العدد 5151 - الخميس 13 أكتوبر 2016م الموافق 12 محرم 1438هـ

فلسفة التعطيل...

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

في عملي الرئيسي أشاهد الكثير من الحالات النفسية والتي أحاول الوصول معها إلى حلول وإرشادات في كثير من الأحيان تكون أبسطها معرفة القوانين وحقوق الفرد وواجباته، ولكن ما أتعايشه كموظفة وأم وامرأة هو ما يدفعني للكتابة في كثير من الأحيان، فكما كتبت في مقالات سابقة كنت امرأة من بين المئات وقد تكون آلاف من النساء في أروقة المحاكم وعشت هذه المعاناة لمدة خمس سنوات أنا وابنتي ومازلت الجمعيات النسائية بطبقتها المرفهة تحاول عمل بعض الفعاليات المتناثرة هنا وهناك لتضييع وقت فراغها وكل الأمر يحتاج لقرار واحد، وكتبت في مقال عن سكرتيرة المدير المتسلطة وشخصياً قد عانيت مع إحداهن لمدة تتجاوز شهوراً ومازال الأمر متعلقاً بمتفلسف آخر أحمد الله على صبري في عملي الذي اكتسبته من دراستي لعلم النفس، وكتبت عن البرواز في الوزارات الحكومية والتي كنت أعني فيه الإطار الذي تراه في كل صورة تخص وزارة معينة حول الوزير أو الوكيل، وقد ابتسمت وأنا أكتب هذه العبارة لأني تذكرت رأس إحداهن في جميع صور وزارتنا، وتحدثت عن الدعم النفسي لمرضى السرطان والذي أعايشه في الفترة الحالية ورأيت أطباء وممرضين يعملون بجد على رغم كل الضغوط النفسية والعملية والحياتية، وكتبت طوال الفترة الماضية عن أمور يراها البعض بسيطة ولكنها هي من جعلت البحرين بعد أن كانت السباقة في عدد من الميادين تتراجع لتصبح كالمرأة العجوز التي تحاول تجميل وجهها وشده وهي متعبة من الداخل بالضغط والسكري والكولسترول والاكتئاب، لماذا كل ما سبق أذكره، لأني اكتشفت حالياً أن من يقوم بكل هذا هم «المعطلون المتفلسفون»، وهذا اللقب أعطيه للعديد من الأشخاص في البحرين وخاصة في وزاراتنا الخدماتية، فمبدأ التعطيل والتخويف والجهل والتعالي هو ما يميزهم، وأكاد أجزم أن العديد من القراء يبتسم ويذكر أحدهم أو إحداهن ولأتكلم من الناحية النفسية والشخصية لهذا (م.م) والتي في الأغلب تكون من الشخصيات المتسلطة والشخص المتسلط هو الشخص الذي يتمتع بقليل جداً من المرونة في التعامل مع الآخرين، يتعامل مع الآخرين وكأنهم مسخرين لتلبية رغباته، ولا يعترف بحاجات الآخرين ورغباتهم ولا يحترم إنسانيتهم. إنه الشخص الذي لا يرى ما هو صحيح وما هو خاطئ إلا من خلال منظوره الخاص بغض النظر عن حاجات الآخرين ورغباتهم.

الشخصية المتسلطة شخصية تحمل في خصائصها سمات مرضية، وعلاجها صعب لأن اضطرابات الشخصية بشكل عام عبارة عن اضطرابات لا يشعر بها صاحبها بأنها غريبة عنه، إنها جزء من سماته… جزء من أناه وبالتالي فإن العلاج لهذه الحالات مختلف عن علاج الأشكال الأخرى من الاضطرابات النفسية المعروفة.

فاطمة_السيكولجست: لا تجالس الحمقى فإنه يعلق بك من مجالستهم يوماً من الفساد ما يعلق بك من مجالسة العقلاء دهراً من الصلاح فإن الفساد أشد التحاماً بالطبائع. (الجاحظ).

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 5151 - الخميس 13 أكتوبر 2016م الموافق 12 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:08 ص

      التسلط يظهر في الأشخاص الناقمين لمفهوم الإنسانية، و المتسلط شخص يعرف ما هو نقصه و يعرف ما الذي يريده لكن نفسه المريضة و الأمارة هي التي تصده عن تحقيق التفوق بالعلم و يصر على التسلط بشكل همجي لا يحصد منه إلا الخسارة مع مرور الوقت و البعد عن الواقع .

    • زائر 7 زائر 5 | 5:04 ص

      فاطمة

      كلامك وردة محمدين .

    • زائر 4 | 3:56 ص

      خلي عنش هالعقد وتكلمي عن الحب والجمال والعشق والجاذبية الأرضية .

    • زائر 3 | 1:24 ص

      التسلّط مرض نفسي يحاول البعض من خلاله تغطية نقص مّا في نفسه ليظهر بمظهر مخالف لما عليه جوهره. بدل من التسلّط هناك أخلاقيات أخرى للقيادة وادارة دفّة الأسرة وهي التشاور واحترام الرأي الآخر والحزم في المواقف التي تتطلب الحزم.

    • زائر 2 | 11:39 م

      لماذا لاتتعاملين مع هؤلاء الاشخاص المعطلون والمتفلسفون كما لو كانوا من مرضاك وتحاولين علاجهم من خلال تعاملك معهم .

    • زائر 1 | 11:33 م

      عجبتني آخر فقرة في المقال وهي اقتباس من أقوال الحكيم (الجاحظ )، وهي صحيحة جداً لمن إبتليَ بمخالطة الحمقي في العمل أو أي مكان آخر فهم يدمرون شخصية الانسان العاقل والسوي رغماً عنه

اقرأ ايضاً