يشهد العالم صعود تيارات اليمين القومي، وتتَّجه الأنظار الآن إلى فرنسا لتكون ثالث دولة من الدول الكبرى (بعد أميركا وبريطانيا) والتي يمكن أنْ تشهد صعود مرشحة اليمين الفرنسي، مارين لوبان، إلى الانتخابات الرئاسيَّة. وبلا شك، فإنَّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يُعتبر أهمَّ وأقوى شخصيَّة عالميَّة في تيَّار اليمين القومي، فهو الذي رفع شعار «الولايات المتحدة أوَّلاً»، تماماً كذلك، صرحت رئيسة الوزراء البريطانيَّة تيريزا ماي بأنَّ المواطنة العالميَّة انتهت، في إشارة إلى تركيز حكومتها على مصالح بريطانيا القوميَّة فقط (أو ما سيتبقَّى من بريطانيا فيما لو خرجت اسكتلندا). وكان ترامب قد صرَّح بأنَّه يأمل في تعيين رئيس حزب الاستقلال البريطاني نايجل فاراج (الذي يشبه ترامب في توجُّهه) سفيراً لبريطانيا في واشنطن، وردَّت الحكومة البريطانيَّة بأنَّه لا توجد شواغر حاليّاً في سفارتها هناك.
رموز هذا التيار اليميني القومي ينتشرون في كُلِّ مكان... فالرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي الذي اشتهر بشتمه للرئيس باراك أوباما، سارع إلى تهنئة ترامب، وقال إنَّه يتطلَّع إلى تعزيز العلاقات الثنائيَّة بين البلدين. ولعلَّ الرئيس الفلبيني يعلم أنَّه إذا تجرأ الآن وشتم ترامب فإنَّ الردَّ لن يكون مؤدَّباً، كما كان الحال مع أوباما، ولذلك فإنَّه من الأسلم له أن يوحي بأن مشكلته تنحصر مع إدارة أوباما وشخصيَّاتها.
الهند التي يحكمها حزب يميني قومي، سارع رئيس وزرائها نارندرا مودي بتهنئة ترامب، وغرَّد مخاطباً ترامب: «نُقدِّر الصداقة التي عبَّرتَ عنها للهند خلال حملتك الانتخابيَّة، ونتطلع إلى العمل معك بشكل وثيق؛ للارتقاء بالعلاقات الهنديَّة الأميركيَّة إلى مستويات جديدة». وكان ترامب قد أثنى على مودي في تجمُّع للأميركيِّين الهنود أثناء حملته الانتخابيَّة.
لكن لو راجعنا التاريخ، فإنَّ بريطانيا كانت قد وصلت إلى أوج عظمتها في القرن التاسع عشر الميلادي، بفضل إدارتها التي اعتمدت على ممارسات ما تسمَّى حاليّاً بالعولمة، واستفادت منها قبل غيرها، وقبل أنْ تنتشر إلى كُلِّ مكان في العالم. كما أنَّ أميركا استطاعت أنْ تتفوَّق على غيرها اقتصاديّاً وسياسيّاً حتى وقتنا الحالي؛ بسبب انتهاجها سياسات العولمة التي فتحت الأسواق على بعضها بعضاً، ومكَّنت الشركات الأميركيَّة من الوصول إلى كُلِّ مكان بمنتجاتها، كما مكَّنتها من اجتذاب كُلِّ الخُبُرات المتفوِّقة من أيِّ مكان في العالم.
سياسات اليمين القومي قد تنفع البلدان ذات التأثير المحصور والنطاق ضيِّق الأفق... لكنَّها بالنسبة إلى الدول ذات التأثير الكبير، فإنَّها ستأتي بتأثير مُعاكس، وذلك لأنَّ اليمين القومي ليست له جاذبيَّة إلا لأتباعه، الذين يزايدون في أهمِّيتهم الذاتيَّة، وقد ينزلون بمستواهم - تحت ضغط المُتطرِّفين - إلى النَّهج العنصري الذي يخبرنا التاريخ عن مصائبه.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 5196 - الأحد 27 نوفمبر 2016م الموافق 27 صفر 1438هـ
مقال جميل ومعبر. ،
والشعوب مثل الكرة يتقاذفها اليمين واليسار
شفنا ويلات اليسار وويلات الديمقراطيين خل هالمرة نشوف ويلات اليمينيين يمكن تكون ارحم على الشعوب