الشعار الذي هتف به الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله «نحن قوم لا نترك أسرانا ومعتقلينا في السجون» يصلح أن يكون شعارا أمميا ترفعه جميع المنظمات الحقوقية والسياسية وهكذا الدول التي لها أسرى أو مواطنون معتقلون في دول أخرى. فالشعار نابع من حس إنساني ووطني ومن مسئولية اجتماعية وأخلاقية وحقوقية من جهة مسئولة عن المتابعة ومحاولة الافراج عن سراح مواطنيها المعتقلين بكل السبل المشروعة.
تاريخيا، المنظمات والحكومات العربية والأسلامية لم تهتم كثيرا بمواطنيها الأسرى والمعتقلين في دول أخرى كأنما الإنسان العربي أو المسلم ليس له قيمة وعزة وكرامة. فنحن كمواطنين دائما نشيد بالدول الغربية لاحترامهم لمواطنيهم ولمحاولاتهم الجادة من أجل الافراج عن معتقل أو أسير أو رهينة. ولم نستغرب عندما أشاد السيدحسن نصرالله أمام العالم ولأول مرة بالعدو الصهيوني لاحترامه لأسراه ولرفات موتاه واستعداده لدفع أغلى ثمن لاسترجاعهم. وهذه الاشادة لم تأت من وحي الخيال بل من واقع عاشه الأمين العام وعرف كيف يفكر الآخرون ويقدمون أغلى الثمن لكرامة مواطنيهم. ولا ننسى عملية صحراء طبس الفاشلة لإنقاذ الرهائن الأميركيين في ايران، إذ خاطر الرئيس جيمي كارتر بكرسيه الرئاسي من أجل إطلاق سراح مواطنيه. وفي المقابل، نجد الدول العربية والإسلامية تخجل من متابعة قضايا مواطنيها المعتقلين لأن سجونهم مملوءة من مواطنين أبرياء ليس لهم ذنب غير آرائهم المختلفة عن هذه الأنظمة القمعية. ففي السابق عندما كانت سجوننا وزنزاناتنا في البحرين مكتظة بالشباب والشيب كسجناء سياسيين، لم تتحرك الحكومة للتوسط للافراج عن الطلبة المفقودين في العراق، ما أدى هذا الإهمال - في غالبية الظن - الى قتل هؤلاء الفتية لدرجة أننا لم نحصل حتى الآن على رفاتهم. نعم، تدخلت الحكومة بعد تحرك شعبي ملموس إثر فترة الميثاق ولكن كان التحرك خجولا ومتأخرا.
الحكومة في تلك الأيام لم تبال بحرمة المواطن البحريني المعتقل خارج البلاد لأنها كانت تنتهك حقوق هذا المواطن على أرضها، وكان المعتقلون يلاقون أشرس أنواع التعذيب والاهانة على هذه الأرض الطيبة. ولكن العتب اليوم على الحكومة لعدم التحرك للإفراج والدفاع عن المواطنين المعتقلين خارج البلاد وهي اليوم تحمل سجلا نظيفا نسبيا في مجال حقوق الإنسان. فلدينا حاليا ستة معتقلين أو أسرى في غوانتنامو ولدينا في السعودية الشيخ محمد صالح وعبدالرحيم المرباطي ونحن نعلم بأن المعتقلين لم يتم توجيه أية تهمة رسمية لهم وهم رهن الاعتقال من مدة طويلة دون محاكمة، وهذا يعتبر اعتقالا تعسفيا بكل ما للكلمة من معنى. ولا ننسى بأن المعتقلين جميعا ليسوا محتجزين عند دول عدوة بل العكس عند دول شقيقة أو صديقة، فالتفاوض هنا سهل جدا في ظل هذه المعطيات.
وما على الحكومة الا أن تتعاطى مع هذا الملف كقضية وطنية وبمسئولية اجتماعية والتزامات حقوقية تجاه هؤلاء المواطنين، وعلينا أن نعلم بأن الأهمال والتقاعس قد يؤدي - لا سمح الله - إلى عواقب وخيمة كما حصل لأبنائنا المفقودين في العراق ولنا في ذلك عبرة لمن يعتبر.
فآن الأوان أن نتعلم كحقوقيين وكدول من السيدحسن نصرالله بأن لا نترك أسرانا ومعتقلينا في السجون وأن من حقنا أن نفعل كل شئ شرعي من أجل تحريرهم أو اطلاق سراحهم بغض النظر عن أنتماءاتهم المذهبية أو العرقية او السياسية ، فالوطن لجميع أبنائه
العدد 520 - السبت 07 فبراير 2004م الموافق 15 ذي الحجة 1424هـ