(كلمة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الموافق 20 يوليو/ تموز 2016)
لقد بلغت حدة التشريد القسري مستويات غير مسبوقة، حيث ان عدد المشردين من ديارهم يصل إلى أكثر من 65 مليون شخص في العالم كله. ذلك أن النزاعات الجديدة والمتكررة وأشكال العنف والاضطهاد التي تبعث أكثر من أي وقت مضى على القلق تضطر الناس إلى الفرار بحثا عن الأمان داخل بلدانهم، أو إلى عبور الحدود الدولية بصفتهم ملتمسين للجوء أو لاجئين. بينما يعيش آخرون في منفى طويل الأجل، حيث تظل تسوية النزاعات التي طال أمدها بعيدة المنال. وفي نهاية عام 2015، كان هناك 21.3 مليون لاجئ، و3.2 ملايين شخص هم في صدد التماس اللجوء، و40.8 مليون شخص من المشردين داخل بلدانهم.
واليوم العالمي للاجئين هو لحظة يراد بها الوقوف على الأثر المدمر للحرب والاضطهاد على حياة أولئك الذين أجبروا على الفرار، ولكنه أيضا فرصة للتنويه بما يتحلون به من شجاعة ومن قدرة على الصمود. وهو أيضا لحظة للإشادة بالمجتمعات والدول التي تستقبلهم وتستضيفهم، في كثير من الأحيان في مناطق حدودية نائية تعاني من الفقر وعدم الاستقرار والتخلف، وبعيدا عن أنظار المجتمع الدولي. ويعيش اليوم 9 من كل 10 لاجئين في بلدان فقيرة ومتوسطة الدخل توشك النزاعات على الاندلاع فيها.
وفي السنة الماضية، وصل ما يزيد على مليون من اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا بعد عبور البحر الأبيض المتوسط على متن زوارق غير صالحة للإبحار وفي قوارب واهية. لكن الآلاف منهم لم يصلوا إلى بر الأمان، مما يشهد شهادة مأساوية على فشلنا الجماعي في معالجة محنتهم. وفي الوقت نفسه، أضحت الخطابات السياسية المثيرة للشقاق بشأن قضايا اللجوء والهجرة، وكراهية الأجانب المتنامية، والقيود المفروضة على اللجوء بادية للعيان أكثر فأكثر في بعض المناطق، وحلت محل روح المسئولية المشتركة خطابات مفعمة بالكراهية والتعصب. ونشهد تزايدا يثير القلق في اللجوء إلى إجراءات الاحتجاز وإلى بناء الأسوار وغيرها من الحواجز.
وضوضاء الخطابات المناوئة للاجئين من الشدة بحيث أضحى أحيانا من الصعب سماع أصوات الترحيب بهم. ولكن هذه الأصوات موجودة فعلا في شتى أنحاء العالم. ففي السنة الماضية شهدنا، في كثير من البلدان والمناطق، مظاهر رائعة لروح التعاطف والتضامن الجياشة، حينما فتحت عامة الناس والمجتمعات أبواب منازلها أمام اللاجئين وأخذتهم في أحضانها، ورحبت دول بالوافدين الجدد رغم أنها تستضيف فعلا أعدادا كبيرة من اللاجئين.
وهناك حاجة ملحة إلى الاقتداء بهذه الأمثلة الإيجابية وتعظيم أثرها. ومواقفنا من اللاجئين يجب أن ترتكز على قيمنا المشتركة المتمثلة في تقاسم المسؤوليات، وعدم التمييز، وحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين، بما في ذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية. وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2016، سيتيح الاجتماع العام الرفيع المستوى للأمم المتحدة المعني بحركات النزوح الكبرى للاجئين والمهاجرين فرصة تاريخية للاتفاق على ميثاق عالمي تتبوأ فيه مبادئ الالتزام بالعمل الجماعي من أجل اللاجئين وزيادة المسئولية المشتركة إزاءهم مكان الصدارة.
ويجب علينا أن نقف جميعا إلى جانب الملايين من الرجال والنساء والأطفال الذين يفرون من ديارهم كل سنة، لكفالة حماية حقوقهم وكرامتهم أينما كانوا، ولجعل مبدأي التضامن والتعاطف في صميم استجابتنا الجماعية.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 5066 - الأربعاء 20 يوليو 2016م الموافق 15 شوال 1437هـ
ولاتنسى كذلك مبدأ القلق وأن تضمه الى المبادىء