تحيي لندن غداً الاحد (4 سبتمبر/ أيلول 2016) ذكرى مرور 350 عاماً على الحريق الهائل الذي اتى على المدينة بشكل شبه كامل سنة 1666، عبر فعاليات متنوعة تتضمن خصوصاً احراق مجسم عملاق للعاصمة البريطانية في القرن السابع عشر على جسر التايمز.
وقد قضى الحريق على 60 % من مدينة لندن التي توسعت ضمن الجدار الروماني، آتيا على 13200 منزل أغلبيتها مصنوع من الخشب و87 كنيسة وكاتدرائية القديس بولس.
وتستذكر العاصمة البريطانية تلك الحادثة منذ بداية الأسبوع مع مهرجان "لندن بورنينغ فيستيفال". ويقيم متحف لندن معرضا تحت اسم "فاير! فاير!" يعرض أدوات عائدة إلى تلك الحقبة والوسائل المستخدمة لاحتواء الحريق.
ويقام عرض ناري من تصميم الشركة الفرنسية "كومباني كارابوس" عند مدخل متحف تايت للفنون الحديثة والمعاصرة.
وتستضيف المدينة أيضا في هذه المناسبة عروضا مسرحية وجولات إرشادية عدة، فضلا عن إقامة عروض ضوئية لألسنة نارية على قبة كاتدرائية القديس بولس.
وتبلغ الاحتفالات ذروتها مساء الأحد مع إحراق مجسم خشبي بطول 120 مترا لمدينة لندن القديمة على ضفاف التايمز ... اتقاء من شر تكرار المصيبة.
وقالت هيلين ماريدج مديرة شركة "أرتيشوك" للفعاليات الترفيهية المكلفة بهذه المهمة التي ستبث بثا مباشرا على الانترنت اعتبارا من الساعة 19,25 بتوقيت غرينيتش "هو عرض مبهر من دون شك".
وأضافت "سيشب الحريق من شرارة واحدة ليأتي تدريجيا على المجسم".
الفضل للسكان
وقد اندلع الحريق الهائل من مخبز توماس فارينور الصغير في بودينغ لاين في الثاني من أيلول/سبتمبر 1666 بعيد منتصف الليل ثم انتشر بسرعة في أرجاء المدينة واستغرق احتواؤه ثلاثة أيام.
وبحسب الحصيلة الرسمية، تسبب الحريق بمقتل ستة أشخاص لا غير. لكن هذه الحصيلة لا تشمل ضحايا الطبقات الفقيرة الذين قضوا في النيران.
وشرحت ميريل جيتر القيمة على معرض "فاير! فاير!" لوكالة فرانس برس أن "عدد القتلى قليل لأنه تسنى لسلكان أن يهربوا من منازلهم".
فقد اضطر نحو 70 ألف شخص من سكان المدينة البالغ عددهم في تلك الفترة 80 ألفا مغادرة منازلهم إلى مخيمات فتحت خارج الجدار.
وأكدت ميريل جيتر أن "الحريق ألحق أضرارا جسيمة بوسط لندن حيث تقع أغلبية المتاجر والمعالم الثقافية".
وفي خضم الفوضى التي خلفتها الكارثة، سرعان ما وجهت أصابع الاتهام إلى الأجانب والكاثوليك وكثرت عمليات الإعدام التعسفي في شوارع لندن.
وقد شنق روبير أوبير وهو صانع ساعات فرنسي ساذج بعد أن أقر بأنه تسبب بالحريق في حين أنه كان على الشاطئ عند اندلاع النيران.
ولندن كما نعرفها اليوم بتصاميمها الهندسية الباروكية الرمادية اللون بعثت من رماد حريق العام 1666.
وقد أعيد بناء كاتدرائية القديس بولس في الوسط وأنجز ترميمها بعد 44 عاما على الحريق الكبير.
ولفت نيك بودجر المسؤول عن التنمية الثقافية والسياحية في مدينة لندن إلى حس المثابرة الذي تحلى به السكان والذي ساعدتهم على مواجهة المحنة.
وهو قال "قبل 350 عاما، كادت لندن أن تخسر إلى الأبد مرونتها المالية لكن عزم السكان الراسخ كالصخر أنهض المدينة من رمادها لتصبح ما هي عليه اليوم".