واحدة من الكنايات التي طرحها ستيفن كوفي عبارة «الحساب المصرفي العاطفي»، والمقصود بذلك أن الشخص، ولكي يتعامل مع الآخرين، فإن عليه أن يحتفظ بالجانب العاطفي الإيجابي مع الاخرين، فبما يشبه «الحساب المصرفي». وبعكس الحساب المصرفي التقليدي القائم على جمع ودائع المال، فإن الحساب المصرفي العاطفي يقوم على جمع ودائع «الثقة»، والتي تعتبر العملة الأهم التي يحتاجها الشخص لكي ينجح في علاقاته الحياتية مع الآخرين، والمحافظة عليها من أجل تحقيق اعتماد متبادل interdependence.
يشير كوفي إلى «الودائع العاطفية» في الحساب المصرفي لشخص ما، وكيفية زيادة الودائع عبر تحقيق «الثقة» وتنميتها من أجل تطوير علاقات ومعاملات الشخص مع الآخرين، ويتحدث عن أهمية الحفاظ على «احتياطي إيجابي» في مخزون «الثقة»، وذلك عبر ست طرق رئيسية، وهي كما يلي:
- فهم الآخرين، إذ يتوجب على الشخص أن يسعى أولاً إلى فهم الآخرين، ومن ثم يمكنه بعد ذلك ان يطلب أن يفهمه الآخرون. ويعقب كوفي على ذلك بأن الكثيرين يسمعون الآخرين من أجل الرد عليهم، ولكن زيادة الحساب المصرفي العاطفي تتطلب أن يستمع الشخص إلى الآخرين من أجل فهمهم أولاً، وأن يضع الشخص نفسه في مكان الطرف الآخر، وذلك لكي يفهم أنماط التفكير التي دفعته لاتخاذ موقف ما.
- التمسك بالالتزامات، فالشخص الذي يلتزم بتعهداته ووعوده إنما يقوم بزيادة الثقة لدى الآخرين، وبذلك يزداد حسابه المصرفي العاطفي. أما عندما يكسر وعوده، أو أنه يقوم بأعمال مخالفة لما وعد به الآخرون، فإنه يخسر وحدات من «الثقة»، وبالتالي يضعف حسابه المصرفي العاطفي، وتضعف بذلك قدرته على التأثير على الآخرين الذين يبدأون في التشكيك في كل ما يقوله. والشخص الذي يكسر وعوده باستمرار إنما يكثر من السحب من حسابه المصرفي العاطفي، وبالتالي قد يتحول إلى الجانب السلبي في حسابه، بحيث لا تعود له مصداقية.
- توضيح التوقعات، إذ ينبغي للشخص أن يوضح ماذا يتوقعه، وما هو متوقع منه، إذ من المهم أن تعرف ماذا تتوقع من الشخص عندما تتعامل معه، وأن تكون تلك التوقعات متناغمة مع القيم والمبادئ التي يصرح الشخص ويعلن ايمانه بها.
- الالتفاتات الصغيرة مهمة جدّاً، فالشخص الذي ينطق بالكلمة الطيبة، ويبتسم، ويظهر تقديره للآخر، ويقدم على خطوات قد تبدو صغيرة، بأن تعرض على شخص إيصاله إلى مكان ما على الطريق، أو تلتفت إلى احتياجه للماء، أو أي شيء آخر يوضح مدى إدراكك بأهميته بالنسبة اليك، وكيف أنك تود له النجاح، وتساعده على بعض الأشياء الصغيرة التي تصبح أشياء كبيرة بمعناها، وبذلك يزداد الرصيد المصرفي العاطفي.
- الحرص على النزاهة الشخصية، اذ ليس هناك ما هو أكثر ضرراً للعلاقة مع الآخرين من عدم وجود هذه الصفة، والحساب المصرفي العاطفي يقوم على «الثقة»، وبالتالي فإن النزاهة تعتبر صخرة من الصخور الصلبة التي تبنى عليها جميع العلاقات الناجحة.
- الاعتذار بصدق عندما يرتكب الشخص أخطاء، وهذا جزء مهم من مسيرة الحياة التي تتطلب أن يراجع المرء ما يقوم به، وأن يعتذر للآخرين إذا أخطأ. ان الاعتراف بأخطائك يمنع تعميق الجروح التي كنت قد تسببت فيها لغيرك، ويسمح لها بالاندمال والشفاء. فإذا كان هدفك الإبقاء على علاقات سليمة مع الاخرين قوامها «الثقة» المتبادلة، فان طريقة الاعتذار يجب أن تكون بأسرع ما يمكن، وفي حدودها المعقولة. إن مثل هذا الاعتذار يزيد من ودائع الثقة ويؤسس لمبدأ التسامح وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الآخرين.
وعليه، طرح ستيفن كوفي، أن الشخص الذي لا يهتم بحسابه المصرفي العاطفي قد يفقد توازن العلاقات، ويصبح مستوى الثقة فيه منخفضاً، أو أنه قد يسحب من حسابه «على المكشوف»، مما ينتج عن ذلك مرارة، وخلاف يتطور الى نتائج سلبية في العلاقات.
وتلخيصا لفكرة ستيفن كوفي، فان تعبير زيادة ودائع الحساب المصرفي العاطفي يعني أن على الشخص أن يسعى أولاً إلى فهم الآخرين، وأن يحترمهم، ويلتزم بالكياسة واللطف والمجاملة، وأن يفي بالوعود والالتزامات، وأن يوضح توقعاته، وأن يعتذر عندما يشعر أن حسابه العاطفي انخفض بسبب تصرف غير مناسب. ولكي يقلل السحب من الحساب المصرفي العاطفي، فإن على الشخص أن لا يكون فظّاً أو قاسياً، وأن لا يقلل احترامه للآخرين لأي سبب كان، وأن لا يكسر وعوده والتزاماته، وأن لا يتغطرس ويحقد ويتعامل مع الآخرين وكأنهم دونه في المستوى، لأن كل ذلك له تكلفة عالية جدّاً تخفض مستوى ودائع «الثقة» في حسابه المصرفي العاطفي.
موضوع شيق قواك الله ورحم الله والديك
الحساب المصرفي العاطفي مهم جدآ في حياتنا ليس للأفراد فقط بل حتى للمؤسسات والشركات المعاملة الحسنة والخدمة الممتازة للناس هي أقوى رصيد فبناؤه يستغرق جهد كبير وتضحية ووقت بس هو الركيزة للمستقبل والادخار الصحيح بس هذا لا ينطبق لجمعيات السياسية الدينية لو تقدم الغالي والنفيس في خدمة الناس وهي صادقة في كل ماتقوم به وعملها في صالح الجميع بس ﻻ يمكن أن تحظى بثقة الشعب مهما عملة بسبب تكوينها
كم نود لو أن زعماء المعارضه يقرؤون هذا المقال ويستوعبونه تماماً
والله في هالزمن انقرضت الثقة لندرة مصداقية بعضا من الناس
لا ذمة و لا ضمير و لا أخلاق ...مصالح مادية بحته
يسعون للنيل من مال الغير بلا تعب و لا بذل اي جهد غير النصب و الاحتيال باسلوب منمق و كلام معسول
حسبي الله ونعم والوكيل
صدقت دكتور وكما تشترط البنوك في الحساب البنكي انه اذا صفّر وأصبح خاويا بلا ارقام يجب ان يغلق كذلك الحساب العاطفي اذا صفّر واصبح صفرا يجب ان يغلق ، هناك من يعمل بلا مبالاة في تصفير هذا الرصيد ليوصل البلد الى مرحلة صعبة بسبب تخطّي كل المتوقع وقطع كل الخطوط
أحسنت دكتور منصور! أحسن نقطة أعجبتني في المقال هي اول نقطة حيث ان كثيرين في المجتمع يستمعون للاخرين بنية ان يردوا عليهم وليس بنية ان يفهموهم وبعدها يردوا عليهم!
موضوع رائع شكرا دكتور