في مقال سابق تطرقنا إلى موضوع العزوف عن العمل الاجتماعي التطوعي، وكانت ردود القرّاء والأصدقاء على محتويات المقال مشجعة.
في هذا المقال نود أن نلقي الضوء على أنواع العمل التطوعي الموجه إلى خدمة المجتمع، ومبدأ العطاء وأنواعه. فالعطاء هو مبدأ نبيل ومحمود، ولا يتوقف العطاء الذي يقوم به الفرد على التبرع بالمال، بل يشمل التبرع بالوقت وبالجهد في خدمة الآخرين. الفرد يحتاج إلى العطاء من الآخرين، والآخرون يحتاجون إلى العطاء منه، في حاجة متقابلة منها يأخذ الفرد من مجتمعه ويعطي له.
ولنتحدث عن أنواع العمل التطوعي الاجتماعي:
• العمل من خلال مجالس الإدارة للجمعيات والصناديق الخيرية والأندية الرياضية والثقافية، وكذلك الجمعيات والمراكز المتخصصة في أي شأن مهني أو اجتماعي معين. مثال ذلك جمعيات الاقتصاد، وجمعيات الإدارة، وجمعيات الأطباء وجمعيات كبار السن وغيرها. باختصار كل جمعية تعنى بالشأن الإجتماعي. العضوية في مجالس الإدارة لأي من هذه المؤسسات تعطي الفرد الفرصة للمساهمة في وضع الاستراتيجيات للعمل الاجتماعي، ورسم الخطط لتنفيذ تلك الاستراتيجيات. والانتساب إلى عضوية أي جمعية تعطي الفرد الفرصة لتقديم الخدمة للمجتمع بصفة مهنية ومنظمة، حيث إن هذه الجمعيات لها نظام أساسي ينظم عملها، وتقوم مجالس إداراتها بإصدار تقارير إدارية ومالية بأنشطتها وما تقدمه من خدمات.
• الخدمة الاجتماعية ليست محصورة في التبرعات وإعطاء المال، لكن المشاركة في تقديم الخدمة وتخصيص وقت لذلك، هو بحد ذاته عمل اجتماعي بامتياز. يمكن أن يخصص الفرد جزءا من وقته أسبوعيّاً للعمل الاجتماعي ولو ساعات قليلة. يجب أن ننظر إلى العاملين في إدارة الأندية والجمعيات الاجتماعية والجهد والوقت الذي يضعونه في الخدمة الاجتماعية، والذي يكون في الغالب على حساب عوائلهم وحتى على صحتهم. وتراهم على رغم ذلك يبذلون المزيد في خدمة المجتمع لإيمانهم الكبير بواجب الخدمة. ولذلك تخصيص ساعات قليلة للعمل الاجتماعي، واجب إنساني لا غنى عنه. فأنت اليوم تقدم الخدمة وبعدها يأتي اليوم الذي تحتاج إلى الآخرين لتقديم الخدمة لك. لذلك استثمر اليوم لتستحق أن يقدم لك الآخرون الخدمة الاجتماعية في المستقبل، عندما تكون في أمس الحاجة لذلك.
• الكثير منا لديه مواهب معينة اكتسبها من عمله أو من محيطه الذي يعيش فيه، وهذه المواهب يمكن وضعها في خدمة المجتمع الذي استقيت منه تلك المواهب. فإذا كانت لدى الفرد مهارات إدارية يمكن استخدامها في تنظيم مهرجانات اجتماعية أو مسابقات رياضية لها مردود على المجتمع، أو إذا كان الفرد له معرفة في تخصص معين ككونه طبيباً أو مهندساً أو مدرساً، فيجب أن يعمل مبدأ العطاء، ويخصص بعض من وقته لعمل اجتماعي له مردود يستفيد منه المجتمع الذي كان السبب في حصوله على المهارات - عقد الندوات واللقاءات لتثقيف المجتمع هي إحدى وسائل العطاء.
• المشاركة في المهرجانات العامة والمناسبات الوطنية هي قمة العمل لصالح المجتمع، وذلك لتنمية روح المواطنة الحقة. حملات النظافة ومهرجانات الأعياد كلها تتطلب من يقوم بها وينظمها، وكلها أعمال تصب في خدمة المجتمع. المشاركة في حالة الكوارث الطبيعية هي أيضاً مشاركة محمودة وضرورية.
• تنظيم حفلات المجدين والمتفوقين من الطلاب هو عمل عظيم لما له من تأثير إيجابي على الطلاب وذويهم.
• المشاركة في برامج مساعدة الأيتام والعجزة وذوي الحاجات الخاصة، يعزز قيم المجتمع، ويشيع الرضا بين أهالي هذه الفئات من مكونات المجتمع، من الطبيعي أن نسمع من بعض العاملين في خدمة المجتمع والعمل التطوعي بالكم الهائل من الإحباط لعدم تفهم بعض الأشخاص العمل الاجتماعي، وعدم مشاركتهم. لكن واجب العمل التطوعي ومن يقوم به يعترف بوجود الأفراد الذين لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب. ومن هؤلاء نتعلم أكثر، ويجب أن يكون هناك إصرار أكبر على العمل، فلا يجب أن يحرم المجتمع من الرعاية والخدمة نتيجة عزوف البعض عن العمل التطوعي.
في الختام يجب أن نعلم أن الاختلاف في طباع البشر رحمة - فمن هذا الاختلاف نتعلم الجيّد ونبتعد عن السيئ. مع التوفيق للجميع في خدمة المجتمع.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5077 - الأحد 31 يوليو 2016م الموافق 26 شوال 1437هـ
مع كل التقدير للمجموعه القليله المتبقيه العمل التطوعي مات من الداخل .