أعتقد أن النائب الذي تقدم باقتراح تعديل تشريعي بقانون الجمعيات الأهلية والاتحادات الرياضية يحظر انتخاب رئيس أو عضو مجلس الإدارة بالجمعية أو الاتحاد لأكثر من دورتين متتاليتين... قد جانبه الكثير من التوفيق في الطرح.
النائب الموقر - ولا شك في أنني أكن كل تقدير واحترام للجميع - برر الفكرة التي تقدم بها باعتبار الاقتراح بقانون هدفه الرئيسي كسر سيطرة بعض الوجوه على مقاعد مجالس الإدارات بمؤسسات المجتمع المدني والاتحادات الرياضية... وأن بعض هذه الوجوه تسيطر على مجالس إدارات الجمعيات أو الأندية الثقافية أو الاجتماعية طوال سنوات دون تغيير ودون إعطاء الفرصة لجيل جديد راغب في تولي هذه المهمة.
ونحن بدورنا نسأل النائب «هل هؤلاء الذين تراهم يسيطرون على مقاعد مجالس الإدارات، جاؤوا بالانتخاب الحر النزيه المباشر، أم هبطوا على مقاعدهم بأمر من السماء، أم وصلوا إلى كراسيهم على أسنة الرماح وظهور الدبابات؟».
الجميع في واقع الأمر يعلم أن هذه المناصب شرفية وتطوعية، وتتم بالانتخاب الحر المباشر من أعضاء الجمعيات العمومية لهذه الاتحادات الرياضية أو الجمعيات الأهلية بأصنافها «اقتصادية وسياسية وثقافية وخيرية واجتماعية وغيرها»، وأغلب الرؤساء وأعضاء مجلس الإدارة هم في الغالب ممن يقدمون الدعم المادي والمعنوي، والجهد والوقت اللازمين لخدمة هذه الجمعيات، التي تحتاج لعمل دؤوب ومستمر، ولو هناك خير منهم لأداء هذه الأدوار، لتقدم للمناصب وحصل على الكراسي عن طريق الانتخابات، فلا أحد يقف حائلا بين أي شخص ورغبته في الترشح.
وهنا أتحدث في العموم، ولا أقصد أحدا بعينه أو جمعية أو اتحادا بعينه، لكن من المعروف للجميع أن موارد هذه الجمعيات جدا محدودة والأوضاع الاقتصادية معلومة للجميع -بدون الدخول في تفاصيل- ومعنى تطبيق الاقتراح الذي تقدم به النائب الموقر، هو بكل تأكيد سحب الكثير من الكفاءات وكبار الشخصيات الداعمة لهذه الجمعيات، بجهدها ووقتها ومالها؛ لأن أغلبها أتم بالفعل دورتين وربما أكثر.
لذا فإن الاقتراح سيفرغ هذه الجمعيات من الكوادر وأصحاب الخبرات بشكل تام، وربما يدخل بعض الشخصيات الطامحة أو الطامعة في هذه المناصب، ولكن على غير قاعدة عادلة من التنافس المبني على رغبة وإرادة الجمعيات العمومية، دون عوائق قانونية أو قيود.
لكن يبقى السؤال لماذا فرض التغيير بالقانون وليس بإرادة الناخبين؟ هل من المنطقي أن نخلي الساحة من الشخصيات التي تحوز على ثقة أعضاء الجمعيات العمومية بحجة أنها متكررة، لنخلي الساحة لشخصيات لم تستطع الحصول على هذه الثقة ضمن منافسة شفافة وشريفة وهي «عملية الانتخابات»!
الاقتراح يضع العشرات من علامات الاستفهام والأسئلة المباشرة بشأن الهدف الحقيقي من ورائه، لأن أحدا لم يمنع الوجوه الجديدة والمبتكرة والنشيطة، وأي وصف تشاء أن تطلقه على أي شخص، من التقدم بأوراقه والترشح في مواجهة المنافسين الحاليين، وإقناع الجمعيات العمومية برؤيته وأفكاره وخطة عمله، وبالتالي يتمكن من الفوز والوصول لمبتغاه.
أما إخلاء الساحة بهذا الشكل «القانوني» فهو أسوأ استغلال لسلطات النائب، في تقويض حرية الاتحادات والجمعيات العمومية، واختيارات أعضائها لمن يمثلهم في مجالس الإدارات، ثم ما هي الأرضية التي اعتمد عليها النائب في طرحه؟ هل رصد شكاوى مثلا من تزوير إرادة الجمعيات العمومية، فانتخبوا شخصا ثم وجدوا آخر محله، أم ماذا؟ نحن نريد أن نصل للدافع من وراء الاقتراح... ونتمنى ألا يكون الدافع شخصيا بحتا.
وقول النائب أن كثير من الجمعيات الأهلية والاتحادات الرياضية والأندية ضعيف الأداء، وغائبة عن التأثير على الساحة الوطنية؛ بسبب العقلية القديمة التي تدار بها هذه المؤسسات، مما يتطلب التدخل التشريعي لتصحيح المسار... فهذا مردود عليه بأن التدخل لا يجب أن يكون تشريعيا بقدر ما يكون توعويا وتثقيفيا وإعلاميا، فلو استطاع من توفر لهم هذه الفرصة أن يقنعوا الأعضاء بفكرهم المتجدد، وخططهم ورؤيتهم المبتكرة، سيصلون بكل تأكيد للهدف المطلوب دون تغيير تشريعي؛ لأن الأخير هذا يدخل في خانة «الإجبار» على التغيير ولو ضد إرادة الجمعية العمومية نفسها.
أما ما يضع علامات تعجب أكثر بشأن الاقتراح، هو أن مجلس النواب ذاته لا يوجد به حد أقصى للترشح في الدورات النيابية المتتالية، ولو كان النائب جادا في طرحه حريصا على تغيير الوجوه، والدفع بدماء جديدة فكان من باب أولى أن يقدم الاقتراح لمجلس النواب الذي هو عضو فيه.
فيمنع النائب من الترشح لدورتين متتاليتين، ويتيح الفرصة لغيره من أبناء الوطن لخدمة بلدهم، والاستفادة من خيراته، علما بأن المترشح في الجمعيات الأهلية والاتحادات الرياضية هو في الأصل «متطوع» لا يحصل على مكافأة أو راتب أو تقاعد أو جواز سفر دبلوماسي له ولزوجته وأبنائه -وربما أبناء جيرانه أيضا- وغير هذه من مزايا، أما النائب فالجميع يعلم الامتيازات والمكافآت التي لا حصر لها والتي يتحصلون عليها، فمن باب أولى أن يكون الاقتراح بقانون من نصيب مجلسك الموقر يا حضرة النائب.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5069 - السبت 23 يوليو 2016م الموافق 18 شوال 1437هـ
بل، هالنائب كلامه خطير .. لوين يريد يوصل من وراه
كان حريا بالنائب ان يسن قوانين تخدم من رشحوه وان يتلفت للملفات الموجوده في الادراج.لا ان يسن قوانين نضر بالمصلحه العامه
مشكلتنا ان النواب ما عندهم الكفاءة والفطنة في العمل التيابي وإلا واحد يقترح ما يعرف فوائد اقترحه ومساوئه على المجتمع كيف يصير نائب؟