أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي... ربما هذه هي الجملة التي بادرت إلى ذهني عندما قرأت التصريح الذي صدر عن النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي، بالطبع نتوجه له بالشكر على أنه تذكر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا التصريح «المهم» وأقر بأهميتها من حيث كونها مكوناً اقتصاديّاً مهماً في المملكة، مشيراً إلى أن هذا المكون يصل إلى نحو 70 في المئة من اقتصاديات بعض الدول الكبرى، ونحن نضيف إلى ذلك بأنه يمثل نحو 95 في المئة من إجمالي الشركات البحرينية.
والأهم في هذا التصريح أنه أشار من موقعه كنائب أول لرئيس مجلس النواب إلى غياب الخطط المشتركة بين الجهات الحكومية والقطاع التجاري من حيث تمكين المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر بهدف جعلها رافداً من روافد الاقتصاد الوطني، كما أكد على أن المشكلة القائمة تتمثل في غياب الخطط الواضحة للاقتصاد البحريني، إذ إن الجهات الحكومية والقطاع التجاري انشغلوا عن تمكين البحريني صاحب المؤسسة الصغيرة والمتوسطة ليكون ركيزة الاستراتيجيات التي تهدف لجعل القطاع الخاص رافداً أساسياً للقطاع الاقتصادي.
كما أشار إلى دور هذه المؤسسات في رفع كفاءة العمل الوطني، ولما تحمله من خصوصية لكونها تدار من قبل أيدٍ وطنية منتجة، تعكس المنافسة الحقيقية للاقتصاد المتنامي.
العتب أو اللوم إن شئنا أن نتحدث بهذا الشأن في حقيقة الأمر ليس من نصيب النائب الموقر، ولكن من نصيب مجلس النواب في المجمل، وقد اطلعت على تصريحات سابقة للنائب علي العرادي وغيره من نواب قبل ترشحهم للمجلس يتحدثون عن الجانب الاقتصادي في برامجهم، وكذا يخصون بالذكر صغار تجار البحرين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأهميتها للاقتصاد الوطني البحريني، وأهمية التركيز عليها مستقبلاً لتنمية وتطوير الاقتصاد الوطني والخروج به من حيز النفط الضيق إلى آفاق واسعة من الاقتصاديات المتنوعة، تشمل الصناعة والتجارة والتكنولوجيا والمقاولات والسياحة والمطاعم وغيرها.
لكن في حقيقة الأمر كانت مساندة النواب الأفاضل للقطاع من داخل المجلس أقل من توقعاتنا نحن أبناءه وأعضاءه ومنتسبيه، لم نجد المساندة الكافية على الإطلاق من مجلس النواب وخاصة من حيث التشريعات التي صدرت في عهد هذا المجلس أو تلك التي مازالت تحت الدراسة والبحث، فلم نشعر مطلقاً أن هناك توجهاً لمراعاة وحماية هذه المؤسسات أو عمل أي اعتبار لها بالتمييز الإيجابي في أي قانون تجاري أو استثماري صدر خلال الأعوام الأخيرة.
حتى التوصيات أو المقترحات أو الآراء التي يتم رفعها من جانب الغرفة أو الجمعيات التي تعنى بشأن هذه المؤسسات، فللأسف الشديد لا يتم الالتفات إليها أو الأخذ بها في معظم الأحيان إن لم يكن كلها!
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عصب أي اقتصاد عالمي قوي... وهي المفتاح وراء نجاح اقتصاديات عملاقة مثل الاقتصاد الأميركي والصيني والبرازيلي والتركي وغيرها، على عكس ما قد يعتقده البعض بأن الشركات العملاقة هي الداعم الأول لمثل هذه الاقتصادات، ولعل الاعتماد على المؤسسات الصغيرة في النهوض باقتصاديات الدول العظمى أثبت نجاحاً كبيراً لأن وجود عدد هائل من هذه الشركات يرفد الاقتصاد بعوامل النجاح والتطور لا يؤثر عليه سلباً عندما تقع واحدة أو عشرة أو مئة شركة منها في أحلك الظروف الاقتصادية.
وأؤد التأكيد على أنه من أهم أولويات العمل في القطاع خلال المرحلة الحالية والقادمة هو التعبير الدقيق داخل مجلس النواب نفسه عن مشاكل هذا القطاع العريض من المؤسسات الصغيرة الذي يتداخل أو يتقاطع «عرضيّاً» في جميع قطاعات الدولة، بمعنى أن المؤسسات الصغيرة تجدها في الإنشاءات والعقارات والصناعة والتجارة والصالونات والمقاهي والمطاعم وعشرات القطاعات الأخرى، وفي الوقت الذي اعتبر فيه التعبير من جانبنا نحن كمنتسبين للقطاع عن مشاكله ضرورة مهمة جدّاً لكي يستنير أصحاب القرار على تدرج مستوياتهم وخاصة فيما يتعلق بالجانب التشريعي (مجلسي النواب والشورى) والجانب التنفيذي (وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة) باحتياجات هذا القطاع ومشاكله، فإنني اعتبر التعاون مع هذه الجهات وعلى رأسها مجلس النواب في طرح القضايا والمشكلات أمراً في غاية الأهمية.
وإذا كانت المؤسسات الصغيرة في البحرين مازالت تعاني فعليّاً على رغم جهود الوزير الشاب زايد راشد الزياني منذ قدومه للمنصب ودفعاته التي طالما أشدنا بها لجميع منتسبي هذا القطاع ، فإن تمثيل المؤسسات الصغيرة في «مطبخ القرارات الاقتصادية» وهي الجهات التي تعد القرارات أو تستشار بشأنها، لايزال مفقوداً، لأن غياب هذه المؤسسات الواضح عن العديد من الجهات الاقتصادية والتشريعية، قد أدَّى إلى تجاهل مصالح هذا القطاع العريض عند اتخاذ القرار وأضر به، مثلما حدث في قضية «رسوم الصحة» وغيرها.
نحن نريد من السادة النواب تشريعات تسعى في اتجاه توسيع السوق وعدم التضييق على المستثمرين، والمساعدة على تنشيط السياحة حتى تستطيع هذه المؤسسات تسويق منتجاتها، لأن السوق المحلي صغير ومحدود مساحةً وسكاناً، ويجب هنا فتح الباب أمام الوافدين والاستفادة من الاستثمار والتطور الذي شهدته البحرين في الجانب الأمني والرقابي.
كما يجب تسهيل تمويل وتعامل البنوك والمؤسسات المانحة مع صغار المؤسسات، وتسهيل التواصل مع الجهات المانحة الدولية وهناك العديد من الجهات التي تريد دعم صغار التجار تحت إشراف الدولة ورقابتها بالطبع، لكن السماح لهذه الجهات سيساهم بقوة في رفع بعض العبء عن الحكومة وعن المؤسسات الصغيرة.
مجالات التعاون مع النواب ومؤسسات الدولة المعنية عديدة جدّاً لرفعة شأن القطاع ونحن نطالب جديّاً بمد الأيادي لتحقيق هذا التعاون وانتشال المؤسسسات الصغيرة في البحرين من عثرتها والانطلاق بها قدماً في اتجاه رفعة الاقتصاد الوطني.
فهل يعوض مجلس النواب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين فيما تبقى لهذا المجلس من فترة؟ نتمنى!
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5097 - السبت 20 أغسطس 2016م الموافق 17 ذي القعدة 1437هـ
احلم ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
نشكرالكتاب على الإهتمام بي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نرجو كتابه رقم الجمعيه مع شرح موقع المقر الرئيسي الى الجمعيه اين يكون من اجل التواصل مع التجار شكرا الى الاستاذ احمد