إن التفكير في الأسباب التي تجعل السلطات الرسمية تمضي قدما في التجنيس السياسي، سيقود إلى استنتاج يتفق والرأي الذي عبر عنه رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني في لقائه مع «الوسط» في مايو/ أيار الماضي حين سأل: «أليس من الواجب أن نسأل أنفسنا لماذا تم هذا الشيء؟ وما العوامل التي سببته؟ ألا توجد أمور أملت اتخاذ مثل هذه الإجراءات؟ أن يؤتى بأناس، ويوظفون، ويجنسون، لأسباب معروفة تمت... حوادث التسعينات، وقبل التسعينات... حين يشعر جاري أنني أتجهز للانقضاض عليه، ماذا تعتقد أنه سيعمل؟ هو أيضا سيستعد وسيكون متيقظا، ويجهز ما يحميه».
وعلى رغم أن هذا الكلام لا يفسر كل إجراءات السلطة المتعسفة، وبعضها يبدو مرتبطا بنهج السلطة غير الممأسسة عموما، فإن الرؤية التي قدمها الظهراني، والتي يؤيدها البعض، تقر بأن الأسباب التي تجعل السلطات تميّز بين المواطنين في التوظيف والترقي، ولا تسمح لمواطنين بعينهم بالاشتغال في القطاعات العسكرية، أو الوصول إلى مناصب معينة، وتبني شكلا برلمانيا يكون فيه المعينون «صمام أمان» ورقيبا على المنتخبين، وتمضي قدما في تجنيس الآلاف من العرب والأجانب، على رغم الضغط الذي يسببونه على الخدمات... كل ذلك، وغيره، يعود إلى اهتزاز الثقة بين الدولة والشعب، أو فئات واسعة منه.
الإشكال أن الدولة في اشتغالها على معالجة هذا الاهتزاز، اتخذت إجراءات سلبية في غالبها، واستمرت في تطبيقها طوال العقود الثلاثة الماضية، ما زاد من حجم هذا الاهتزاز. وأصبحت بعض هذه الإجراءات عرفا ليس من السهل تغييره. وصار من الطبيعي أن نرى فئات معينة تشتغل في مهن ما، بينما يبدو عصيا على الذهن أن ترى فئات أخرى تشتغل في المهن ذاتها.
إن ما قاله الظهراني، على رغم الألم الذي يسببه (ربما)، ينبغي أن يستفاد منه لوضع اليد على الجرح في محاولة للاستمرار في الطريق الذي بدأه جلالة الملك. وأثبت الناس - بإجماعهم على تأييد الميثاق - الرغبة في بناء الثقة وفق نمط متوازن من الحقوق والواجبات
العدد 516 - الثلثاء 03 فبراير 2004م الموافق 11 ذي الحجة 1424هـ