغير مسموح لأبناء القرية، والكل يعرف أن أهل البلاد معظمهم يذهبون إلى البحر للصيد وللنزهة والترفيه عن النفس. ولكن الآن انقلب الموضوع عن عكس الماضي، فبدأ التجار بتملك الأرض القريبة للبحر، وحتى داخل البحر، ويصعب على أهل القرية المرور إلى البحر. نرجو من سعادتكم الكريمة أن تفتحوا لنا ولو حتى باب لأجل العبور للبحر من بين أراض الملاك».
وقد جاء رد إدارة التخطيط الطبيعي بوزارة الإسكان آنذاك في 25 ديسمبر/ كانون الأول العام 1989م كالتالي «حضرات السادة أهالي جرداب المحترمين. إشارة إلى كتابكم المرفوع إلى سعادة الوزير بشأن إيجاد طريق مؤدي إلى البحر. نفيدكم بأن منفذ جرداب قيد الدراسة بحسب برنامج الإدارة لهذا العام، وسيؤخذ طلبكم في الاعتبار بعد إعداد التخطيط التفصيلي للمنطقة».
واصل الأهالي المطالبة بحقهم في الاستفادة من موارد البلاد الطبيعية ومنها ساحلهم العام. ففي يوليو/ تموز العام 2006؛ أي قبل 10 سنوات، تكونت لجنة أهلية لساحل جرداب وعين الحكيم، من أهدافها تمكين الأهالي في المنطقة من الوصول بسهولة إلى سواحل المنطقة وواجهتها البحرية المطلة على خليج توبلي والاستفادة منها، وتنفيذ مشروعات ترفيهية لأهل المنطقة بعد استرداد ملكية أو إعادة استملاك بعض الأراضي المطلة على الساحل لهذا الغرض، والحفاظ على معالم المنطقة وبالأخص «عين الحكيم»– العين الطبيعية التراثية بعد إعادة استملاكها.
قدمت اللجنة الأهلية عرضا بهذا الشأن للمؤتمر الأول للمجلس البلدي في العام 2008 واجتماعا رسميا مع لجنة الخدمات والحدائق، وقد كان للمجلس البلدي في المنطقة الوسطى الذي تبنى المشروع آنذاك دور يشكر عليه. كان المجلس البلدي آنذاك ينتظرعمل اللجنة الاستشارية لتطوير خليج توبلي وتأهيله، وكذلك العمل على إصدار خط الدفان وتحديد مساحة الساحل الذي سيكون ساحل جرداب من ضمنه. وقد كان هناك خيار بدفن الجيب المحصور على الساحل، واعتماده كمنطقة ساحلية وتطويره وإعادة إحياء عين «الحكيم» باعتبارها العين الطبيعية الوحيدة في المنطقة الوسطى، والتي مازالت على طبيعتها حتى بعد استملاكها.
في يناير/ كانون الثاني 2010، وفي مقابلة شخصية مع وزيرة الثقافة والإعلام آنذاك الشيخة مي بنت محمد آلخليفة، قدمت ورقة عن «عين الحكيم» التي تم ضمها لأحد الأملاك الخاصة، يطالب فيها الأهالي وزارة الثقافة والإعلام أن تضع ذلك ضمن الجهود التي تبذلها في مجال الحفاظ الأثري، وتطوير السياحة ذات المفهوم الثقافي والبيئي والعمل على تسجيل «عين الحكيم» في منظمة اليونسكو، لكي تحفظ ضمن آثار البحرين وتراثها في السجلات العالمية. كما أن هناك قرارا من المجلس البلدي للوسطى بإعادة إحياء عين الحكيم ضمن العيون التراثية، لم يعترض عليه وزير شئون البلديات والتخطيط العمراني آنذاك.
أوصل الأهالي الذين لم يفقـدوا الأمــل في استرجاع سواحلهم، بدون شك، مطلبهم طوال الـ 28 عاما بطرق سلمية وبوسائل حضارية وراقية بما يتفق مع الدستور والقانون، وخاصة أن هذا المطلب لم يكن حكرا على أهالي منطقة جرداب أو حتى القرى المجاورة فحسب؛ ولكن ليغطي احتياجات مناطق مدينة عيسى وسلماباد وعالي لحاجتهم لمثل هذا الساحل أيضا، حيث ستعم الفائدة على الجميع.
وعلى رغم أنه لم يحصل أي تطورعلى الأرض منذ ذلك الوقت، لاتزال مطالب الأهالي متواصلة في أن يتم تفعيل التشريعات والقوانين التي تحمي سواحلهم، وبيئتهم البحرية وخاصة هذا الساحل في المنطقة المطلة على خليج توبلي، والتي هي واحدة من المناطق السياحية الجميلة في مملكة البحرين، حيث موقعها الجغرافي، إضافة إلى توفر عين طبيعية تراثية في موقع جميل خلاب.
التشريعات: من هذه التشريعات المهمة على مستوى المملكة هي استرجاع السواحل وتحويلها إلى الملكية العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ والسواحل والمنافذ البحرية.
وكذلك القوانين المتعلقة بخليج توبلي الذي سجل في اتفاقية «رامسار» العام 1997، والذي صدر بشأنه قرار رقم (1) سنة 1995 من البلدية بمنع الدفان والتعمير في الخليج، وقانون رقم (53) لسنة 2006م باعتبار خليج توبلي منطقة محمية طبيعية من الفئة الثانية (منتزه وطني) بحسب التصنيف الدولي للمحميات، وتتملكه الدولة بأكمله، ويخضع لإشراف الجهة المعنية بإدارة المحميات الطبيعية بعد إقراره من مجلسي الشورى والنواب، والذي لا بد من الوصول إلى سواحله من جميع القرى المطلة عليه. وقد تحدد قانونا أن تكون مساحة الخليج ثلاثة عشر ونصف كيلومترا مربعا، وتمت الموافقة على خط الدفان المقترح على أن تبقي الجيوب التي ستكون خارج الخط، وتحتاج إلى دفان لغرض حركة انسياب المياه، ومنها جيب ساحل جرداب، جزء من ملكيات الخليج وتستعمل كسواحل عامة وخدمات ترفيهية كجزء من أملاك الدولة.
ينطبق ذلك بالطبع على جميع الجيوب المتاخمة لسواحل القرى المطلة على الخليج بما فيها سواحل جرداب والعكر وجدعلي وتوبلي؛ لأنها كانت مسبقا من المياه المغمورة التي تدخل ضمن حدود الخليج بحكم القانون، ولا ينبغي تسجيلها خارج الأملاك العامة للدولة. بعد صدور القانون والموافقة على خط الدفان والذي حدد بقرار من وزير شئون البلديات رقم (70) لسنة 2011، اشترط المجلس البلدي في ذلك الوقت اعتماد الأجزاء التي تدفن من الساحل القائم أن تكون جزءا من الخليج، وتبقى سواحل عامة ومنها الجزء الخاص بساحل جرداب.
يأمل الأهالي أن تقوم الأمانة العامة للعاصمة بأخذ زمام المبادرة، وبجدية، لمعالجة هذا المطلب، أي إعداد مخطط تفصيلي لمنطقة ساحل جرداب، كما هو الحال لمنطقة القرم في سند، ودفن الجيب المخصص للساحل واعتماده كمنطقة ساحلية، وإعادة استملاك عين الحكيم وهو المشروع ذو الطابع التراثي الترفيهي، على مستوى المملكة ككل، ومتابعة ما وصلت إليه هذه التطورات على أساس أن مسئولية المتابعة هذه قد انتقلت رسميا للإخوة في الأمانة العامة للعاصمة بعد إلغاء المجلس البلدي للوسطى.
إقرأ أيضا لـ "حسين مدن"العدد 5217 - الأحد 18 ديسمبر 2016م الموافق 18 ربيع الاول 1438هـ
قرية صدد الساحلية التي كان بها بندرا قديما حسب الخرائط الجغرافية والذي كان البندر الوحيد الذي تستورد عبره واليه البضائع من السعوديه، والذي هو مصدر رزق اكثر من 53 صيادا من اهل القرية ،،، تمت مصادرته عام 1995 ، وتم اغلاق الطريق المؤدي للبحر ، ولم يسترحع لحد الان رغم المطالبات الكثيرة والاجتماعات المتواصله مع المجالس البلدية ومع الوزارات المختلفة من قبل جمعية صدد الخيرية ... ورغم تقديم اكثر من ارض صغيره تصلح لاستملاكها كساحل او اقلها طريق ونرفأ صغير .... فهل سيعود هذا الساحل مجددا ...
ساحل جرداب مطلب لكل أهالي جرداب والقرى المجاورة - بعد غلقه وتسويره خنقت القرية ولم يعد لها مكانا يستجمون فيه ،الشكر الجزيل للأخ حسين مدن على أهتمامه بهذا الموضوع
صرنا بلا سواحل وآباءنا مهنتهم صيد الأسماك،في ايام فقدنا الساحل والبحر أيضاً
سيدي، اخبروكم بانهم يدرسون الموضوع! ماذا تطلب اكثر من هذا الرد، المقنع الشافي الكافي؟ الم يخبروك؛ الصبر مفتاح الفرج؟ الم يعلموك اصبر و نول؟
تأكد بان الطلب سيستجاب و اضمن لك ذلك. راجعهم بعد مائة سنة لا اكثر. الله يطول في عمرك.