منذ أن سمح بتكوين الجمعيات السياسية في البحرين، وعدد منها صار يتدافع ليأخذ حظه في السيطرة على ما تصل إليه يداه من مؤسسات المجتمع المدني، وذلك اعتقادا منها (الجمعيات) أنها بذلك إنما تؤمّن فكرها وترسخه في المجتمع، وأن تحوّل هذه المؤسسات المدنية إلى أذرع سياسية لها.
تجارب عالمية كثيرة في هذا المقام ليست مبشرة بالكثير من الخير، إذ إن هذه المؤسسات المدنية - وخصوصا النقابات - «توحشت» وصارت تبطش باسم العدل، وتثبيت القانون، وإرجاع «العُصاة» إلى جادة الصواب، إذا ما فكر أحد أن ينشق أو ينسلخ أو أن يكون له رأي مخالف.
هذا التاريخ هو ما سيحاول المنافحة عنه المستفيدون دائما، وهم بذلك إنما يحاولون التعامي عن الحقائق التي ناهضوا وجودها في الانتخابات البلدية والبرلمانية حين فازت تكتلات ليست قريبة من توجهاتهم، أو على النقيض منها.
ولن نذهب بعيدا عند التدليل على هذا القول، فيمكننا التعرف على أكثر من مؤسسة مجتمع مدني كادت تنفلت جراء حمى السيطرة والاستحواذ أو ما يسمى بـ «الاختطاف»، وكم من تحالف لم يصمد جراء هذه الرغبة الساخنة والعارمة في تطويع المساقات في اتجاه التيار المسيطر.
إن استشراء لون واحد من الأفكار، والخطوط السياسية ذاتها في مكان ما يفجر غالبا المؤسسة من الداخل التي تبدو في الظاهر في حال وفاق ووئام، ويظهر الصور الأعضاء مبتسمين في أعقاب الاجتماعات، وهي ابتسامات مجاملة، ولكنها سرعان ما تصاب بطفح جلدي من الأمراض لا يمكن أن يخفى
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 505 - الجمعة 23 يناير 2004م الموافق 30 ذي القعدة 1424هـ