يصبح لزراعة الزنبق منافس جديد قريباً في هولندا: فبعد سنوات عدة من البحث العلمي، قرر مزارعون محليون انتاج الفانيليا في الدفيئات الزراعية وخوض غمار المنافسة في سوق احد اغلى التوابل في العالم.
ففي الدفيئات الزراعية وسط حقول البطاطا، اجرى الباحثون من جامعة فاخنينغن بحوثا استمرت اربع سنوات بشأن امكان انتاج زهرة الاوركيد الغريبة هذه التي تنمو عادة في الظل في المناطق التي تتميز بمناخ استوائي.
ويقول الباحث فيليب فان نورت لوكالة فرانس برس "على قاعدة المعلومات التي قدمناها، يرى المزارعون أن الفانيليا نبتة ذات امكانات واعدة كبيرة بالنسبة للدفيئات الزراعية الهولندية وقرروا الانطلاق في هذه الزراعة".
وسيتقرر عدد النباتات المزروعة مع موسم تفتح الزهور المقبل بين شهري نيسان/ابريل وأيار/مايو، كذلك سيتعين الانتظار لثلاث سنوات على الاقل قبل البدء بطرح ثمار فانيليا هولندية المنشأ في الاسواق.
وفي بليشفيك (شرق)، حيث اجريت البحوث، ترفع اشجار الفانيليا امتارا عدة. وتضم اوراقها الطويلة البيضوية الشكل قرونا تكون بعد تجفيفها مصدر جذب لصانعي الحلويات.
ويشير الباحث الى ان "التحدي يكمن في التمكن من ازهار النباتات وتلقيحها بطريقة تمكن من طرحها باسعار مقبولة من ثم انبات القرون وتحويلها الى منتج نهائي جميل".
ويضيف "يتعين الانتظار لأشهر وحتى لسنة لملاحظة نتائج عمليات التلاعب التي تجرى على النباتات".
وعلى رغم الصعوبات التقنية التي تعتريه، يمكن للمشروع ان يفتح امام المزارعين الهولنديين سوقا جديدة في وقت تستحوذ مدغشقر على اكثر من 80 % من الانتاج العالمي للفانيليا.
الذهب الاسود
ويوضح يوريس ايلخيست وهو بائع نباتات متخصص في ازهار الاوركيد ومشارك في المشروع مع مزارعين محليين آخرين "في الماضي، كانت الاسعار متدنية للغاية، لم يكن الامر مثيرا للاهتمام. اما اليوم، فثمة عدد متزايد من الاشخاص يريدون الابتعاد عن الفانيليا الكيميائية للعودة الى منتج طبيعي: الطلب يزداد والاسعار كذلك وبات زرع الفانيليا في الدفيئات الزراعية امرا ذي فائدة كبيرة".
وباتت الفانيليا من اغلى انواع التوابل في العالم اذ يبلغ معدل سعر هذا "الذهب الاسود" الجديد 350 يورو للكيلوغرام الواحد في مقابل 60 دولارا للكيلوغرام سنة 2014.
وبحسب الخبراء، يعود هذا الارتفاع في اسعار الفانيليا، وهو اتجاه قد لا يستمر طويلا في سوق موسمي بشكل كبير، ايضا الى مواسم الحصاد السيئة في مدغشقر اضافة الى المضاربة والصلات بين هذه الزراعة وشبكات تبييض الاموال المرتبطة بالاتجار غير المشروع بخشب الورد في مدغشقر.
ومع أن بلدانا اخرى انطلقت في هذه الزراعة، لا يخشى الهولنديون كثيرا امكان انخفاض الاسعار اذ يتوقعون ازديادا كبيرا في الطلب خلال السنوات المقبلة.
ويلفت يوريس ايلخيست الى وجود "اتجاه نحو العودة الى المنتجات الطبيعية والعضوية في وقت بات تحديد منشأ المنتجات امرا مهما في التجارة"، لافتا الى ان هذه الفانيليا الهولندية ستكون خالية من المواد الكيميائية وستصنع وفق اسس التجارة العادلة.
طماطم او توابل؟
وحتى اواسط القرن التاسع عشر، شكلت زراعة نبتة "فانيلا بلانيفوليا" التي تعود جذورها الى المكسيك، نشاطا غير مربح خارج منطقتها الام بسبب عدم وجود النحلة المحلية اللازمة لتلقيح الازهار. بعدها تم ايجاد الية للتلقيح اليدوي في جزيرة لاريونيون. لكن انتاج الفانيليا حقق انطلاقته الفعلية في مدغشقر.
ويؤكد ايلخيست أن المزارعين الهولنديين الذين يقولون إنهم تلقوا مؤشرات عن اهتمام الكثير من الصناعيين واصحاب مطاعم الراقية، يرغبون خصوصا في "توسيع امكانات الزراعة في الدفيئات الزراعية في البلاد".
ويضيف "الطماطم تخضع على سبيل المثال لضغط والمنتجون يتوقعون الا تبقى زراعتها مربحة في السنوات المقبلة"، في وقت انتجت البلاد اكثر من 900 مليون كيلوغرام من الطماطم سنة 2015 وفق المكتب المركزي للاحصاءات.
وتعتبر هولندا المعروفة بتصديرها مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية، بلدا متخصصا في زراعة الدفيئات مع 9488 هكتاراً سنة 2014 في مقابل حوالى 1900 هكتار في فرنسا خلال الفترة عينها، بحسب وزارة الزراعة.