مفهوم «المواطن العالمي» انتشر خلال العقود الماضية، وتعتبر الدول الأوروبية من أكثر البلدان التي دعمت هذا المفهوم على مستوى الممارسة. فالمفهوم - في جذوره - ينظر إلى جميع الناس على أساس أنهم سواسية، وبالتالي فإن واجباتهم وحقوقهم متساوية. الفرق في هذا المفهوم أنه ينظر إلى الإنسان خارج جغرافيا الأوطان، وبالتالي، فإنه يرى أنه في حال انتشرت الحقوق للجميع - بغض النظر عن جنسية أوطانهم - فإن السلم العالمي يتعزز من خلال مسيرة إنسانية عالمية.
وبحسب القانون الدولي، فإن المواطنين في أي بلد يحتكمون أساساً إلى «القانون الدولي لحقوق الإنسان»، بينما يحتكم الأعداء المتحاربون إلى «القانون الدولي الإنساني». ولأن عدداً من الدول الأوروبية هي الأكثر حماساً لـ «المواطن العالمي»، فإنها دعمت تشكيل «المحكمة الجنائية الدولية» التي من المؤمل أن تقاضي الجرائم التي ترتكب ضد «حقوق الإنسان» بصورة ممنهجة، في أي مكان في العالم. والأوروبيون لديهم تجربة أوروبية يعتبرونها ناجحة، تتمثل في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. والأوروبيون بعد تحطيم «جدار برلين» يرون في جدران العزل أكبر إهانة لبني البشر، وبالتالي فإن الاتحاد الأوروبي يقوم على فتح الحدود وإزالة نقاط التفتيش بين البلدان، وعدم منع تدفق البشر أو السلع أو الأموال أو الخدمات عبر الحدود.
هذا المفهوم أصبح الآن تحت الضغط بعد وصول موجات المهاجرين الكبيرة من سورية وكل مكان في جنوب الأرض إلى أوروبا، وبعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقد برزت هذه الاختلافات الفكرية في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين البريطاني مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2016، والذي تحدثت فيه «تيريزا ماي» لأول مرة بعد تسلمها منصب رئاسة الوزراء. وفي كلمتها أمام المؤتمر، هاجمت ماي مفهوم «المواطن العالمي» وقالت إنها ستلغي تطبيق مواد «القانون الدولي لحقوق الإنسان» على الجنود البريطانيين في حالة اشتراكهم في ساحات القتال في الخارج، وبالتالي لن يتمكن أحد من تقديم شكوى على الجنود البريطانيين أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أو أية محاكم أخرى، تحت بنود القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الأوروبي لحقوق الإنسان، كما هو حادث الآن.
شعبية ماي (داخل بريطانيا) ارتفعت بعد كلمتها، ولكن حصل أمران أيضاً، إذ انخفض سعر الجنيه الإسترليني لأدنى مستوى له منذ 186 عاماً، كما نزل مستوى الاقتصاد البريطاني عالميّاً من المرتبة الرابعة (قبل التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي) إلى المرتبة السادسة مباشرة بعد الانتهاء من إلقاء كلمتها أمام حزبها في 5 أكتوبر... وبذلك فإنها زادت الضغط على مفهوم «المواطن العالمي» وازداد الضغط أيضاً على اقتصاد بلادها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 5152 - الجمعة 14 أكتوبر 2016م الموافق 13 محرم 1438هـ
لو قسنا المواطن البحريني على مفهوم المواطن العالمي تحت الضغط .. فأنه سيحل فى المرتبة الأخيرة! .. لأن الأنسان البحريني لا يتعرض للضغوط كالتى يتعرض لها الأنسان السوري او اليمني او الليبي او العراقي او حتى الأفغاني! .. فكل أموره ميسرة من صحة وتعليم واسكان وعمل ومواصلات .. فلله الحمد وللحكومة الشكر .. فلو سألنا المواطن البحريني جدلا ما هو الضغط؟ .. لأحمرت عيناه خجلا! .. وقال لا أعرف؟!!.