العدد 5115 - الأربعاء 07 سبتمبر 2016م الموافق 05 ذي الحجة 1437هـ

نقتل الزراعة ونبحث عنها في الخارج!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هناك أعدادٌ كبيرةٌ من البحرينيين يسافرون سنوياً إلى الخارج خلال العطلة الصيفية، للاستجمام والترويح عن النفس، وهرباً من ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين.

وتختلف وجهات السفر بين الدول القريبة والبعيدة، من آسيا إلى أوروبا، وعادةً ما يكون الجو والطبيعة عامل جذب رئيسي للبحرينيين. فهم يبحثون عمّا يفتقدونه في حياتهم اليومية، داخل بلدهم، الذي يسير سريعاً نحو تصفية الرقعة الزراعية، وتتجه أرضه بوتيرةٍ سريعةٍ، نحو مزيدٍ من التصحر.

أغلب الدول التي يحرص البحرينيون على زيارتها، ذات طبيعة زراعية وبحرية، حيث تنتشر الرقعة الخضراء، وتتوفر السواحل والبحيرات والشلالات والمياه، فهم يحنّون لما يفتقدونه هنا، حيث أضحت جزرهم المحاطة بالمياه، إلى كانتونات معزولة، بعدما تحوّلت 95 في المئة من السواحل العامة إلى أملاكٍ خاصةٍ، لا يمكن الدنو منها أو الوصول إليها. أما البقية الباقية، الخمسة في المئة، فأكثرها يعاني من الإهمال والتلوث وعدم الاهتمام بتنظيفها، حسبما تعكسه الصحف في تقاريرها الصحافية.

هذه الأعداد الكبيرة من السياح، تبحث عن ظلالٍ ومياهٍ وزروع، والدول والقطاع الخاص في تلك البلدان، تهتم بهذه المرافق التي تجذب المزيد من الزوار. أما نحن فنعمد إلى تجريف هذه البيئة، والتخلّص منها بأسرع وقت، ونحاول أن نقضي على ما تبقّى من زراعة، كأن بيننا وبينها ثأراً قديماً.

التطور الأخطر في هذه السياسة، أننا عمدنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلى رفع الغطاء القانوني الذي كان يحمي الأراضي الزراعية، منذ منتصف السبعينات، تحت مسمى «الحزام الأخضر». وهو من أهم أدوات الحماية التي اتبعتها الدولة، وحافظت من خلاله على ذلك الحزام الطبيعي خلال أربعين عاماً.

في تلك البلدان، تعمد الدولة إلى حماية المناطق الطبيعية والأثرية، وتفرض القوانين والأنظمة بعدم هدم المباني التاريخية والقديمة، للإبقاء على معالم البلد، خصوصاً في العواصم المهدّدة بعمليات التطوير والإعمار. أما نحن فنتخلى عن قوانين الحماية تحت ضغط رؤوس الأموال.

ما زاد من تدهور الوضع أكثر، هو تركيبة المجالس النيابية والبلدية الحالية، التي وصل أغلبها إلى مواقعه الحالية دون أن تمتلك رؤية أو تحمل هماً عاماً، أو هدفاً وطنياً جامعاً، غير التطلعات الفردية. وفي مثل هذه التركيبة الهشّة، ومع غياب الرقابة الشعبية وصوت المجتمع المدني، كان من السهل لأصحاب رؤوس الأموال الضغط لرفع الأراضي الزراعية من تحت مظلة الحماية القانونية، ما سهل عملية الإجهاز على الحزام الأخضر، وتصفية الأراضي الزراعية، من أجل إقامة مخططات ومشاريع سريعة الربحية، تكون نتيجتها إزالة ما تبقى من رقعة زراعية، ظلت توفّر الحد الأدنى من الإنتاج المحلي خلال العقود الأخيرة. وكان من المفترض ألا تُترك الأمور لقوى السوق ورغبة التجار لأنها تتعلق بمستقبل وطن.

إننا أمام عملية قتل لما تبقى من زراعة، ستحرم البلد مما يتوفر لديه من أنظمة حماية بيئية، وتحوّله إلى أرضٍ صحراوية جرداء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5115 - الأربعاء 07 سبتمبر 2016م الموافق 05 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 10:05 ص

      خليج توبلي
      آخ آخ على ضياع خليج توبلي

    • زائر 10 | 2:29 ص

      استادى الكريم اتدكرني ايام الطفوله علي الدراجه الهوائيه ندهب الي منطقه الصخير المليئه باشجار البريه الكبيره التي كانت تغطي مساحات واسعه والاهالي يتجمعون فى يوم الجمعه لا تجدموطه قدم وعند العوده نتجهه الي بر سار مياه عين عداري تسقي الخضر واليابس في عز الصيف الله يرحم داك الزمان اليوم لا في زرع ولا بحر الاثنين معأ

    • زائر 9 | 2:08 ص

      هل تطلب من الغريب يا استاذ قاسم ان يحافظ على بلد لم ولن يشعر يوما بالانتماء اليه؟؟

    • زائر 8 | 1:15 ص

      هذه الديرة تحمي المتنفذين والأجانب...ألحين أهل الديرة مب سالمين من هالقوانين تبي الزراعة تسلم منها....

    • زائر 7 | 1:11 ص

      دمروا كل شي دمروا الانسان والبحر وا الزراعه ولو يقدرون يحطون عداد على الهواء اللي نتنفسه كان حطوا وهذا اليوم مو بعيد راح يحسبون كم لتر من الهواء يحتاجه الانسان وراح يحطونه في فاتوره الكهرباء .الجشع اعمى القلوب مو مهم تراث تاريخ ثقافه اهم شي الفلوس وبس واذا تكلمت صرت ارهابي وتحرض ويطلعون كل تاريخك وكل اللي الكلام اللي قلته سابقا

    • زائر 6 | 12:34 ص

      مناطقنا تخلوا من مضمار عدل يكون مظلّل ببعض الشجر يمكننا ممارسة رياضة المشي في منطقة ابوصيبع والشاخورة والحجر والقدم الى درجة انك ترى من يحبون ممارسة رياضة المشي يقاحصون من شارع لآخر يضايقون وتضايقهم السيارات ..

    • زائر 5 | 12:28 ص

      البحرين صارت معروفه في الخليج ام المليون اجنبي ... مانبي زراعة ولا مناظر طبيعية نبي اجانب مستوردة ... شوفوا الامارات شلون ازدهار وطبيعة خلابة ..

    • زائر 4 | 12:11 ص

      سافرنا وشفنا حدائق عجيبة غريبة في دول تتصف بالفقر وشحّ الموارد لكنها تخالها جنّة. أشجار وحدائق غناء منظّمة ومرتبة وأشجار باسقات.
      ثم نعود لبلد المليون نخلة فلا نرى النخيل الا في بعض البيوت او على ابوابها تصارع المارّة في شوارع ضيعة هي لوحدها تشكو الحال من اكتضاض السيارات ولأن الناس تتحسّر على النخيل ولا تريد ان تفقد هذه النعمة يقومون بغرسها خارج المنازل

    • زائر 3 | 12:03 ص

      نبي شارع عدل نقدر نمشي فيه ماكو.
      نتحسر على شارع فيه بعض الشجر نظلل بظلّه في الشمس المحرقة .
      يا سيد العلّة عودة والحرّة في القلب مكبوتة .
      لا ويجيك البعض يقول البحارنة يسافرون : يعني ويش بقى في الديرة يرفّه عن النفس من القهر والضيم والظلايم حتى ما نطلع

    • زائر 2 | 11:29 م

      ما دمنا نزرع فى الفلبين والسودان لا خوف على الحزام الأخضر فى البحرين .. وإذا كانت لاوس تفتخر أن لديها مليون فيل فأننا فى البحرين نفتخر انه كان لدينا مليون نخلة!!.

    • زائر 1 | 11:18 م

      العوائل تهاجر من هم اثمن من كل شيء بحثا عن الطبيعه لابد ان تكون الحكومه صارمة في قانون الحزام الأخضر لانه الانسان يوجد فيه الجشع ويريد ان يستفيد من ورثه اقصه استفاده ويعمل جاهدا بحرق الزرع وتحويله الي صحراء مِم اجل ان يبني عماره ويدر عليه النقود مثل غيره

اقرأ ايضاً