العدد 5212 - الثلثاء 13 ديسمبر 2016م الموافق 13 ربيع الاول 1438هـ

«داعش»... بداية الانتشار الكبير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه هي العلامات الأولى لبداية الانتشار الكبير لتنظيم «داعش»، قد بدأت تلوح في الأفق. وعلى خلاف التوقعات التي تتكلم عن هزيمة التنظيم الإرهابي وسحقه نهائياً، فإنه سيَدخل وسيُدخل المنطقة في مرحلةٍ جديدةٍ من القتل ونشر الذعر والإرهاب العشوائي.

المرحلة السابقة كانت منحصرةً في بقعة جغرافية معينة تم التخطيط لها جيداً: العراق والشام. وحين تمكّن من الانتشار هناك وفرض سيطرته السريعة على مناطق واسعة من البلدين، أعلن مولّدوه عن اسم الطفل الجديد: «الدولة الاسلامية في العراق والشام». وكان كل شيء مخططاً وفق خريطة طريق «الفوضى الخلاقة»، إلا أن هذا الطفل الأرعن سرعان ما كشف عن وجهه المتوحش، وأخذ يطلق اللعنات بوجه حواضنه، مهدّداً بالغزو والتدمير.

في هذه المرحلة، سيكون «داعش» أشد خطراً، فهذا الوحش الجريح يتعرّض إلى ضربات شديدة على رأسه في العراق وسورية، تهدّد بالإجهاز عليه نهائياً خلال أسابيع، كما تم الإعلان قبل أيام عن هزيمته في مدينة سرت الليبية، فخسر قاعدته وقلعته في شمال أفريقيا.

اليوم، «داعش» مهدّدٌ بسقوط قلاعه في الموصل العراقية، بعد حلب السورية. وهذه المرحلة كانت متوقعةً تماماً، فحين تبدأ قواعده بالتصدع والانهيار، وجنوده بالانهزام، سيفكر باللجوء إلى بلدان أخرى. وحيث تضيق الخيارات اليوم أمام فلول التنظيم، فإنه سيشكل مصدر خطر كبير على الدول العربية المجاورة، بما فيها دول الخليج، فضلاً عن الدول الإقليمية المتورطة في الصراع كتركيا وإيران، ومن ورائهما أوروبا.

اليوم، تبدأ الدول التي غضّت الطرف عن ذهاب مواطنيها للصراع في سورية والعراق، بإعادة حساباتها من جديد، لتحدّد حجم الخطر المتربص بها، كلٌّ حسب أعداد الملتحقين بـ«داعش». فهذه العناصر التي ستعود من ميادين القتال الشرس، محمّلةً بنفسيات قتالية، ستكون في مواجهةٍ حادةٍ مع الدولة والمجتمع، باعتبارهما كفاراً.

الكلام ليس تخميناً ولا خيالاً، وإنّما هو قراءة للواقع، فنحن أمام تجربةٍ سابقةٍ جرت في أفغانستان في الثمانينات، يجري استنساخها بصورة شبه حَرْفية. مع فارق، أن التجربة السابقة كانت مقتصرة على من سُمّي بـ»الأفغان العرب»، حين تم استقطاب آلاف الشباب من دول عربية معينة، للقتال ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، بينما في النسخة الجديدة جرى استقدام 120 ألفاً، من 80 جنسية عبر العالم، لتنفيذ مخططات وأجندات دول كبرى تقف من وراء ستار.

في أوروبا، يتكلّمون عن 15 ألف مقاتل خرجوا من القارة العجوز، وفي تقرير بريطاني قدّم لمجلس العموم، يبلغ العدد 16337. وحسب تقديراتهم نفسها، فإن ثلثهم قتلوا في المحرقة السورية العراقية، التي ربما تقضي على عدد مقارب خلال الأسابيع المقبلة. ولكن سيبقى منهم الثلث الأخير، الذي سيبحث عن سبل للعودة إلى تلك البلدان، أو الانتشار في الأرض، لينشر الدمار. ولذلك هناك تخوف شديد من قبل الأوروبيين من هذه الموجة الارتدادية القادمة، وهم يرون ما تواجهه تركيا من ضربات وتفجيرات، حين بدأت تجني ثمار سياستها التدخلية في سورية والعراق.

في الجانب العربي، وفي تونس وحدها، هناك أكثر من خمسة آلاف مقاتل في صفوف «الدولة الإسلامية»، قتل منهم كثيرون، ورجع منهم عدد قليل واقتيد للمعتقلات، وبقي منهم عدد كبير أيضاً. وهو في طريقه إلى العودة أيضاً في حال إعلان سقوط دولة «داعش» رسمياً. وهناك مصريون ومغاربة وجزائريون ويمنيون وخليجيون يقاتلون في صفوف التنظيم، ومن ينجو منهم سيواجه خيار العودة إلى بلدانهم، حيث سيُعاملون كعناصر خطرة على الدولة والأمن والمجتمع، بسبب أفكارهم التكفيرية؛ أو خيار الانتشار في الأرض، بحثاً عن ملاجيء تؤويهم ليستعيدوا أنفاسهم ويكوّنوا «قواعد» جديدة للغارة على مناطق جديدة، كما حدث مع أسامة بن لادن بعد خروجه مطارَداً من السودان إلى أفغانستان، حيث جمع قواته وشنّ غاراته على كينيا والصومال واليمن، وتوّجها بغزوة البرجين في نيوريورك.

ليست تخميناً أو قراءة للكف، وإنّما قراءة تستشرف نهاية مرحلةٍ وبداية مرحلةٍ أخرى... في تاريخ هذا المولود اللقيط الذي بدأت انطلاقته في صحراء الأنبار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5212 - الثلثاء 13 ديسمبر 2016م الموافق 13 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 5:26 ص

      انه مستغرب انه فى اناس فى البحرين يؤيدونهم لهدرجه انتم من تؤيدونهم تحبون سفك دماء المسلمين اذا لماذا تصلون وانتم على هادى النفسيه الدين رحمة واخلاق الرسول ماكان يجبر احد على دخول الاسلام ولا كان يستخدم السيف لقتل غير المسلمين كانه يعاملهم بالاخلاق والرحمه انتبهوا الى انفسكم واعقلو وتركوا عنكم الاحقاد على المسلمين
      الله يهلك من اسس الدواعش ويهلك ...الدواعش ....

    • زائر 18 | 5:14 ص

      انها ورقة واحترقت والخسران الذى تبرع لهم بالفلوس لقتل الابرياء وكل شى امسجل عند الله لا تقدرون ان تفروا من عذاب الله الشديد ا.....

    • زائر 17 | 2:36 ص

      شكرا أستاذنا الكريم على هذا المقال القيم . لكن ما خد بيتضرر الا الشعوب المسكينة ام الحكام فهم محميين ومحصنين انفسهم حسيبى الله ونعم الوكيل .

    • زائر 16 | 2:18 ص

      نام مرتاح بوهاشم ما عليك شر ان شاء الله هههههه

    • زائر 15 | 1:31 ص

      هذا مصير من يربي الأفاعي في حضنه
      ربيتم ودعمتم داعش عسكرا وماليا وإعلاميا
      والآن ستبكون كثيرأ.

    • زائر 13 | 12:57 ص

      يستاهلون خلهم ينفعون اعداء الامة اللي تحالفو معاهم بعد ما خلصت مهمتهم رموهم

    • زائر 10 | 11:33 م

      أمريكا وبريطانيا بعد حرب فيتنام وأفغانستان والعراق قرّرت ان تخوض حروبهما بأموال الغير وبجنود الغير، وما عليهما هي سوى ادارة المعركة والتخطيط لها، وهذه قمّة النجاح في استغلال جهل وتخلّف الأمم الأخرى والتي جعلت من شبابها وقودا لحروب امريكا وسخّرت ثرواتها لتمويل تلك الحروب فأنجحت مخططات أمريكا وبريطانيا بأفضل ما يكون.

    • زائر 9 | 11:30 م

      من أنشأ داعش هي الحكومات لكن من يذوق وبالها هم الأبرياء وهكذا نحن الشعوب المغلوبة على امرها. الحكومات تأخذ من قوتنا وثرواتنا لتنشئ جماعات ارهابية تهدّد بها انظمة ودول ثم يرتدّ الكيد على باقي الشعوب المسكينة .

    • زائر 7 | 11:22 م

      فعلاً تحليل دقيق و اللّه يستر و يحفظ أمّة محمد (ص) من القادم . بارك اللّه فيك سيّدنا

    • زائر 5 | 10:39 م

      هناك فاتورة كبيرة للدماء التي سفكت في العراق وسوريا والى النساء التي هتكت اعراضها وسبيت وبيعت والى الايتام والى المشردين .. تذكر قول الشاعر:
      حسبت ان الدين لا ينقضي استوفي الدين ابا مجرم
      اشرب بكأس كنت تسقي بها أحر في الحلق من العلقم

    • زائر 4 | 10:34 م

      خلهم يشربون من نفس الكأس الذي اعدوه لغيرهم. إنما الخوف على الناس الأبرياء الذين سيتاذون من شرورهم. فهؤلاء المجرمون القتلة لا يرحمون صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا أو امرأة أو حتى شيخا هما. فكل الناس أهدافا مباحة لهم. كفانا وكفى المسلمين شرهم و فجورهم في دماء المسلمين.

اقرأ ايضاً