شهدت البحرين خلال الأيام الأخيرة، وستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة، عدداً غير مسبوق من الفعاليات الاقتصادية الكبيرة والمتتالية إلى الحد الذي يصعب على التاجر متابعتها جميعاً، فبداية من منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني الذي أقيم تحت رعاية سمو رئيس الوزراء بتنظيم من غرفة التجارة البحرينية واتحاد الغرف الخليجية، وحتى الملتقى الخليجي للمحاسبين والمدققين الذي تستضيفه البحرين يومي 9 و10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
وما بينهما لك أن تعدد الفعاليات التالية «منتدى استثمر في البحرين» يوم الأربعاء الماضي، ثم معرض العقارات بايبكس يوم الخميس الماضي وامتد لثلاثة أيام، ثم مؤتمر الأيوفي «المحاسبة والمراقبة للمصارف الإسلامية» الذي يبدأ اليوم ويمتد إلى غد.. وغيرها من فعاليات أخرى مثل افتتاحات فنادق أو منتديات مصغرة عن اتفاقية التجارة الحرة، لكن ما هي الرسالة الأهم التي توقفت عندها من جراء هذا الزخم الاقتصادي الكبير؟
في الحقيقة إن مدلول هذه الفعاليات المتتالية، ومن قبلها فعاليات أخرى حظيت بحضور كبير وأشير هنا إلى المنتدى البحريني الباكستاني – الذي عقد قبل نحو شهر- على وجه الخصوص ومن بعده المنتدى الخليجي التركي الذي اختتمت فعالياته قبل أيام قلائل، لا تعكس فقط اهتمام المستثمرين الأجانب بالبحرين كموقع جذب للإستثمارات الأجنبية، ومدخل قوي للسوق الخليجية سواءً من حيث امتيازات الموقع أو حتى امتيازات القوانين الجاذبة للإستثمار، ولكنها بثت فينا نحن كمستثمرين بحرينيين الثقة من جديد بأن اقتصاد بلدنا مازال قوياً وجاذباً وقادراً على العطاء، وله قابلية الجذب الاستثماري الإقليمي والعالمي. وأننا يجب أن نركز محلياً وننطلق إقليمياً وعالمياً، فالسوق البحريني لايزال لديه الكثير ليقدّمه إلى المستثمر المبتكر الواعي الجاد، وليس المستثمر المتكرر المهمل المتكاسل، وشتان بينهما.
هذه الثقة قد تكون اهتزت لدى عدد كبير من التجار الذي هالهم هذا الكم المفروض عليهم من الرسوم والغرامات، وحتى ما هو قادم من ضرائب بصبغة خليجية وليست محلية، فانتاب البعض منهم حالات من القلق وساوره الشك في مستقبل الاستثمار في البحرين، ومدى إمكانات التجار للتوافق مع الأوضاع الجديدة، وبالطبع تعالت الأصوات مطالبة بالدعم المباشر سواء كان من جانب الدولة أو غرفة التجارة أو القطاع المصرفي أو من قبل «تمكين» التي يعتبرها البعض «الدجاجة التي تبيض ذهباً للقطاع التجاري البحريني».
لكن بهذا التوافد من دول الشرق والغرب والشمال والجنوب، والمناقشات الثرية التي دارت على هامش هذه الفعاليات، اتضح لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن البحرين لازالت تقدّم حلولاً مهمة، وعوامل للجذب الاستثماري محل تقدير من قبل الجميع بموقعها وقوانينها الجديدة التي تفوقت بها إقليمياً، وخطت خطوات في غاية الأهمية على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية، نتمنى أن نرى صداها في القريب العاجل. ولم يعد خافياً على أحد أن جذب الاستثمارات الأجنبية بات الشغل الشاغل لدول العالم حالياً كبيرها وصغيرها، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، فالجميع يرغب في جذب الاستثمارات إلى بلاده لعلمهم جيداً أنها المدخل الأساسي لتوفير فرص عمل لمواطنيهم، كما أنها مصدر للعملات الصعبة لتلك الدول التي تحتاجها، وهي كثر بالطبع.
وبعين المراقب، يبدو لي في حقيقة الأمر أن المقارنة وحتى على رغم التعديلات الأخيرة والرسوم المفروضة، لازالت تضع البحرين في مواقع المقدمة إقليمياً على أقل تقدير، ومن هنا – ومنعاً لأي مزايدة - نحن نوضح بالطبع أننا لا نريد المزيد من الرسوم ولا الغرامات، كما أننا نطالب بالرفق في التطبيق ومراعاة فترات سماح مناسبة للتجار لتعديل الأوضاع بما يتناسب مع هذه الإجراءات والتوعية بها سواءً إيجاباً أو سلباً، وإظهار كيفية الاستفادة من الإجراءات الجديدة، وسأخصص – إن شاء الله – عدداً من المقالات في الفترة القادمة لبيان كيفية الاستفادة من القوانين الأخيرة، والتعديلات التي شملت بعض القوانين الأخرى، لأن هناك إيجابيات مهمة يجب أن يلتفت إليها التاجر، وتصب في مصلحته بشكل مباشر.
وبالطبع نطالب بالتصدي لكافة أشكال الروتين الحكومي وتباطؤ الموظفين وسوء الإدارة وغيرها من مشاكل تخص التعاملات بين القطاع التجاري وإدارات وأجهزة الدولة المعنية طالما ذكرناها في مقالات سابقة، وسنذكرها دائماً طالما لم يجد الحل إليها سبيلاً.
كنت سعيداً بحضور أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذين تواجدوا بكثافة في هذه الفعاليات جميعاً، وكان لهم حضور قوي ومتميز، ونتمنى أن يكونوا استفادوا بالشكل المرضي من تواجد الشركات التركية الكبير، وكذا من الفرص التي أتيحت للإستثمار من خلال منتدى «استثمر في البحرين» الذي تشرف بحضور رئيس الوزراء في الافتتاح.
لكن سعادتي في الحقيقة كانت أكبر بالتصريح الذي ذكره وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد بن راشد الزياني في كلمته الافتتاحية بالمنتدى، والذي أكد فيه على دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في النهوض بالاقتصاد الوطني، وأنه لا نهضة لاقتصاد هذا البلد إلا من خلال الاعتناء بهذا القطاع الحيوي المهم، وتقديم كل العون والمساعدة له.
وأعتقد أن العزم والطموح والسعي لابد أن يكون متبادلاً بين الطرفين، وعلى صغار التجار ورواد الأعمال أن يتقدّموا بكل قوة لمقاعد المقدمة.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5174 - السبت 05 نوفمبر 2016م الموافق 05 صفر 1438هـ
البحرين بحاجة لفك احتكار بعض الشركات لمهنة التدقيق والطامة الكبرى أن يتم إعطاء نفس الشركات حق الڤيتو في رفض أي شركة تدقيق جديدة أو الموافقة عليها. هناك الكثير من الكفاءات البحرينية تريد تأسيس شركات تدقيق لكنها تحرم من أجل عيون «لكبارية».