يتفنن بعض المدراء في نشر النكد والكآبة في محيط العمل، بدلاً من نشر الفرح والمرح، بدعوى الجدّية والصرامة في القيام بواجب العمل والإنتاج. وهذه النوعية من المدراء للأسف الشديد كثيرة، وإمكانية تغيير التصرفات السلبية لديها إلى إيجابية قليلة إن لم تكن معدومة. فهذه النوعية ترى أن مكان العمل لا يكون صالحاً إلا بالشدة وزرع الخوف في قلوب العاملين.
ترى هذه النوعية من المدراء دائم الصراخ وإعطاء الأوامر للموظفين من دون الاهتمام بمشاعرهم ومعاملتهم كبشر يحتاجون للكلمة الطيبة التي تحفزهم على مزيد من العمل والإنتاج. وتغفل هذه النوعية من المدراء مقولة: «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك».
وهناك أسباب كثيرة يمكن النظر إليها تجعل أي مدير يقوم بل يمتهن نشر الكآبة في جو العمل نورد بعضها في الآتي:
- عدم ثقة المدير في نفسه قد تجعله يفقد الثقة في الآخرين.
- عدم وجود الكفاءة المطلوبة في المدير لتأدية واجباته تجعله يسيء معاملة الموظفين لتغطية ضعف الكفاءة عنده.
- ربما يتعرض المدير نفسه إلى شدة وقسوة في التعامل من مديره المباشر، فينتقم من العاملين من خلال تعامله معهم بقسوة.
تصرفات المدير القاسية تجعل بعض موظفيه متوترين وقد لا يحب بعضهم المجيء للعمل، وإذا جاء للعمل فإنه ينتظر على أحر من الجمر وقت انتهاء الدوام ليكون أول المغادرين. ولذلك يصبح العمل للعاملين مع هذه النوعية من المدراء عبئاً وأمراً لا يُطاق، حيث تقل إنتاجية العاملين وتكثر الأخطاء وتنتشر الكآبة بين الجميع.
إن الضغوط التي تُمارس على العاملين لها تأثير سلبي غير محمود على إنتاجية العاملين وعلى نتائج الشركات يصعب تقديرها. فكلما كان جو العمل غير مريح للعاملين كثرت فيهم الأمراض وزادت مرات الغياب عن العمل.
في تقرير نشر في صحيفة «الإكونوميست» حديثاً، يُبين أن خسائر الشركات البريطانية لساعات العمل الناتجة عن جو العمل المشحون بالكآبة تقدر بـ 54 في المئة من مجمل ساعات العمل الممكنة. أي أن مجموع أيام الإجازات المرضية التي يغيب فيها العاملون نتيجة للكآبة في جو العمل كثيرة وتؤثر على إنتاجية الشركات. وهذا يعنى أيضاً أن جو العمل السيئ يؤثر على صحة العاملين ويصابون بمختلف الأمراض نتيجة لذلك. كما أن نسبة الخسائر الناتجة عن جو العمل السيئ في بقية بلدان أوروبا تزيد على ذلك كثيراً. وقدرت إحدى الدراسات في أميركا بأن فاتورة العلاج الطبي للعاملين للأمراض المتعلقة بالكآبة في العمل بما يقارب 125 مليار دولار أميركي سنوياً.
في اليابان انتبهت الحكومة إلى خطورة وكلفة الأمر ولذلك أعطت تعليماتها للشركات والعاملين في الحكومة على أخذ أكبر قدر من الإجازات لإعطاء العاملين مزيداً من الراحة والابتعاد عن جو العمل السيئ. وفي فرنسا أعطت الحكومة الحرية للذين يعانون من جو العمل الخانق بأخذ إجازة مفتوحة والانقطاع عن العمل لمدة حتى يتمكنوا من الاستجمام والتخلص من تبعات جو العمل المشحون بالكدر والكآبة والعودة بنفسية إيجابية بعد ذلك.
نحن لا توجد عندنا إحصاءات تبّين خسائر الشركات نتيجة لتغيب بعض العاملين عن العمل، وتلك الخسائر لا شك تمثل عبئاً كبيراً على الشركات نتيجة للغياب والعطل المرضية، وكلفة العلاج. معظم حالات الغياب سببها عدم رضا بعض العاملين عن الجو الإداري السائد في الشركة. طبعاً هذا لا يمنع أن بعض العاملين هم المشكلة حيث يبحث هؤلاء عن أية حجة للغياب والذهاب للمستشفي للحصول على إجازة مرضية. ولكن يظل موضوع جو العمل الكئيب من الأسباب المهمة في عدم رضا العاملين.
يجب أن يكون العمل متعة لجميع العاملين، بحيث يقوم العامل صباح كل يوم محباً للذهاب للعمل لينتج ويعود إلى منزله متطلعاً لليوم التالي للذهاب إلى العمل. كلما كان جو العمل إيجابياً كلما زادت الإنتاجية وأصبحت علاقات العاملين مع بعضهم ممتازة. ولزيادة مشاركة العاملين في العمل وحبهم له، يلزم أن يتصرف المدير بحكمة من خلال إشاعة التعامل الإيجابي وإشراك ومشاركة العاملين والتعرف على طلباتهم وآرائهم. إعطاء العاملين المزيد من حرية التعبير والمشاركة في صنع القرارات يجعلهم في وضع يكونون فيه مسئولين عن تنفيذها. وأن حسن إنجازهم للقرارات يشيع قدراً كبيراً من الرضا وبالتالي حب العمل.
أتمنى صادقاً أن توجد الشركات مؤشراً لساعات العمل المفقودة، وتأثيرها مادياً ومعنوياً على نتائج الشركات، ومحاولة معرفة الأسباب وإيجاد الحلول لها. إن المناخ الإيجابي للعمل ينتج معدلات مرتفعة من رضا العاملين؛ مما ينعكس إيجاباً على نتائج الشركات ويزيد من الإنتاجية.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5098 - الأحد 21 أغسطس 2016م الموافق 18 ذي القعدة 1437هـ
هناك بعض المدراء مدمنون على العمل و عدهم عادي يشتغلون ٢٤ ساعة حتى ينجزون العمل اللي في بالهم و في المدة اللي يتخيلونها فيبدأون يضغطون على الموظفين و يعيشونهم اجواء من الضغط النفسي و الجسدي فتصير الأجواء متكهربة و الموظف يعمل تحت الضغط فيفقد القدرة على الابتسام
زوجي على عكس ذلك
كان يقلب العمل إلى مزاح دائم مبالغ فيه واستهتار بالعمل حتى مل زملاءه منه وابدو انزعاجهم منه وبدأت مشاكل لا تطاق في عملهم
أماكن العمل لها حرمة معينة، وايجاد التوازن في التعامل بين المدراء وبقية العاملين كفيل بجعل مكان العمل مريحا ومحببا للجميع.
الملاحظ بشكل واضح المعلمين والمعلمات واجواء العمل السيء كثرة غياب الموظف دليل على عدم راحته
كلامك صح و حقيقة و هناك ضحايا كثيرة من الموظفين نتيجة اتباع هذا الاسلوب من قبل المدراء و انا اخترت التقاعد المبكر نتيجة جو العمل المتوتر و لم اجد الحل الا بالرحيل من العمل
بالفعل هذا النمط موجود في كثيرا من اماكن العمل لذلك تسمع ان هناك كثيرا من العاملين يتمنون ان يصلو لسن التقاعد حتي يتخلصوا من الجو المكهرب..
وحتى بعض الموظفين يتفننون في اضفاء جو من الملل والحزن وقلة الابتسامة ودوام الانشغال بما هو خارج نطاق العمل وترك العمل على الاخرين... فهل تريد المدير يضحك ويستانس اذا الله بلاه بموظف من هالنوعية.... الا بيكشر وبيقلب الدنيا.. الشغل بعد لازم ينجز على اتم وجه.
لا شك في وجود نوعية الموظفين الذين تتحدث عنهم، وهذا موضوع سوف نتطرق اليه مستقبلا انشاء الله. ولكن يبقى ان يكون المدير هو ضابط الإيقاع ويجب عليه إيجاد التوازن في محيط العمل بجعله مناسبا للعمل.
كلام موزن وفي الصميم نعم بعص المدراء يمارسون ارهاب اداري على الموظفين بكل ماتعنيه الكلمه من معني ارهاب ،شكرا لكاتب المقال ،،
العمل علي نوعين، الاول العامل فيه محبا للعمل.
والثاني مكره للعمل. وكل ذلك يعتمد على تعامل
المدير مع موظفيه. ما اجبرني على التقاعد المبكر
الا سوي الادارة.. شكرا جزيلا لصاحب المقال..!