العدد 520 - السبت 07 فبراير 2004م الموافق 15 ذي الحجة 1424هـ

واجهات صد مستقبلية لمقررات «المؤتمر الدستوري»

«المؤتمر الرديف» و«التأمينات والتقاعد» و «التعديلات الدستورية»

سلمان عبدالحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب

ثمة شيء يتحرك باتجاه التشويش على «المؤتمر الدستوري» المزمع عقده في تاريخ 14 و 15 فبراير/ شباط الجاري، يتضح منه الآن مشهدان، الأول: يتعلق بـ «المؤتمر الرديف» الذي ستنظمه جمعية «الميثاق» في شهر مارس/ آذار المقبل، والثاني: يتعلق بموقف جمعيتي «الوسط العربي» و«المنبر الديمقراطي» كجزء ثانٍ من التقاطع المطلوب لتطويق «المؤتمر الدستوري» ونتائجه، على رغم تأكيد جمعيتي «الوسط العربي» و«المنبر الديمقراطي» تحديدا بأنهما لن يشاركا في «المؤتمر الرديف» الذي ستنظمه جمعية «الميثاق».

إلى الآن، يبدو أن هذه التحضيرات والتقاطعات بين مختلف القوى كلها لما بعد المؤتمر الدستوري ونتائجه، غير أن التحضيرات التحتية التي قد تكون وراءها أطراف أكبر من الجمعيات تبدو أكثر تعقيدا وغموضا لمن لا يعرف حبكة خيوط اللعبة السياسية، ولا يستشعر - ولو من باب الحدس السياسي المقرون بقراءة أساليب الآخر السياسية في التعاطي مع المواقف المعارضة - أن هناك خطوطا بيانية تتحرك باتجاهات مختلفة من أجل تشويش الموقف السياسي المعارض، ليس الهدف منها أن تحقق نتائج، وإنما الهدف التشويش والتشويش فقط.

سيزداد الضغط على المؤتمر الدستوري مع اقتراب موعد انعقاده، ستظهر تحليلات صحافية معاكسة لروح ومضمون هذا المؤتمر، سيشنع بالقائمين عليه كالعادة، ولكن ليس هذا مهما، فقد أصبح اختبارا مهما لتمرين عضلات المعارضين ومقاومتهم لأمثال هذه الضغوط، ولكن المهم قبل كل شيء، هو فهم التحضيرات التحتية التي تمارسها كل الأطراف، وتجد في الحرب الإعلامية ضد الطرف المناوئ لها وسيلة لإخفاء هذه التحضيرات، وجعلها غامضة وأكثر إبهاما، حتى مع كونها غير منتجة ولا ذات جدوى.

يبقى أن يتم فهم كلٍ من حركة «الميثاق» في تبنيها لـ «المؤتمر الرديف» وفي اتجاه آخر، حركة جمعيتي «الوسط العربي» و «المنبر الديمقراطي»، في محاولة لتجريد الساحة من كل عناصر التشويش الظاهرة، وصولا إلى فهم طبيعة التحضيرات التحتية التي تمارسها جهات أكبر وأمنع من هذه القوى، وربما تكون هذه القوى بقصد أو بغير قصد واجهاتها في هذا الصدد.

أولا: جمعية الميثاق و«المؤتمر الرديف»

من الواضح أن جمعية «الميثاق» أخفقت بدرجة كبيرة في استقطاب جمعيتي «الوسط العربي» و«المنبر الديمقراطي» لـ «المؤتمر الرديف» ليس للممانعة الفعلية للجمعيتين، ولكن لأن دخول الجمعيتين في «المؤتمر الرديف» يقطع كل خطوط الوصل بينهما وبين الجمعيات الأربع، ويباعد الشقة أكثر على مستوى التنسيق في «التحالف السداسي» سواء في هذا الملف أو الملفات الأخرى، وإن كان الملف الدستوري بالنسبة إلى الجمعيتين أهم وأكبر، لوظيفتين أساسيتين:

الأولى: لكونه يمثل خط الرجعة والمشاغلة معا لبعض الأطراف داخل الجمعيات السياسية، ممن قد يميلون بعض الشيء لموقف الجمعيتين، أو يرغبون في التنسيق معهما، ما يفتح الخطوط مستقبلا لأي مناورة سياسية تتعلق بالملف الدستوري، وخصوصا مع وجود نسبة من الاهتزاز وعدم وضوح الرؤية داخل الجمعيات السياسية، وبالتالي فهذه هي الفرصة الوحيدة لإيجاد منطقة فراغ «شاغر» يمكن العودة إليها في أي وقت مع بقاء خط «التحالف السداسي» مفتوحا.

الثانية: إن دخول الجمعيتين مع جمعية «الميثاق» في مشروع «مؤتمر دستوري رديف» مع إمكان التطابق في الكثير من وجهات النظر بين الجمعيتين و«الميثاق»، أكثر من تطابق الجمعيتين مع الجمعيات الأربع المقاطعة، قد يمثل نهاية التحالف السداسي، وخصوصا أن الافتراق تم في أهم ملف يمكن أن يجمع «التحالف السداسي» على هدف استراتيجي، وهو الملف الدستوري، ما يعني أن بقية الملفات يمكن أن تكون جامعة ومفرقة في الوقت نفسه، لأنها ملفات يمكن أن يقوم بها أي طرف إذا ما اجتهد فيها.

جمعية «المنبر الديمقراطي» مثلا تعتد كثيرا بنوابها في البرلمان في طرح الملفات الساخنة، فماذا تبقى لهذا التحالف، هل تنظم مثلا «الوسط العربي» للتحالف الرباعي في ظل عدم وجود ممثلين لها في البرلمان، لتفقد جزءا من هويتها ومرئياتها التي على أساسها قررت عدم المشاركة في «المؤتمر الدستوري»، ومنها ضرورة إشراك البرلمان في حل الاشكالية الدستورية؟ هل تتعامل «الوسط العربي» مثلا مع الملفات الساخنة كما تعاملت مع «الملف الدستوري» بفرض ضرورة التعامل مع البرلمان في هذه الملفات، والذي ترفضه الجمعيات المقاطعة رفضا قاطعا، أم تنكفئ على نفسها ودورها ومرئياتها مع علمها الأكيد بأن دورها المفرد في ظل محدودية نفوذ أعضائها في الوسط الشعبي غير قادر على طرح أي ملف عدا إصدار البيانات؟ إذن، لابد من المناكفة مع محدودية الدور والتأثير، فهذا هو الدور الفعلي.

والسؤال: إذا كان وضع الجمعيتين، متشابكا ومعقدا إلى درجة التأزم في العلاقات السياسية، وهما بحسب الفهم البسيط، ثمالة دور معارض، فعلى من تعوّل جمعية «الميثاق» في إقامتها لـ «المؤتمر الدستوري الرديف»؟ هل تعول على مثيلاتها في الدور والتوجه، ممن يصح أن يسمون بـ «أحزاب سلطة» غير هذه الجمعية التي احتكرت هذا اللقب؟

يبدو أن «الميثاق» لا تفكر البتة مثلا في دعوة الشخصيات التي سيدعوها «المؤتمر الدستوري الأصل» سواء من الداخل أو الخارج، فهم يقينا من نمط وتوجه مختلف، وإلا لما دعتهم الجمعيات الأربع المقاطعة، إذا كانوا سيشهدون شهادتين مختلفتين في أزمة دستورية واحدة، ما يعني أن خيارات «الميثاق» تنظيميا منكفئة، إذن ... لما الإصرار على إقامة هذا المؤتمر؟ والجواب: هو لدحض مقررات «المؤتمر الدستوري الأصل»، وسيحظى هذا المؤتمر بكامل الرعاية الرسمية، لأنه يقينا سيمثل التوجهات الرسمية، فـ 15 عضوا من أعضاء «الميثاق» هم أعضاء في مجلس الشورى، المعينين برغبة وإرادة رسمية.

يبقى تخمين ماذا يمكن أن يتمخض عن «المؤتمر الرديف» الذي تنظمه «الميثاق» من قرارات، مع كون 15 عضوا من واجهاتها السياسية أعضاء في مجلس الشورى؟ والجواب: يقينا لن يكون إنقاص صلاحيات مجلس الشورى، أو تقليص عددهم إلى 20 مثلا، لأن ذلك سيحتاج إلى إعادة فرز المعينين في مجلس الشورى لمعادلة النسبة بين كل الأطياف الموالية للنظام، وهذا يعني خسارة الكثير من أعضاء «الميثاق» إلى مقاعدهم في مجلس الشورى، فليس معقولا أن يكون عدد أعضاء المعينين في مجلس الشورى من جمعية «الميثاق» 15 عضوا من أصل 20 إذا ما تم تقليص عددهم إلى هذا العدد، إلا إذا كان المراد من ذلك تركيز مفهوم «الغالبية» عند «حزب السلطة» في مجلس الشورى.

يبقى السؤال: ماذا يمكن أن يتمخض عن «المؤتمر الرديف»؟ التخمين الأقرب إلى الواقع وفق المعطيات المحدودة لـ «المؤتمر الرديف»، أن يتوصل المؤتمر إلى توصية إصلاح وضع الشورى والنواب معا، وإعطائهم صلاحيات تؤهلهم لممارسة دورهم على قدم المساواة من دون عوائق من السلطة التنفيذية، وربما يدعو إلى تطعيم مجلس الشورى بالخبرات في مجالات اختصاصية معينة، وهذا الأمر له علاقة مباشرة بالحراك المتوقع لجمعيتي «المنبر الديمقراطي» و«الوسط العربي»، وخصوصا في ظل التفاصيل المثيرة لملف «التأمينات والتقاعد» والذي يبدو أنه لم يخبو بعد، فمازال هناك تعويل عليه من قبل الجمعيتين لطرح مرئيات دستورية بعد الانتهاء منه، وهنا مورد التقاطع بين جمعيتي الوسط العربي، والمنبر الديمقراطي وجمعية «الميثاق». حتى مع عدم المشاركة في «المؤتمر الرديف»، فما يحصل أشبه بتحريك الخانات والمواقع في أكثر من جهة، حتى لو كانت النتائج لا شيء. ولتكتمل صورة هذه التقاطعات الضبابية إلى الآن، لابد من تجلية «المشهد الثاني» والمتعلق بحراك الجمعيتين «الوسط العربي» و «المنبر الديمقراطي».

ثانيا: موقف «الوسط العربي» والمنبر الديمقراطي» من «الأزمة الدستورية»

قبل تحليل موقف الجمعيتين، لابد من توطئة مهمة، وتتعلق بالمبادرات التي تظهر هنا وهناك من قبل بعض الفعاليات السياسية، وتقاطعها مع موقف الجمعيتين من جهة، ومع «التعديلات الدستورية» التي سيطرحها «النواب الوطنيون الديمقراطيون»، إذ إن التعديلات الدستورية نائمة إلى الآن، إلا أنه ملف موجود، أفصح عنه أصحابه، وهم عازمون على طرحه على رغم كل الإشكالات القانونية القاتلة المتعلقة به، إضافة إلى التقاطع الثالث أيضا مع «ملف التأمينات والتقاعد»، كل هذه التقاطعات تمثل بعدا أكثر خطورة وتعقيدا من «المؤتمر الرديف» الذي ستنظمه جمعية «الميثاق»، فـ «المؤتمر الرديف» يعد جبهة صد مباشرة ومكشوفة لـ «المؤتمر الدستوري الأصل» ولن يحمل مناورة أكثر من توصيات محدودة، وبعض المحاولات للرد على مقررات «المؤتمر الدستوري الأصل»، إلا أن الأخطر يقينا هو حراك «الوسط» و«المنبر» بتقاطعاته الثلاثة.

فقبل فترة، أعلن رجل الأعمال تقي الزيرة، وهو شخص يمتلك علاقات في الأوساط الدينية والعلمائية تحديدا، مبادرته «الحل عبر بوابة مجلس الشورى» وشكل لهذه المهمة «منتدى الحوار الوطني» وهي مبادرة قديمة جديدة، تم عرضها على أصحاب المبادرة إبان انتفاضة التسعينات، إذ كانت فحواها في تلك الفترة، انتخاب 75 في المئة من المجلس الوطني وتعيين 25 في المئة إضافة إلى وجود الوزراء بحكم وظائفهم كما هو موجود في دستور 73، ما يعني اقتسام السلطة التنفيذية مناصفة بين السلطة التنفيذية والتشريعية.

تم تحسين هذا العرض من قبل الزيرة بعد أن تم تطبيق العرض الحكومي السابق على وضع التجربة الحالية، فكان عرض الزيرة: بأن يعين أشخاص «أكفاء» من مختلف القطاعات والتخصصات، أو يتم انتخابهم انتخابا غير مباشر، من دون الالتفات إلى التغييرات الجذرية الأخرى في الدستور، والتي سببت عجزا مزمنا للمجلس الوطني بغرفتيه، على أي تشكيلة كان، ما يعني أن الوضع الحالي في كل عروضه مشابه للسابق إن لم يكن أكثر تراجعا بسبب التغييرات التي وقعت على دستور 73، والتي لم تطل باب التشريع فقط، وإنما طالت أبوابا أخرى، وأعطت صلاحيات لم يكن مقررا إعطاؤها لأحد.

أما عن التعديلات الدستورية التي ينوي «النواب الوطنيون الديمقراطيون» تقديمها الى مجلس النواب والتي لم يفصح إلى الآن عن موعد تقديمها بعد، بعد أن كان مقررا تقديمها في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بحسب تصريح النائب الأول عبدالهادي مرهون، فمن الواضح جدا أن هذه التعديلات لا يمكن أن تمر عبر آلية الإعاقة (مجلس النواب + مجلس الشورى + السلطة التنفيذية) لكونها تتعلق بزيادة صلاحيات المجلس المنتخب على حساب صلاحيات مكتسبة أكسبها دستور 2002 إلى مجلس الشورى والسلطة التنفيذية، مع إبقاء مادة أن التعديل في الدستور لا يكون إلا جزئيا، ما يعني استحالة إجراء تعديلات من خلال هذه الآلية، فضلا عن كون هذه التعديلات لا يمكن أن تقدم كمقترح بقانون، لأنها تشمل تغييرات في الدستور، ولا تنص على قانون محدد، فهذه ثلاث ثغرات إجرائية قانونية كافية لنسف فكرة هذه التعديلات من الأساس، وإصرار النواب عليها، خرق لدستور 2002 الذي أقسموا على احترامه وتطبيقه.

يبقى أن تفهم هذه التحركات في ضوء «التسويات السياسية» التي يطالب بها هذا الخط بكل شخوصه وتجلياته، والتي تظهر بقوة ثم تخفت مع خفوت حراك الاتجاه المعارض أو تجليه بقوة على السطح، والأخطر في كل المداولات، هو ذلك التعبير الخطر الذي جاء به النائب الأول عبدالهادي مرهون حين أشار إلى «المزاعم الكيدية» إلى المقاطعين، واصفا إياهم بأنهم لا يقبلون بحلول «المساومة التاريخية» فلفظ المساومة وفق الفهم الدلالي له يعني بيع المواقف السياسية والتنازل عن الحقوق، وهو لا يرادف أبدا مفهوم «التسوية السياسية» التي تعني فيما تعنيه الجلوس للحوار والتوافق على حل يرضي الطرفين، لا يتخلى فيه أي من الطرفين عما يمس كرامته وإحساسه بالعزة وكونه إنسانا صاحب موقف ومبدأ، فهذه هي التسوية، وتلك هي المساومة، فأي من المفردتين قصد مرهون.

يمكن التأسيس لمفهوم التسوية المقصودة عند كل هذه الأطراف، وخصوصا موقف الجمعيتين، وموقف «المنبر الديمقراطي» تحديدا، وفصيله البرلماني المتمثل في «النواب الوطنيين الديمقراطيين» وفق المعطيات التي أشار إليها رئيس الدائرة السياسية في جمعية «الوسط العربي» إبراهيم جمعان، حين أكد أن الجمعيتين تنتظران الموقف الرسمي من ملف التأمينات والتقاعد، معتقدا بوجود مسعى حكومي لزيادة صلاحيات المجلس المنتخب في ضوء نتائج ملف التأمينات والتقاعد، يشابه هذا الفهم ما أشار إليه نائب رئيس جمعية «المنبر الديمقراطي» خالد هجرس من ضرورة وجود تسوية سياسية من أجل الإصلاح الدستوري، في إشارة إلى «التعديلات الدستورية» التي سيقدمها فصيلهم البرلماني، معتبرين أن هذه الفرصة هي الأنسب لطرح المرئيات الدستورية.

وهنا مورد التقاطع بين جمعية «الميثاق» ومؤتمرها الرديف، وبين جمعيتي «الوسط العربي» و«المنبر الديمقراطي»، إذ سيكون شهر مارس حافلا بفعاليات الجمعيات الثلاث في الشأن الدستوري، بانتظار ما سيسفر عنه ملف التأمينات والتقاعد، فأية نتيجة ستنجم عنه خارج المعتاد، أي خارج أدوات وآليات مجلس النواب، هي خارجة عن إرادة النواب، ولن يعدم الدليل الموضوعي على تفنيدها.

الهدف هو ضرب نتائج مقررات «المؤتمر الدستوري الأصل» الذي يبدو أنه يتجه إلى مقررات واضحة وآليات واقعية في تحريك الخيار السياسي المعارض، وبذلك يكون الهدف المضاد تمييع حال الوضوح في مقررات «المؤتمر الدستوري» وآلياته، وتلغيم الأجواء السياسية داخل الجمعيات على أساس المشاركة والمقاطعة، بناء على وعود لن تنتهي بإجراء تغييرات في دستور 2002، ستبقى وعودا يحركها هذا الطرف أو ذاك، لتجاوز استحقاقات داخلية وإقليمية وعالمية ضاغطة باتجاه التغيير، وما ان تتجه رياح التغيير باتجاه معاكس، حتى يخبو هذا الخيار.

الوضع يبدو مريحا للنواب، فهم يأسسون الصرح المعارض على بروج من كلام، ويمارسون دور التغيير الوهمي، وهم يدركون تماما عجزهم التام عن إحداث تغيير فعلي، والوضع مريح بالنسبة إلى جمعيتي «الوسط العربي» و «المنبر الديمقراطي» فالأولى تجد في المناكفة وسيلة لوجودٍ مشروعٍ في وسط داخلي، تحديدا (المحرق) مليء بالوجودات القوية، والثانية تعيش على نفس النضال القديم، وتمارس من خلاله دورا سلطويا معارضا في الوقت نفسه، كما أنه مريح أيضا بالنسبة إلى جمعية «الميثاق»، فلا أجمل من وعود بتغيير الواقع تحت المظلة الرسمية «حزب السلطة»، ولكنه غير مريح بكل تأكيد لحلفاء النضال القدماء، إذ مازالوا يناضلون من أجل الشعار نفسه، من دون أن يكلوا أو يملوا، حتى لو كانوا خارج اللعبة كما يعيرهم بذلك الكثيرون.

يبقى أن مفهوم التسويات السياسية إذا كان ذا مصداقية، فلن يستبطن غير التكافؤ السياسي في تداول الخيارات السياسية، على أساس تحترم فيه الوجودات السياسية وأدوارها الفعلية في الساحة السياسية، أما إذا ارتضت هذه الوجودات أن تتعاطى على أساس الرؤية المنفردة في النظرة إلى المخارج السياسية، كأساس لدورها الذي تتبناه في العمل السياسي، فيمكن لها أن تعلن انضمامها إلى صاحب هذه النظرة، من دون أن تمارس الدور المعارض، لأن المقاس الفردي لا ينظر أبدا إلى مقاسات الآخرين، فهو سيختار يقينا ما يناسبه، وإن اختار أن يضيق من مقاسه، فلن يكون بصورة تفقده التوازن في المشي والحركة، وبالتالي فكل الخيارات التي أسس لها أن تلي المؤتمر الدستوري، هي خيارات مضادة قديمة جديدة ومستقبلية.

إن الحل الأفضل للمؤتمرين أن يتقدموا بمخارجهم، ويقطعوا أي خطوط متباينة يمكن أن تشوش طبيعة المخارج السياسية، إنها دعوة مجددة للأخذ بركن مادي في الساحة السياسية، يمكن من خلاله تأمين موقع غير مخترق ولا متجاوز، إنها دعوة إلى طرح عريضة شعبية على أساس المخارج المطروحة في المؤتمر الدستوري، لقياس دوره الفعلي ومن وراءه، وحقيقة الالتفاف الجماهيري حول المطالب التي يطرحها، في قبال الأدوار الأخرى المموهة، وأي تأخير في الإمساك بهذا الركن المادي، قد يحرك الكثير من المعادلات الداخلية والخارجية التي ستربك الوضع السياسي المعارض ككل

إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"

العدد 520 - السبت 07 فبراير 2004م الموافق 15 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً