لا تعرف قدرات الأشخاص، وخصوصا الرؤساء التنفيذيين، إلا في وقت حدوث الأزمات، الاقتصادية منها وغير الاقتصادية. الطريقة التي يتصرف بها القائد لمواجهة الأزمات تحدد ماهيته وقدراته وجدارته من عدمها. والأزمات الاقتصادية والتباطؤ الاقتصادي لها الكثير من الأسباب نورد بعضا منها:
-أزمات مالية خانقة متعلقة بالمضاربات في البورصة، وانخفاض قيمة العملات الأجنبية.
- انخفاض أسعار عوائد النفط أو المشتقات الأخرى.
- انهيار أسعار العقار والاستثمارات.
- وجود أزمة سياسية في بلد ما، بما فيها الحروب.
- كوارث طبيعية تسبب أضرارا مادية كبيرة.
حدوث أي من هذه الأزمات يمكن أن يخلق تحديات وفرصا. فالتحديات تشمل التعامل مع تأثير الأزمة بطريقة مهنية، تحد من تأثيرها السلبي على الشركة باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على الشركة وأصولها واستمراريتها. والأزمات بصفة عامة هي فرصة للمدير القائد من الاستفادة منها في تجربة الخطط الموضوعة للطوارئ. من المعروف بأن المصارف والشركات الكبيرة تضع خطط طوارئ للتعامل مع الأزمات، وقد تبقى تلك الخطط حبيسة الأدراج من دون تجربتها للتأكد من سلامتها وكفاءتها. ولذلك فإن القائد الناجح يستطيع استغلال ظرف حصول الأزمة بتجربة خطط الطوارئ الموجودة وإجراء التعديلات اللازمة عليها.
من المعروف بأن الأزمات والتباطؤ الاقتصادي هي المقياس الحقيقي لكفاءة الإدارة في الشركات، وطريقة تعاملها تجاه هذه الأزمات، يظهر درجة الاستعداد من عدمه. في ظل الظروف الاعتيادية للشركات؛ أي من غير الأزمات، فإن سوء تقديم الخدمات للعملاء -على سبيل المثال- قد لا يحصل على العناية والاهتمام من الشركة، حيث أن المبيعات تكون في الغالب على ما يرام، والشركة تحقق الأرباح، فلذلك قد لا تهتم الإدارة بسوء مستوى تقديم الخدمات. ولكن الأزمات تظهر مساوئ الشركة بما يخص تقديم الخدمة، والمدير الناجح يستطيع خلق الفرص من الأزمات، ومنها تحسين تقديم الخدمة.
وفي شأن الاستفادة من حدوث الأزمات توجد هناك طرق وحلول سهلة وأخرى ليست سهلة. فالحلول السهلة تشمل خفض المصاريف والاستغناء عن العاملين وتخفيض حجم العمل. وللأسف الشديد هذه هي الحلول السهلة التي يتبعها معظم المدراء على رغم قلة شعبيتها. ولكن المدير الذي له حس القيادة، يمكن أن يتصرف بطريقة أخرى من خلال الاستفادة من الوضع الذي تخلقه الأزمات. مراجعة الإستراتيجية وخطط العمل وتدريب الموظفين، والنظر في تقديم خدمات أو منتجات جديدة، كلها أمور تستحق النظر فيها، والاستفادة من الوقت المتاح بسبب الأزمة. وهذا يعني مراجعة أمور الشركة بصفة شاملة، حيث أن الوقت المتاح والذي تخلقه الأزمات يمكن استثماره في مراجعة أمور الشركة.
المدير القائد لا يستطيع التحكم في التغيرات الاقتصادية الناتجة عن الأزمات، ولكنه يستطيع خلق المناخ المناسب الذي يعزز الطمأنينة وروح الأمان للعاملين في الشركة. وإحدى الفرص المهمة التي يستطيع المدير الناجح استغلالها خلال الأزمات، مراجعة حاجة الشركة للكفاءات والخبرات، ووضع برنامج تدريبي للعاملين لسد أي فجوة بين حاجة الشركة وما هو متوافر بين العاملين. هذا يعني توجيه برامج التدريب للعاملين لسد أي نقص في المعارف والخبرات، والاستعداد للانطلاق للمستقبل عندما تتحسن الظروف الاقتصادية.
قد يقول قائل، إن الاقتصاد الحر لا يعترف إلا بتقليص النفقات للحصول على مزيد من الأرباح. وعندما تحصل الأزمات فيمكن أن تستغني عن العاملين وتعيد التوظيف عندما تعود الحالة الاقتصادية إلى حالها. طبعا، هذا ما تتبعه معظم الشركات على مستوى العالم، ولذلك تساهم تلك الشركات في مزيد من الصعوبات لاقتصاد البلدان من خلال خلق أزمات اجتماعية أكبر تتمثل في أعداد العاطلين الكبيرة. وفي دراسة لمجموعة «جالب»، بينت بأن إشراك العاملين وقت الأزمات في مراجعة الإستراتيجات الخاصة بالشركة ساعد على زيادة مشاركة العاملين بنسبة 12 في المئة في استقطاب عملاء جدد، عما كان عليه قبل الأزمات، وزيادة الإنتاجية 18 في المئة. كما وجدت بأن عدم اشراك العاملين في مراجعة امور الشركة وقت الأزمات، زاد من المخزون من البضائع غير المباعة بنسبة 51 في المئة، ونسبة ترك الخدمة من قبل العاملين -معدل الدوران- 51 في المئة، وزيادة نسبة الحوادث في الشركة بنسبة 62 في المئة أكثر مما كان عليه قبل الأزمة.
ولذلك يستطيع المدير القائد الناجح أن يستفيد من الأزمات من خلال مجموعة من الخطوات نذكر بعضها في الآتي:
- معاملة العاملين كبشر، ومشاركتهم وإطلاعهم على حقيقة تأثير الأزمة على مجمل أعمال الشركة، وتشجيعهم على الإدلاء بأفكارهم ومقترحاتهم وتقديم الحلول للتعامل مع الأزمة. في الغالب سيقوم العاملون بتقديم حلول قد لا تخطر على بال؛ لأن مصلحتهم مشتركة مع بقاء الشركة، ولإحساسهم بالأهمية عندما تعطي لهم الفرصة للمشاركة في ايجاد الحلول.
- يجب على المدير التعامل في الأزمات بشفافية حتى لا تكون هناك فرصة للإشاعات السلبية، وأن يسمع العاملون عن تطورات التعامل مع الأزمة من الشركة، وليس من خارج الشركة.
- يمكن أن يخصص المدير حوافز للعاملين الذين يأتون بحلول مميزة للتعامل مع الأزمة، القادة يعرفون بما ينجزون وليس بما يقولون أو يتفوهون.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5063 - الأحد 17 يوليو 2016م الموافق 12 شوال 1437هـ
لن ينجح اى قائد فى العالم وخصوصا عالم العربي وهو بعيد عن الله كلهم الي صار بعيد عن الله صارت حياة شعوبهم دمار الله يهلك الظالمين
نعم نعم اخر الازمات ازمة تركتا عندما قادة القائد العظيم اردوغان بلده بسواعد ابنائه الى بر الامان من الدبابات الاليه الى الدبابات بالبشر .