يبدي الفنان العراقي ضياء العزاوي قلقه على بلاده التي غادرها منذ عقود، وخشيته مع انطلاق المعارك لاستعادة الموصل، من تكرار "سيناريو الدمار" الذي اصاب غيرها من المدن العراقية، وذلك على هامش معرض للمئات من اعماله في الدوحة.
ويضم معرض "انا الصرخة، اية حنجرة تعرفني؟" زهاء 550 من اعماله كلوحات ومنحوتات، ويقسم جزئيين أحدهما في المتحف العربي للفن الحديث ("متحف") والآخر في غاليري متاحف قطر ("الرواق")، عاكسا مرحلتين من حياة الفنان الذي غادر العراق عام 1976.
وبحسب الموقع الالكتروني لمتاحف قطر، يسعى معرض الفنان الذي تمتد مسيرته زهاء خمسة عقود، "إلى رصد مسار الحداثة الفنية وإبراز الأسلوب الفني للفنان العراقي"، ويقسم قسمين يتبع الاول "العلاقة بين الصورة والنص في أعمال العزاوي، بينما يرصد القسم الآخر تفاعل الفنان مع اللحظات السياسية الكبرى في تاريخ العراق والعالم العربي".
وفي لحظة مفصلية من التاريخ الحديث لبلاده، سيما بعد يومين من انطلاق معارك استعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الاسلامية، لا يخفي العزاوي قلقه ونظرته التشاؤمية لمستقبل بلاد الرافدين.
ويقول لوكالة فرانس برس خلال حوار معه اجري بالإنكليزية "لدينا الدمار، لدينا المأساة، الذهنية الطائفية، الذهنية الدينية".
يضيف "كل هذا خلقته مصالح الغرب، ليس لدي مشكلة مع ذلك، لكن دعم الاحزاب، الاحزاب الاسلامية، ذهنية داعش، ذهنية التطهير العرقي... لا يمكن القبول باي من هذه الامور".
وردا على سؤال عما اذا كان متفائلا بمستقبل العراق الغارق في حروب ونزاعات بشكل شبه متواصل منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، يجب "كلا، على الاطلاق. هذا هو السيناريو، سيناريو الدمار".
منذ مغادرة العزاوي، اختبر العراق مراحل دموية قاسية، من حرب الاعوام الثمانية مع إيران، الى اجتياح الكويت وحرب الخليج الاولى، وصولا الى الحصار الدولي والاجتياح الاميركي في 2003، الذي انتهى بإسقاط الرئيس السابق صدام حسين.
ومنذ 2003، دخل العراق في دورات متتالية من العنف والتفجيرات، كانت اخترها سيطرة تنظيم "داعش" خلال ايام من شهر يونيو/حزيران 2014، على مساحات واسعة من شمال البلاد وغربها.
وتمكنت القوات العراقية، مدعومة بالتحالف دولي تقوده واشنطن، من استعادة مناطق كثيرة كان يسيطر عليها متمردون، وبدأت هذا الاسبوع عملية ضخمة لاستعادة الموصل، ثاني كبرى مدن البلاد، وآخر المدن الكبرى التي لا يزال المتمردون يسيطرون عليها.
وتسبب معظم المعارك بدمار كبير في المدن والبلدات. ووجهت منظمات حقوقية انتقادات الى أطراف شاركت في القتال، خصوصا الفصائل الشيعية، واتهمها بارتكاب انتهاكات بحق سكان المناطق التي كان يسيطر عليها الجهاديون، وهي بمعظمها ذات غالبية سنية.
100 صدام!
ولم يزر العزاوي، الضابط السابق في الجيش، بلاده منذ اكتوبر/ تشرين الاول 1980. وتبدو نية الفنان المولود في بغداد عام 1939 والمقيم في لندن، قاطعة بعدم زيارة مسقطه في ظل الاوضاع الراهنة.
ويقول لوكالة فرانس برس، ان العراق "يبعد ساعتين من هنا (...) إذا عدت يعني انني اقبل بما يجري. لا يمكنني ان اقبل".
يضيف "انا لا اقول ان (الرئيس العراق السابق) صدام (حسين) كان رائعاً، كلا. لكن الآن لدينا 100 صدام".
نبرة التشاؤم التي تطبع حديث العزاوي عن العراق، تقابلها نبرة فخر لدى حديثه عن اعماله. ويقول الرجل ذو الشعر الرمادي والشاربين الابيضين الكثين "بالنسبة الي، انا فخور بان ارى اعمالي".
يضيف "لم ار بعضا منها منذ 30 او 40 عاما، بالتأكيد يمكنني ان ارى حياتي (منعكسة فيها) بطريقة ما"، معتبرا ان ذلك يساعده قليلا "في طرح بعض الاسئلة... عما إذا كنت على حق ام لا".
ويستمر المعرض حتى نيسان/ابريل 2017، وهو يقام بإشراف من كاثرين دافيد من مركز بومبيدو في باريس.
ويبدي العزاوي امله في ان يتمكن يوما ما من عرض اعماله في لندن.
ويقول "آمل في ان اتمكن من ذلك، آمل في ان اعرضها في (متحف) تايت" للفن المعاصر في العاصمة البريطانية.
يشبه اينشتاين