يعتبر إقبال النساء على الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة التي ستجري في الكويت 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري ضئيلاً، حيث لم تتجاوز نسبة المرشحات أكثر من 3 في المئة من مجموع المرشحين الرجال. إذ يتنافس على مقاعده 454 مرشحاً ومرشحة، بينهم 15 مرشحة فقط، في دولة عدد الناخبات فيها يقدر بـ 215.300 ألف وبنسبة 54 في المئة وتفوق عدد الناخبين والذي بلغ عددهم نحو 184.996 ألف ناخب ويمثلون 46 في المئة، فلم هذا العزوف؟
كان على الناشطة السياسية والمؤرخة نورية السداني ومعها نساء الكويت انتظار ما يقارب 35 عاماً على مذكرة الاحتجاج التي قدمتها لمجلس الأمة بحق المرأة الكويتية بالمشاركة في الانتخابات التشريعية، حتى تم إقراره في 17 مايو/ أيار 2005 إذ تم تعديل نص المادة الأولى من مشروع القانون الانتخابي الجديد ليصبح (لكل كويتي بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كامل الحق الانتخاب)، لم تفز أية كويتية في أول انتخابات شاركت فيها في يونيو/ حزيران 2006 على رغم تقدم 26 سيدة، وفي انتخابات مجلس الأمة 2009 فازت بأربعة مقاعد لتدخل بذلك المرأة الكويتية البرلمان للمرة الأولى منذ إطلاق الحياة البرلمانية في 1962، حيث نافست 16 مرشحة في تلك الانتخابات نحو 210 مرشحين، وفازت معصومة المبارك، وأسيل العوضي، ورولا دشتي، وسلوى الجسار.
إن فوز أربع نساء لم يكن من باب المصادفة إنما هو نتيجة حتمية للتغيير، وتمثيلاً لرغبة الناخبين في إعطاء المرأة الفرصة بالمشاركة في صنع القرار، ولكن هل استطاعت المرأة الكويتية أن تبرهن على قوتها وصلاحيتها في المعترك البرلماني في تجربتها الأولى؟ لقد كانت في تلك التجربة تحت المجهر أكثر من الرجل، وكان الأمل معقوداً عليها في التغيير، وقد نافست الرجل في كل الدوائر الانتخابية وحصلت على مراكز متقدمة، وكانت نشيطة في العمل البرلماني والأكثر حضوراً لجلسات مجلس الأمة وعضوية اللجان، لكن ما يؤخذ عليها أن ظهورها لم يكن بالشكل المطلوب، ولم تسجل مواقف بارزة ولم تقدم إنجازاً يذكر، لذا يشير البعض إلى أن الأداء النسائي لم يرضِ طموح الناخبين الذين أعطوا أصواتهم للمرأة، وهذا انعكس على حظوظ فوزها في انتخابات فبراير/ شباط 2012 على رغم عدد المرشحات ارتفع من 16 مرشحة في الانتخابات السابقة إلى 23 مرشحة في إشارة واضحة إلى حجم التنافس النسوي على المقاعد، وعلى رغم أن النائبات الكويتيات القديمات أصبحن بتجربة دخولهن البرلمان أكثر نضوجاً، لكنهن في الواقع لاقين صعوبات عدة في إعادة انتخابهن مرة أخرى، إذ وجدت المرشحات أنفسهن من دون سابق إنذار وسط مضايقات، وتبادل أصوات وترتيبات مصالح ليس للمرأة فيها باع فضاعت فيها، وأصبح ما يدار شعبياً أن المرأة أعطيت فرصتها ولم تستغلها وتبرز، هو السائد، وهو مفهوم مغلوط لأن المشاركة السياسية وصنع القرار هو حق وليس منة وإعطاء فرصة، والنائبات لا يمثلن النساء فعدم نجاح رجل لا يعني لا ينتخب آخر لأنه رجل. لكن الحقيقة المرة أن المرأة الكويتية سقطت في انتخابات فبراير 2012، ولم تفز أية واحدة، فنتائج النائبات السابقات في الانتخابات الحالية تبين ما آل إليه وضع المرأة، فمعصومة المباركة احتلت المركز 11 في الدائرة الأولى بفارق 40 صوتاً عن الفوز، بينما احتلت أسيل العوض المركز 13، ورولا دشتي المركز 20 في الدائرة نفسها، فحين كانت سلوى الجسار في المركز 19 وهي مراكز متأخرة، ولم يستثنَ من ذلك المرشحات الجدد فصفاء الهاشم حصلت على المركز 14 في الدائرة الثالثة، وعروب الرفاعي المركز 13 في دائرتها.
رجعت المرأة الكويتية إلى البرلمان مرة أخرى ولكن بصورة خجولة، ففي انتخابات ديسمبر/ كانون الأول 2012، حصلت معصومة المبارك في الدائرة الأولى على المركز الرابع في حين فازت صفاء الهاشم لأول مرة بالمركز نفسه في الدائرة الثالثة، وفي انتخابات 2013 باتت النائب صفاء الهاشم الممثل الوحيد للمرأة الكويتية في مجلس الأمة، بعد إصدار المحكمة الدستورية حكماً بإبطال عضوية معصومة المبارك، والتي نالت المركز العاشر في انتخابات الدائرة الأولى، ثم أصبح المقعد النسائي الوحيد شاغراً بعد استقالة الهاشم ليحل محله رجل. وبقت قاعة عبدالله السالم من دون امرأة. فهل تشغله 15 مرشحة قادمة، هذا ما سنتناوله في المقال القادم.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5180 - الجمعة 11 نوفمبر 2016م الموافق 11 صفر 1438هـ