بعد وفاته منذ أيام قليلة، كتب الكثيرون عن العالم العربي المصري أحمد زويل، حامل جائزة نوبل الشهيرة. جميع تلك الكتابات أبرزت تميزاته العلمية والأخلاقية وأحلامه الوطنية لخدمة مصر ووطنه العربي كله في مجالات التعليم العالي والبحوث، وذلك من خلال مشروعه المبهر الشهير لإنشاء جامعة ومراكز بحوث تابعة لها تهدف، فيما تهدف، لإحداث نقلة نوعية في حقلي العلوم والبحث العلمي من جهة، وفي حقل التكنولوجيا المتقدمة من جهة أخرى.
ما يهمنا ليس الحديث عن الجوانب الشخصية الكثيرة التي ميزت الرجل وعطاءاته العلمية، فهذا كتب وسيكتب عنه الكثير. ما يهمنا هو أخذ التعامل الظالم لأحمد زويل ومشروعه التعليمي والعلمي كمثال على ما تفعله السياسة في أرض العرب بالنهوض العلمي وبالعلماء. لقد وئد المشروع ووئدت أحلام صاحبه، وبالتالي وئد مشروع نهضوي علمي لخدمة مصر وكل الوطن العربي؛ بسبب ظنون أمنية سخيفة قائمة على هلوسات أجهزة الأمن. الهلوسة عبرت عن سخفها بإثارة خوف النظام السياسي آنذاك، في عهد الرئيس مبارك السابق، وذلك بالتأكيد للنظام من أن نجاح مشروع أحمد زويل سيزيد في مكانته وشعبيته وخصوصاً بين الشباب، الأمر الذي سيجعله منافساً قوياً في اي انتخابات رئاسية ستجرى في مصر.
هذا مثال مأساوي في تفاصيله، وفي النهاية المحزنة التي وصل إليها، طال فرداً عالماً واحداً، في قطر عربي واحد؛ وذلك بسبب الوضع السياسي المتأزم دوماً، المتخلف فكرياً وممارسة، الموغل عبر القرون في تاريخ أمة العرب.
لعل ذلك المثال اقل فداحة إذا قورن بالذي حدث، ولايزال يحدث، في أقطار عربية من مثل العراق وسورية والسودان واليمن وليبيا. فلقد قادت الخلافات الإيديولوجية العبثية المشخصنة وممارسات السياسة المغموسة في صراعات القبائل والمذاهب والعساكر، بعيدا عن حتى أبسط قواعد المتطلبات الديموقراطية العادلة، قادت إلى مجتمعات خالية من أجواء الحرية والإبداع والاستقلالية التي يتطلبها نمو وانتعاش العلم من جهة، وقدرة العلماء على الإنجاز من جهة أخرى.
فكانت النتيجة أن غادر مئات الألوف من علماء ومفكري ومهنيي وبحاثة العرب، غادروا إلى أوطان أخرى. في البداية كان الظن والأمل بأنها ستكون مغادرة مؤقتة. لكن اذهب الآن في زيارات لجامعات ومراكز بحوث ومستشفيات ومؤسسات صناعات الغرب فستجد أفضل عقول العرب تعمل وتبدع وتخدم وتساهم في تنمية بلدان الغرب. ومن المؤكد أن أكثرها لن يعود إلى الجحيم الذي اشعله الجهاد التكفيري الإرهابي المجنون القامع لكل أنواع الحرية ولكل محاولات الإبداع، وبالتالي المتصادم مع كل مصادر التقدم في حضارة العصر.
إن ممارسة العلم من قبل العلماء، والفكر من قبل المفكرين، والإبداع والتجديد من قبل المهنيين، يحتاج إلى علاقات مجتمعية تقوم على أسس الكفاءة وتساوي الفرص وقيم المواطنة وعدالة نظم الترقي في سلُم الوظائف وعدم إقحام السلطات الأمنية أنفها في المعايير التي تحكم تلك العلاقات. لكن فكر وممارسة السياسة في أغلب بلاد العرب جعل من المستحيل بناء مثل تلك المجتمعات، فكانت النتيجة تحطُم أحلام المجتهدين والمبدعين ووأد التزاماتهم الوطنية والقومية، وإجبارهم مكرهين على الدخول في حلقة التيه الجغرافي والثقافي وعيش الغربة والانعزال الإنساني.
لقد مات المرحوم أحمد زويل واستراح من آلام وأحزان فجيعته ويأسه من استجابة أمته ووطنه لإدارة النهوض العلمي، باب الدخول لحضارة العصر. أما الآن من علماء العرب فعليهم الانتظار وتجرُع مرارة اضطرارها لسقي أرض الغير بينما تبقي أرض آبائهم وأجدادهم، التي حبوها ويحبونها، عطشى تذروها رياح سموم السياسة.
مرة أخرى تثبت الأيام وعبرها بأن المدخل لكل إصلاح هو إصلاح السياسة.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 5088 - الخميس 11 أغسطس 2016م الموافق 08 ذي القعدة 1437هـ
"ثقافة الاقصاء البغيضة"
الحقيقة ما ذكرته يا دكتورنا العزيز يجسد عمق ثقافة الاقصاء في مجتمعنا العربي وذلك الوباء ليس منتج الاقصاء السياسي وحسب بل هو متفشي في وسطنا في مجتمعنا في ثقافة النفوس المريضة، ذلك ما تبينه التعليقات العقيمة على المقالات والتقييم غير العاقل لمرئيات الكتاب التي تصل الى التجريح الشخصي والتسقيط للاطاحة بشخص الكاتب في سياق حرب المنافسة في منظومة العمل الاجتماعي، لذلك ما هو موجود في عالم السياسة هو ايضاً بذات المستوى والاثر السلبي في الفعل في عالم الابداع والجهد الاجتماعي.
وسرقة البعثات
يضاف لها يا عزيزي الدكتور العبث بالبعثات والمنح وغصبها من هم احق واكفأ بها
وهذا تدمير ممنهج لطاقات شباب و شابات الوطن وزادت حدتها من 2011
وهل نجا المرحوم العالم زويل من ألسنة مشايخ الجهل ... ؟ بالامس القريب سلط القبيح .... لسانه على زويل وشتمه باقبح الشتائم وقلة الادب وسوء الاخلاق ولا عجب فقد شتم من قبل زويل كثير من العلماء منهم بن المقفع و جابر بن حيان الكوفي وبن سينا والرازي ونصير الدين الطوسي وغيرهم الكثير من العلماء والافاضل فلا عجب ان يهرب علماء اليوم الى الغرب فهم يفرون بجلودهم وعلمهم كي يقدموا خدمتهم وعلمهم للبشرية كما حسن كامل الصباح وزها حديد و زويل وغيرهم .
أبسط مثال لانعدام الفكر والعداله إذهب إلى أي شركه وانظر إلى المترقين في الوظائف من أصحاب البله والتخلف والمحسوبية وستعرف لماذا لا ينهض المجتمع
الدول المتقدمة تبحث عن المواهب وتستقطبها من كل مكان للاستثمار فيها
وبفعل السياسة في بلادنا هذه المواهب تقتل غيلة وبفعل استهداف فاضح والبعثات اكبر دليل
الكاسر
اذا تعمل ليك إذاعة من منزلك
على طول تسجن في الدول العربية
لكن يادكتور وين لسياسة غزو تبني وطن