حظرت مدينة بازارجيك البلغارية ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وتفرض غرامات مالية على المخالفين.
ويربط البعض بين ظهور النقاب وبين تنامي التيارات الإسلامية المتطرفة. الروبورتاج التالي يكشف عن الأسباب وردود الفعل. قبل أيام قليلة عرضت ميليسا كالرتالوفا (16 عاماً) نفسها لخطر كبير. فقد خرجت من بيتها مرتدية النقاب، وقادت سيارتها لتزور أحد الأقارب.
وبعد مرور وقت قصير على خروجها أوقف رجل شرطة سيارتها واقتادها إلى مركز للشرطة. فقبل شهر بدأت مدينة بازارجيك البلغارية (جنوب غرب البلاد) في حظر كلي للنقاب. لكن هذا الحظر ليس جديداً في تاريخ بلغاريا التي سبق لها تطبيقه في الثمانينيات من القرن الماضي إبان النظام الشيوعي، لكنه رُفع من جديد منذ 1990. بيد أن الوضع الآن في بازارجيك مختلف.
وتعاقب سلطات المدينة المنقبات في الأماكن العامة بغرامة تصل إلى 150 يورو. وفي حال تكرار الأمر ترتفع الغرامة إلى 500 يورو، وهو مبلغ يتجاوز متوسط الرواتب في بلغاريا. إصرار البعض على ارتداء النقاب رغم الغرامات وعن تجربتها تقول ميليسا كالرتالوفا التي سبق لها أن دفعت غرامة مالية لذات السبب: "لما كنت في مركز الشرطة طلب مني المسؤولون أن أنزع النقاب".
وتضيف أنها لا تستطيع وصف مشاعر الحشمة التي شعرت بها وهي مضطرة لإظهار وجهها أمام الكثير من رجال الشرطة. أما اسفيتلا ( 40 عاماً) التي تجلس بجانب ميليسا على الأرض في مسجد "أبو بكر" في بازارجيك، فتصف ماحدث بأنه "إذلال مستهدف".
ويصل عدد النساء المنتميات إلى مجموعة مليسا وسفيتلا، اللواتي يرغبن في ارتداء النقاب إلى 30 امرأة. وسبق لسبعة أو ثمانية منهن أن دفعن عقوبة ارتدائه، كما تقول مليسا وسفيتلا اللتان ترفضان التقاط صورة لهما. أما رئيس الشرطة إيفان غينتشيف، فلا يريد تأكيد هذه المعلومات أو نفيها. وأجاب على طلب لـDW كما يلي: "أنا أعرف تقاليد وعادات ودين وحياة هؤلاء الناس، ولكن لا أريد أن أعلق على ذلك". ضغوطات نفسية في الأماكن العامة يصل عدد الغجر في الأحياء التي يقطنونها في المدينة إلى حوالي 30 ألف شخص. ثلثا هذا العدد ينطقون بالتركية وينتمون إلى الدين الإسلامي، حسب روايتهم. مسجدهم الذي يحمل اسم "أبو بكر" أصبح معروفا في بلغاريا بسبب التهم الموجهة إليه بأنه على صلة بـ "نشر الإسلام الراديكالي" من طرف "14 من رجال الدين الذين كانوا يشرفون على الأمور الدينية في محيطهم".
ومن بين المتهمين أحمد موسى وهو زوج سفيتلا، الذي يقضي عقوبة بالسجن منذ ستة أشهر. وفي البداية كانت سفيتلا تزوره بانتظام لكنها توقفت عن ذلك.
وعن سبب انقطاعها عن زيارة زوجها تقول: "في البداية كانت موظفات السجن هن من يشرف على الزيارات، لكن الآن لا يوجد سوى الرجال..لا أستطيع أن أتصور خلع النقاب أثناء وجودهم، ولن أسمح لهم بتفتيشي، ولهذا يجب علي البقاء في البيت".
ومنذ بداية حظر النقاب في بازارجيك، فغالبية النساء لا يغادرن بيوتهن. ولهذا السبب بدأ بعض الرجال يطلبون من زوجاتهم نزع النقاب: "هن يتعرضن ببساطة للضغوطات عندما يرافقن الأولاد إلى المدرسة أو عندما يذهبن للتسوق"، توضح سفيتلا. نظرة مختلفة للنقاب وينظر الكثير من المسلمين في بازارجيك إلى النقاب بشكل مختلف. ويرى صاحب مقهى قرب مسجد "أبو بكر" بأنه "لن يفهم يوما لماذا ترتدي النساء الحجاب". وأضاف صاحب المقهى أنه يذهب للصلاة في مسجد في وسط المدينة، حيث لا توجد "مثل هذه الأمور". رغم ذلك فصاحب المقهى ليس مع حظر الحجاب ويقول: "دعهن يتجولن كما يردن".
أما أخوان يشتغلان في ورشة لاصلاح السيارات وسط المدينة فيعتبران الحظر بمثابة إجراء أمني: "عندما تمشي امرأة في الشارع بلباس يخفي كل جسدها ووجهها فيمكن أن تخفي فيه كل شيء كالقنابل أو ما شابه ذلك". وتخرج العديد من النساء المسلمات في بازارجيك بثياب غربية.
ويرى الإمام علي سليم ( 32 عاماً) من بازارجيك أن النقاب ذكر في القرآن مرتين. لكن أثنين من أصل أربعة من أهم مفسري القرآن يقولون إن المرأة يجوز لها أن تُظهر وجهها. ويوجد داخل المجتمع المسلم في بازارجيك حوالي 20 ألف شخص منقسمون بين الرأيين. رغم ذلك، فغالبيتهم يتذكرون كيف اختفى النقاب في السبعينيات ببطء في شوارع البلاد. ففي الثمانينيات من القرن الماضي منع الشيوعيون مختلف أنواع الملابس الإسلامية في بلغاريا، ومن بينها بعض أنواع قبعات الرجال. وكان ذلك جزءا من القمع الذي مارسته السلطات ضد الأقلية المسلمة.
وفي منتصف التسعينيات ظهر النقاب من جديد منذ أن شيد يشار مصطفى وأحمد موسى مع بعض جيرانهم المسجد الجديد في المدينة. ومنذ ذلك الحين، بدأ النقاب ينتشر من جديد لكن ليس على نطاق واسع، حسب المحاورين الذين التقيتهم في بازارجيك.
ما منعوا النقاب الا بسبب استغلال الارهابيين له للقتل و التفجيرات