في الأشهر الثلاثة الأخيرة أهتم العالم أجمع، وبالذات رجال السياسة والاقتصاد بالانتخابات الأميركية اهتماماً لا نظير له في كل الانتخابات التي جرت في العالم، التي يتنافس فيها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترمب، الكثير من السياسيين في دول كثيرة وضعوا أيديهم على قلوبهم، وزاد تنفسهم وأخذهم الأوكسجين في اليوم الأربعاء 9 نوفمبر / تشرين الثاني 2016 ، وأخذوا يتابعون أكثر من غيرهم نتائج فرز الأصوات، وكثير منهم كانوا يتمنون خسارة ترامب وفوز كلينتون، ولم يخفوا انحيازهم وتمنياتهم لها في مختلف وسائلهم الإعلامية، لإعتبارات سياسية كثيرة، منها أن كلينتون جربوها سابقاً، وعرفوا أهدافها السياسية والاقتصادية، وعرفوا موقفها في مختلف القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهم على دراية كافية بمساندتها الكبيرة للكيان الصهيوني، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وبكل وضوح، وأنها لم تخف علاقتها المباشرة بما يحدث في الكثير من البلدان العربية، وعرفوها في مختلف القضايا السياسية، تغمض عينها عن بعضها وتفتحها على الآخر في الكثير منها، وعرفوها لينة وحميمة مع الكيان الصهيوني البغيض، وشديدة جداً في الكثير من القضايا العربية والإسلامية.
فالكثير من دول العالم تعرف جيداً ماهية الحزبين السياسيين في أميركا، الديمقراطي الذي يحمل رمز الحمار، والجمهوري الذي شعاره الفيل، وبعضها ترى أن الديمقراطي وخصوصاً في عهد الرئيس أوباما المنتهية ولايته، قد حقق مصالح أميركا أكثر من الحزب الجمهوري، ومن دون أن يضحي برجل أميركي واحد خارج الأراضي الأميركية، وأما الجمهوري فكثير ما يتجه إلى تحقيق مصالح بلده بالحروب وتدمير البنى التحتية للبلدان التي يراها أنها مقلقة للولايات المتحدة الأميركية، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وهناك من يشكك في أن الحزبين يتناوبان على قيادة أميركا حسب متطلبات المرحلة السياسية والمصالح الأميركية، في الوقت الذي تعجز أميركا عن تحقيق مصالحها بالحزب الديمقراطي يأتي الحزب الجهموري بآلتيه الحربية وبتدخله المباشر والمفرد لتحقيق ما فشل في تحقيقه الحزب الديمقراطي، وبالعكس تماماً في حال إخفاق الحزب الجمهوري عن تحقيق المصالح الأميركية بالتدخلات العسكرية المباشرة، يأتي الحزب الديمقراطي بأساليبه الملتوية ليحقق ما فشل فيه الحزب الجمهوري، وفي الحالتين كثير من الشعوب العربية والإسلامية تتحمل تبعات وانعكاسات وتداعيات سياسة الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) تجاه قضاياهم العربية.
لا يوجد أحد عاقل واع في الوطن العربي يشكك في إخلاص الحزبين لبلدهم أميركا، كلاهما يعملان بكل جد من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لوطنهم، التصريحات العنيفة والقاسية التي أطلقها ترامب الرئيس الأميركي المنتخب للسنوات الأربع القادمة في حملاته الانتخابية تركت أثراً سلبياً في نفوس الكثيرين من العرب والمسلمين، وتمنوا أن لا يصل إلى البيت الأبيض، لأنهم يعتقدون أن وصوله إلى سدة الرئاسة، سيكون وبالاً على الأمتين، العربية والإسلامية، وتصريحاته الحميمة للكيان الصهيوني ووعوده له بالوقوف معه في كل مشاريعه الإستطانية، وفرحة الكيان الغاصب بفوزه بمنصب الرئاسة واستبشارهم به، زادت من توجسات وتخوفات العرب والمسلمين، اللافت في حملات الانتخابات الأميركية أنها غير عادية في الخطب التي ألقيت فيها والمناظرات التي أجريت بين المرشحين، وامتازت بكشف الطرفين الكثير من الفضائح الأخلاقية والسياسية عن بعضهما البعض، ما جعل الشعب الأميركي يقف حائراً بين مرشح مطعون في أخلاقياته، ومرشحة متهمة بمخالفات سياسية كثيرة، مما جعل ما يقارب 50 في المئة من الشعب الأميركي، الذين يسمح لهم القانون بالتصويت في الانتخابات يمتنعون عن المشاركة فيها.
والمراقبون يقولون أن فوز ترامب بالرئاسة تحقق بـنسبة تزيد قليلاً عن 25 في المئة من العدد الكلي للناخبين، بما يقاربـ 52 في المئة من عدد المصوتين في الانتخابات، مازال الغموض يحيط بالرئيس المنتخب الذي سيتسلم منصبه رسمياً في يوم 20 يناير/ كانون الثاني 2017 ، هل سيفي بكل ما تعهد به في حملاته الانتخابية ؟ هل سيتعامل مع القضايا السياسية بصورة تختلف عن تصريحاته وتعهداته التي أطلقها في حملاته الانتخابية؟ في الربع الأول من ولايته سيتضح حقيقية ما يطمح إليه في الجانبين، السياسي والاقتصادي، أمامه مجموعة من الملفات السياسية، الداخلية والخارجية التي تحتاج منه أن يعلن عن مواقفه اتجاهها عملياً، هل سيعمل على حلها سياسياً أم أنه سليجأ إلى الحلول العسكرية ويفاقمها أكثر ما هي متفاقمة؟ كيف سيتعامل مع حلفاء أميركا القدامى؟ هل سيزيد دعمه لهم أم أنه سيقلصه؟ كيف ستكون مواقفه مع روسيا؟ هل سيتصادم معها عسكرياً أم أنه سينسق معها في الكثير من الملفات الدولية والإقليمية؟ كيف سيكون العالم في زمن الرئيس الأميركي المنتخب الذي يمتلك خبرة طويلة في الاقتصاد، ولا يتمتع بخبرة كافية في السياسة كما يقولون؟.
بعض التنبؤات السياسية تقول بأنه الرجل الذي ينهي أميركا سياسياً واقتصادياً ويجعلها عاجزة عن فرض هيمنتها على مناطق كثيرة في العالم، حتى على حلفائها الأزليين، والبعض الآخر الذين يستهوون المغامرات وأفلام الرعب يتوقعون منه الكثير من الخطوات الجريئة التي بسببها تنتهي حالة الجمود في الكثير من الملفات العالمية وخاصة العربية منها، لماذا يختلفون في شخصية الرجل بهذه الدرجة الكبيرة؟ ألم تتضح لهم شخصيته وما يميزها عبر برنامجه التلفزيوني الشهير؟ لقد أثبت قبل وبعد الإنتخابات الرئاسية، من خلال اختلاف العالم في معرفة شخصيته السياسية، تدل دلالة واضحة على أنه رجل المفاجآت السياسية الكبرى، فكل الاحتمالات السياسية واردة وغير مستبعدة، والأمر الوحيد الذي يتخوف منه العرب والشعب الفلسطيني خاصة، أنه سيكون أكثر دعماً للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين الحبيبة، كما تعهد له في محافل سياسية واقتصادية كثيرة، لا نقول إلا الله يستر على العالم العربي والإسلامي في الأربع سنوات القادمة، ونأمل أن تكون كل التنبؤات والتخمينات السياسية السلبية عن الإدارة الأميركية الجديدة غير واقعية بنسبة كبيرة، ويجعله سبباً رئيسياً في استقرار العالم، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وأن تحل كل القضايا التي ورثتها الإدارة المنتهية لها، يبقى ما تتمناه الدول والشعوب في العالم يتوقف تحقيقها على نظرة الرئيس الأميركي المنتخب الواقعية لكل الملفات العالقة، بعيداً قليلاً عن كل المصالح الآنية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5183 - الإثنين 14 نوفمبر 2016م الموافق 14 صفر 1438هـ
ما أعرفه ان عدد الذين صوتوا لكلنتون أكثر بقليل من المصوتين لترامب و لكن عدد الأعضاء في electoral colleges الذين صوتوا لترامب هو ٣٠٦ مقابل ٢٣٢ من أصل ٥٣٨ لأن دوائرهم " غير عادلة" و ما أدري شلون حسب الأستاذ الكاتب النسبة في المقال. و عدد المصوتين بالنسبة للناخبين ٨٥.٢ ٪. أما عن ترامب فلا أعلم كيف غاب عن الكثير توقع انتخابه في نسق أمريكي معروف وظروف محلية أمريكية و دولية ترشح ترامب خصوصا بعد مشاهدة المناظرات التي تفوّق ترامب فيها على كلنتون بوضوح.
نشكرك على هذا المقال الرائع بس سياسة أمريكا مخطط ليها من قبل خمسين سنه ما يهمها من يحكم الحاكم يطبق ما يمليه عليه الساسه بالملي.
على الأقل لديهم تغيير وتبديل فإن كان سيئا له 4 سنوات ويرحل وإن كان جيدا سيبقى 4 سنوات اخرى ثم يرحل بعد ان تستفيد من عقليته وافكاره دولتهم لكن الدور والباقي علينا الا عمود رزّه الله ما يقلعه الا الله