القى باراك اوباما اول خطاب له بعيد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة من دون الاستعانة بأي تدوينات مكتفياً بالنظر الى لوحين زجاجيين رفيعين موضوعين على حمالة ثلاثية القوائم يمكن قراءة نص الكلمة عبرها... فكانت ولادة جهاز التلقين "الرئاسي".
مذاك، يحقق هذا الجهاز نجاحا تجاريا لافتا غير أن ذلك يترافق مع سيل من التعليقات الساخرة.
وبعد سبع سنوات، يتمتع هذا الجهاز الصغير الذي بالكاد يمكن رؤيته بالعين المجردة بمكانة مهمة في الحملات الرئاسية الاميركية خصوصا لدى المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون التي تستخدمه باستمرار في خطاباتها الرئيسية.
كذلك التحق أخيرا منافسها الجمهوري دونالد ترامب بالركب ولو متأخرا ومن دون حماسة ظاهرة. ففي آب/اغسطس 2015، ابدى اعتقاده بأن اعتماد مرشح للرئاسة الاميركية على جهاز للتلقين يجب ان يصنف "مخالفا للقانون".
وقال ساخرا "اتدركون كم كان ذلك ليكون سهلا؟ (...) لا اغلاط ولا مشكلات".
غير أن هذا الثري الاميركي بدأ باستخدام هذا الجهاز اخيرا اذ اعتمده في خطابات ترتدي اهمية مركزية في حملته، كخطاب القبول الرسمي بترشيح الحزب الجمهوري في نهاية تموز/يوليو وبعدها في خطابه بشأن سياسته الاقتصادية.
وبات يقر ترامب حاليا بـ"انني احب استخدام (جهاز التلقين) في المناسبات"، بعد ان جذبه هو الآخر النموذج "الرئاسي" المحبب لدى باراك اوباما.
المبدأ بسيط: شاشة مثبتة بشكل مواز للأرض تنعكس على مرآة او اثنتين منحنيتين وقابلتين للتعديل. عندها يكون الخطاب مرئيا فقط لدى الخطيب الذي في امكانه توجيه ناظريه يمينا ويسارا لمخاطبة الحاضرين في الجهات كافة ما يعطي انطباعا ببراعة كبيرة في تلاوة النص. ويقارب سعر هذا الجهاز 1500 دولار.
ويوضح جيمس بيكر من شركة "تيليبرومبتر ميرور" وهي إحدى الشركات القليلة التي تتقاسم سوق هذه الاجهزة في الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس "الامر جذاب اكثر بكثير للجمهور ويمنح الخطيب حرية اكبر في حركته وقدرة على القيام بما يريد لإلقاء خطابه بطريقة جذابة".
انتقادات ساخرة
أجهزة التلقين هذه ليست بجديدة حقا بل هي موجودة منذ نحو ثلاثة عقود غير أن أسياد البيت الابيض السابقين لم يكونوا من المولعين باستخدامها. فقد كان جورج بوش الابن مثلا يفضل اللجوء الى جهاز تلقين موضوع بشكل غير ظاهر في داخل المكتب او الاستعانة بتدوينات بسيطة.
ويوضح روبن براون المسؤول الاداري في مجموعة "فيتك" المالكة لشركة "اوتوكيو" المعروفة خصوصا بتصنيعها اجهزة تلقين "رئاسية" لوكالة فرانس برس أن "السبب الذي اثارت فيه هذا القدر من الضجة هو لكون اوباما لا يخفي استخدامه لها".
وبحسب مصدر فإن الرئيس اوباما يملك في المجموع 36 جهاز تلقين مماثلا ترافقه في تنقلاته الكثيرة في الولايات المتحدة والخارج.
ويقول براون "يجب ان تكون هذه الاجهزة موجودة حيثما يذهب الرئيس، كما لو انها مخصصة لجولة ضخمة".
غير أن الميل الموجود لدى اوباما للاستعانة بهذه الاجهزة جلب له سيلا من الانتقادات الساخرة من اوساط المحافظين الذين يحرصون على التصويب على تردد الرئيس الاميركي الطويل في الكلام عند حصول اخطاء تقنية.
ويشير براون الى ان "استخدام السياسي جهاز تلقين ينظر اليه بسلبية في الولايات المتحدة".
لكن من منظور تجاري، شكل هذا الاستخدام نعمة لبعض الشركات مثل "برومبتر بيبل" التي لا تتوانى عن نشر صور للرئيس الاميركي على موقعها في مسعى للترويج لمنتجاتها.
وتقر شركة "اوتوكيو" بتسجيل "ازدياد طفيف في المبيعات بفضل اوباما".
وقد تبع رؤساء آخرون خصوصا في الشرق الاوسط هذه الموجة اضافة الى رؤساء شركات وشخصيات نافذة في العالم.