أطلق يوم أمسِ (29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) تقريرُ التنمية الإنسانيَّة العربيَّة، وتناول قضيَّة «الشباب وآفاق التنمية... واقعٌ متغيِّر»، واستعرض التحدِّيات والفرص التي يواجهها الشباب في المنطقة العربيَّة، وخاصّة منذ العام 2011.

التقرير كان من المفترض أنْ يصدُر بُعيدَ أحداث الرَّبيع العربي، لكنَّه تأخَّر كثيراً، وصدر بصيغة مُخفَّفة، عاكساً بذلك انتهاء حالة التفاؤل الشبابيَّة، وانتشار الإحباط، بسبب ما حدث من تراجُعات وانتكاسات على مختلف الصُّعُد.

التقرير يُعيدُ التذكير بأنَّ فئة الشباب تمثِّل الكتلة الأكبر، والشباب مملوؤون بالطاقة والحماس. هؤلاء الشباب يمكن الاستفادة منهم لتحقيق طفرة تنمويَّة كبرى، بدلاً من تعبئتهم بالحقد والكراهيَّة، واستخدامهم وقوداً لحروب وفتن وأزمات لا تنتهي. نعم، إنَّ الشباب يمكن أنْ يكونوا عجلة للتنمية وتحقيق الاستقرار، بدلاً من اعتبارهم موادَّ مستهلكة، يتمُّ حرقها أو تحجيمها وخنقها، كما هو حاصل في أماكن عديدة.

وبحسب تقرير التنمية الإنسانيَّة 2016، فإنَّ السبيل أمامنا لتحقيق مستقبل أفضل، هو الاستثمار في الشباب، وتمكينهم للانخراط في برامج التنمية، ولاسيَّما أنَّ العديد من الدول وضعت العام 2030 هدفاً لتحقيق تنمية مستدامة.

من المهمِّ الالتفات إلى أنَّ تقارير التنمية الإنسانيَّة العربيَّة الإقليميَّة صدرت منذ مطلع الألفيَّة، وتوقَّعت حدوث ما حدث من اضطرابات في البلدان العربيَّة، وذلك بسبب النقص في الحريَّات العامَّة، وعدم الاستفادة من وجود رأسمال بشري كبير، وزيادة القيود المكبِّلة للناس. ولقد دعت التقارير، الواحد تلو الآخر، في 2003 و2004 و2005 و2009 إلى توسيع مساحة الحرِّيَّات الإنسانيَّة، وتعزيز القدرة على ضمان هذه الحرِّيَّات، واعتماد أساليب الحكم الرشيد (الصالح)، وتحقيق المبادئ المتعلقة بالعدالة والكرامة.

مع الأسف، فإنَّه، بصورة عامَّة، لم يتم الاستماع لتوصيات تلك التقارير، وحدث ما حدث... لذلك نأمل أنْ تستمع وتستجيب الحكومات في هذه المرَّة لتوصيات التقرير الجديد الذي صدر أمس.