وفقاً لمعطيات الإدارة الحديثة يشكل قياس الأداء وتقييمه وتصويبه أحد أهم مراحل العمل، وإلا تشتت الجهود وضاعت الرؤية وبعدت النتائج المرجو تحقيقها وبقي العمل يدور في حلقة مفرغة من دون معرفة أين موطن الخلل.
هذا الشيء ينطبق أيضاً على مواقع الإعلام الاجتماعي التي يمكنني وصفها بـ «السهل الممتنع»، فليس أسهل من إنشاء حساب على «فيسبوك» أو «انستغرام» عبر بضعة خطوات متسلسلة بسيطة ثم البدء بنشر صور ونصوص مع «هاشتاق» أو «مينشن»، لكن هل هذا هو كل شيء؟ طبعاً لا.
لكن يمكن القول أيضاً إنه من الصعوبة بمكان كتابة دليل جامع مانع يشرح أسس استثمار مواقع الإعلام الاجتماعي، وذلك بسبب التطور السريع والكبير في هذا الميدان، فكل صباح هناك موقع جديد وأدوات جديدة وطرق جديدة، والمدربون العالميون في مجال الإعلام الاجتماعي يقدمون النصائح والإرشادات ومصادر التعلم الدائم فقط، ويقع على عاتق المستخدم نفسه مهمة متابعة التطورات المتسارعة.
إن الاستثمار الأمثل لما توفره وسائل الإعلام الاجتماعي أمام الأفراد والمؤسسات من فرص نمو هائلة يتطلب قياس الأداء ومعرفة مدى فاعلية الجهود التي يبذلها القائمون على تلك الوسائل، وبما يساعد في إجراء تقييم وتطوير مستمرين، وقياس العائد على الاستثمار في وسائل الإعلام الاجتماعي بدقة متناهية.
في منتصف العام 2014 أطلق النادي العالمي للإعلام الاجتماعي مركز «قياس أداء الحسابات» على وسائل الإعلام الاجتماعي والذي يتيح للراغبين من مؤسسات وأفراد في منطقة الشرق الأوسط الحصول على معلومات دقيقة بشأن مدى فعالية استخدامهم لوسائل مثل «تويتر» و «انستغرام» و «فيسبوك»، وبما يمكِّنهم من تعزيز استثمار تلك الوسائل لزيادة انتشارهم وربحيتهم، وأصدر المركز خلال الفترة الماضية الكثير من التقارير بالأرقام والجرافيكس والتي تقيس الأداء بوضوح وسهولة عبر مدخلات من بينها عدد متابعي الحساب والمتفاعلون معه بالتعليق والإعجاب وإعادة النشر.
وكان أن مضينا في هذا الطريق قدماً بإطلاق برنامج «عيادة الإعلام الاجتماعي» المختصة بتقييم حسابات المؤسسات والأفراد على منصات «فيسبوك» و «تويتر» و «انستغرام» و «لينكدان» وغيرها، حيث انتقلنا في النادي العالمي للإعلام الاجتماعي إلى مرحلة متقدمة جداً من العمل لا تقتصر على إعطاء المعلومات النظرية، وتوفير التدريب العملي، وإنما تتضمن الاطلاع على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي عن كثب، وإجراء تشخيص شامل لها، وإعطاء الوصفة اللازمة للنجاح.
لقد استهللنا برنامج «عيادة الإعلام الاجتماعي» بورشة عمل ليوم كامل في كابتال كلوب البحرين، حضرها العشرات من أصحاب الحسابات الشخصية على مواقع الإعلام الاجتماعي، إضافة إلى ممثلين عن جهات رسمية وخاصة، وجرى خلال الورشة استعراض حساباتهم على تلك المواقع، وإجراء تقييم علمي مهني دقيق لأدائهم على تلك الحسابات، وتوجيه الملاحظات بشأنها.
كما تمكن الحضور من الاطلاع على تجارب بعضهم البعض على صعيد الإعلام الاجتماعي، والتعرف على مكامن القوة والضعف لديهم، وكيفية الاستفادة من الإيجابيات وتلافي السلبيات، وجرى تزويدهم بنصائح إرشادية أيضاً حول كيفية تحقيق أكبر قدر ممكن من الفاعلية التي ترتبط بنوعية المحتوى وتفاعل المتابعين وليس عددهم.
لقد تمكنا خلال الورشة من تشخيص عن حالات كثيرة يعتريها جوانب ضعف في استخدام مواقع الإعلام الاجتماعي، وحالات أخرى تستدعي التعميم والإشادة، ونحن نسعى لمراكمة هذه الخبرات وصولاً إلى دليل متطور حول كيفية الاستخدام الأمثل لمواقع الإعلام الاجتماعي.
وسيوفر أخصائيو الإعلام الاجتماعي أعضاء النادي طاقماً جاهزاً للتحرك ومتابعة أداء المؤسسات الحكومية والخاصة والجهات والأفراد الراغبين باستثمار الإعلام الاجتماعي بالشكل الأمثل، وتحقيق الأهداف المنشودة من استخدامهم لـ «انستغرام» و«تويتر» و«فيسبوك» مثلاً وبالطريقة المثلى.
من خلال هذه العيادة المتنقلة سنبدأ قريباً جداً العمل مع مختلف الجهات: مؤسسات حكومية وخاصة وأندية وجامعات ومعاهد... كما سنبدأ الأسبوع المقبل العمل مع الأسر المنتجة بدعم من تمكين، وسيشهد الإعلام الاجتماعي في البحرين نقلة نوعية إن شاء الله.
لهذا أسميناها «عيادة» الإعلام الاجتماعي، للكشف وتشخيص ومعاينة الأداء على مواقع الإعلام الاجتماعي، كما أننا مستمرون في برامجنا التدريبية والتعليمة الأخرى، انطلاقاً من مقولة «الوقاية خير من العلاج».
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 5117 - الجمعة 09 سبتمبر 2016م الموافق 07 ذي الحجة 1437هـ