العدد 5060 - الخميس 14 يوليو 2016م الموافق 09 شوال 1437هـ

العلاج النفسي... لماذا لا ينجح لدينا؟

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

العلاج النفسي والذي أقصده هنا، هو العلاج النفسي بجميع أنواعه غير العلاج الدوائي والذي لايزال هو المسيطر على ساحة علاج الأمراض النفسية والعقلية بشكل كبير، بينما العلاج النفسي، كالعلاج السلوكي والمعرفي والإرشادي وتكلفته الباهظة للمعالج حتى يصبح مؤهلاً تأهيلاً رسميّاً لا يلقى اهتماماً كافياً.

ولكن واقعيّاً هنا... أنه لا يلقى اهتماما كافيا سواء من بعض الجهات الرسمية، أو من الأفراد أنفسهم وعلى رغم ازدياد الكثير من الاضطرابات في الفترة الأخيرة مثل القلق والوسواس القهري، اضطراب القلق العام، الرهاب الاجتماعي، كذلك اضطرابات الهلع واضطرابات ما بعد الحوادث المؤلمة، وكذلك بعض أنواع الاكتئاب وبعض الاضطرابات الشخصية، في هذه الاضطرابات التي ذكرتها قد يكون العلاج الدوائي محبذاً في البداية، لكن العلاج الرئيسي فيه هو العلاج النفسي، وخاصةً العلاج السلوكي - المعرفي.

ثمة أسباب قد تكون واضحة وأخرى غير واضحة لجميع من يعمل في مجال الصحة النفسية. وأولها هو قلة المتخصصين في المجال النفسي المؤهلين والمرخصين وعدم التمييز بينهم وبين من يدعون أنهم مؤهلون وقد يكون القرار الأخير بتحديد المهن الطبية المعاونة والترخيص، له رادع لهؤلاء المتعدين على المهنة من غير المتخصصين.

ومن الاسباب كذلك أن العلاج النفسي غير الدوائي قد يتطلب وقتا وتعاونا أكثر من قبل المريض وحتى الاهل وهو ما يتكاسل عنه الكثيرون رغم أن الحقيقة التي يجب الاعتراف بها أن بعض الاضطرابات النفسية يتم علاجها عن طريق المعالج النفسي أفضل من علاجها بالأدوية حتى في رأي الأطباء أنفسهم. فقد تعطي الأدوية النفسية مفعولاً سريعاً لعلاج بعض هذه الاضطرابات لكن إيقاف العلاجات النفسية يجعل المريض ينتكس مرة أخرى، بينما تشير الدراسات العلمية إلى أن العلاج النفسي إذا قام به شخص مؤهل علمياً وعملياً فإن الانتكاسة تقل بشكل كبير.

ولعل من أهم الطرق العلاجية غير الدوائية والتي يتجه لها حاليا هو العلاج المعرفي والذي غالباً ما يكون ذا فائدة أكثر إذا كان متزاوجاً مع العلاج السلوكي، واصبح هذا النوع من العلاج مجالاً خصباً للتجارب والدراسات لعلاج كثير من المشكلات النفسية، وهو يعتمد أساساً على تغيير أفكار المريض السلبية المرضية بطرق علمية مقننة تساعد المريض على تغيير أفكاره السلبية المرضية وتحييدها ثم استبدالها بأفكار إيجابية تخلّص المريض من هذه الاضطرابات التي يستجيب فيها المرضى لهذا النوع من العلاجات. وكما أسلفت فإن تزاوج العلاج السلوكي مع العلاج المعرفي ذو فائدة كبيرة في علاج اضطرابات القلق المتعددة وكذلك بعض الاضطرابات الشخصية، وكذلك علاج الاكتئاب بصورة فاعلة لا تقل عن تناول الأدوية المضادة للاكتئاب.

ولا يقتصر دور المعالج النفسي على المشكلات النفسية فقط بل في الوقت الحالي يمتد في بعض المستشفيات بالخارج الى التعامل مع قضية المريض الطبية، حيث يتعامل مع القلق لدى المريض وعائلته وتثقيفهم حول سبل التعامل مع الأمور الطبية.

كما يقومون بتوضيح أمور ضرورية متعلقة بالمريض مثل: غسل الكلى، وأمراض الدم والأورام، والعمل، والاعتداء على الأطفال والكبار، ورعاية المسنين، والصدمات النفسية، وكذلك دعم مرضى السرطان وعائلاتهم.

والحقيقة أن مهنة العلاج النفسي والعقلي ليست مجرد مهنة علمية راقية وتخصصية وحسب. لكنها رسالة إنسانية نبيلة، إذ تستهدف تحرير الفرد مما يكابده من ألم وقلق وصراع والانطواء على الذات والانسحاب من الحياة الاجتماعية.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 5060 - الخميس 14 يوليو 2016م الموافق 09 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:09 ص

      انا أتردد كثيرا على الطب النفسي ولدي ملف و العلاج بالأدوية لم يفيدني مع العلم بأن زوجي موفر لي سبل الراحة من فيلا كبيرة و ضخمة وخدم و وصيفات و طباخين مهرة و مرتاحة في عملي و اعشقه ولاتوجد مشاكل بيني وبين الادارة او الطالبات و اولياء أمورهن

    • زائر 6 | 2:35 م

      فكرة رائعة...

    • زائر 5 | 5:04 ص

      تواصل

      بصفتي أحد المرضى النفسيين أقترح أن تكون شبكة تواصل بين المرضى ذات الصلة مثل مرضى الاكتئاب أو مرضى القلق أو الوسواس القهري كي يستفيد المرضى من بعضهم البعض ف تجاربهم الشخصية ف كيفية التخلص أو الحد من حدة المرض.

    • زائر 4 | 3:06 ص

      عسل عسل عسل

      ماعندي سالفه بس حبيت آشارك

    • زائر 3 | 1:35 ص

      بصفتي فرد له علاقة مباشرة مع احد المرضى النفسيين فإني حاولت مع الطبيب استخدام نوع آخر من العلاج و ليس فقط الاعتماد على العلاج الدوائي و لكن للأسف الطبيب لا يتجاوب معي و الأدوية لم تجد نفعا و لا تأثيرا مع مريضنا على الرغم من مرور عدة سنوات على متابعة الحالة من قبل نفس الطبيب

    • زائر 2 | 12:23 ص

      العلاج يحتاج إلى وسط اجتماعي غير مريض و هذا غير متوفر للأسف. البعض حتى طريقة سلامه تسبب الأذى، أتمنى أن يساعد التطور الحضاري والانفتاح على الشعوب الأخرى في ارتقاء هذه المجتمعات.

    • زائر 1 | 11:09 م

      مافي طبيب عدل في المستشفى النفسي

اقرأ ايضاً