كد وكيل وزارة المالية عارف صالح خميس أن مباشرة الإجراءات الخاصة بمواجهة الدين العام، بما في ذلك إصدار أذونات الخزانة والسندات الحكومية والاستدانة من المؤسسات المالية والمصارف العالمية، تستدعي أقصى درجات الحوكمة والافصاح والالتزام بالمعايير المحاسبية الدولية والأنظمة المعتمدة في هذه الأمور، ومن هنا التركيز في منطقة الخليج والعالم العربي بوجه عام على تطوير كوادر مقتدرة في مجال الدين العام بما في ذلك إعداد الإحصاءات والبيانات ذات العلاقة.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها خلال حفل اختتام الدورة التدريبية "إحصاءات دين القطاع العام"، والتي نظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع وزارة المالية ومركز الاقتصاد والتمويل في الشرق الاوسط التابع لصندوق النقد الدولي، وشارك فيها 29 من المختصين في الشئون المالية والمحاسبية بوزارات المالية والبنوك والمصارف المركزية في 14 دولة عربية، كما حاضر فيها اثنان من خبراء صندوق النقد الدولي.
وكان الوكيل قد استهل كلمته بنقل تحيات راعي الفعالية وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة للمشاركين وتمنياته لهم بكل التوفيق، مؤكداً وجود توجه قوي لدى وزارة المالية بالمضي قدماً في تنظيم هذه النوعية من الدورات التدريبية وورش العمل التي تمس موضوعات هامة تتعلق بالدين العام والمالية العامة، وتعزيز التعاون في هذا المال مع صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من المؤسسات المعنية الرائدة.
ومن جانبه أوضح المحاضر في الدورة توبياس ويكنز، اقتصادي أول بإدارة الإحصاءات بصندوق النقد الدولي، قسم المالية الحكومية، أن الديون المستحقة على القطاع العام تمثل لكل حكومة التزاماً وعبئاً يتعين الوفاء به، ويتيعن توافر السيولة المالية اللازمة لتغطيته، سواء في المدى القصير أو المتوسط أو الطويل، وكلما كانت الإحصاءات الخاصة بدين القطاع العام أفضل كلما كان ذلك عاملاً مساعداً للحكومات في عمليات رسم السياسات وصنع القرار، ومن هنا فإن هذه الإحصاءات ليست غاية في حد ذاتها وانما وسيلة مساعدة لعملية صياغة السياسات على مستوى الاقتصاد الكلي.
كما نوه بمدى تجاوب وتفاعل واهتمام المشاركين في الفعالية كلهم بلا استثناء، الأمر الذي لمسه من اسئلتهم والعروض التي قدمها كل منهم، مشيراً إلى أن موضوع الدين العام ربما لم تكن له أهمية تذكر بالنسبة لدول الخليج فيما مضى، ولكن مع التراجع المستمر في أسعار النفط فإن التوجه إلى الاقتراض في صعود ومن هنا الاهتمام الكبير الذي يحظى به هذا الموضوع من دول المنطقة.
وأكد كذلك أن الأدلة الصادرة عن صندوق النقد الدولي في هذا المجال مثلت مرجعاً هاماً للدورة التدريبية، وتشمل هذه الأدلة "دليل إحصاءات مالية الحكومة 2014" و"إحصاءات دين القطاع العام: مرشد لمعديها ومستخدميها".
أما خبير الإحصاءات المالية الحكومية والمستشار بصندوق النقد الدولي فيليب سامبورسكي، والذي حاضر أيضاً في الدورة، فقد أكد بدوره على مدى أهمية موضوعها خاصة بعد الأزمة المالية العالمية وما تلاها من أحداث، بما في ذلك مبادرة مجموعة العشرين بشأن فجوات البيانات، والتي تتضمن 20 توصية حول تعزيز الإحصاءات الاقتصادية والمالية، الأمر الذي جعل من الضروري العمل على تحسين جودة البيانات، وتوافرها، وقابليتها للمقارنة بين الدول، لكي نتمكن من تقييم المخاطر المرتبطة بالدين، وكذلك مدى استدامة السياسات المالية على المدى البعيد.
وقال إن تباين خبرات المشاركين وتنوع الدول والهياكل الحكومية التي ينتمون إليها، وعملهم بوزارات المالية والبنوك المركزية، وعمل بعضهم بالإدارات والأقسام المعنية بالدين العام على وجه التحديد، كل هذا كان عاملاً إيجابياً أتاح لهم تبادل الآراء حول أهم الممارسات في هذا المجال وأوضاع إحصاءات الدين في بلادهم، وتدارس مواطن القوة والضعف وما الذي يجب عمله أخذاً في الاعتبار المعايير الدولية الجديدة.
وركز رئيس قسم الاحصاءات الاقتصادية بمؤسسة النقد العربي السعودي عبدالرحمن محمد كريم على دلالة موضوع الدورة خاصة في ظل الانخفاض الراهن في أسعار النفط، منوهاً بدور صندوق النقد العربي في التصدي لموضوع بهذه الدرجة من الأهمية عبر فعالية تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة العربية، ومشيداً بالتفاعل الايجابي بين العاملين في وزارات المالية والمصارف المركزية أثناء الفعالية.
ونوهت نعيمة زنون، من وزارة المالية الجزائرية، بما شهدته الدورة من تبادل للخبرات حيال طرق التعامل مع موضوع الدين العام على مستوى كل من الدول الممثلة، والتي شملت باقة متنوعة سواء على مستوى طبيعة الدين العام لديها (داخلي / خارجي) أو الهياكل الإدارية المعمول بها في هذا المجال، وتمنت لو كان المدى الزمني للفعالية أكبر لتعميق الفائدة وضمان تغطية كافة جوانب هذا الموضوع الهام.
وأكد هيثم منايصة، من البنك المركزي الأردني، على الاستفادة الكبيرة من كيفية استخدام بيانات الدين العام حسب المنهجية الموحدة لصندوق النقد الدولي، والتي تمثل قيمة استرشاديه قابلة للتطبيق في جميع الدول.
هذا وقد ألقى سيد أحمد علي، من وزارة الاقتصاد والمالية الموريتانية، كلمة باسم المشاركين أعرب فيها عن الشكر والتقدير العميق لمملكة البحرين ولوزارة المالية بوجه خاص، ولكل من صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي، مؤكداً أن الدورة جاءت في صورة متميزة شكلاً ومضموناً، ومتمنياً تكرار مثل هذه الفعاليات في مرات عديدة قادمة.
مواجهة الدين العام يقتضي استرجاع سرقة المال العام .
خير انشالله